كيف أصبحَ عادل عبد الجبار حيواناً أليفاً؟

خاص- ثقافات

*حازم شحادة 

قبلَ خمسِ سنين، وفي اليومِ الذي تزوّجَ فيه، انتهت القصة.
حينها، لم يُوقّع عادل عبد الجبّار أمامَ ذلكَ القاضي اللطيفِ على عقدِ زواجٍ بل على عقدِ تحوّلٍ إن جازَ التعبير.
في ذلكَ اليوم..
وافقَ بكاملِ قواهِ العقليةِ على التحوّلِ من كائنٍ برّي مفترس، إلى حيوانٍ أليف.
رفعَ الراية البيضاءَ وألقى سلاحهُ أمامَ قدمي زوجتهِ الجميلة دونَ قتال.
أمّا بداية القصةِ فكانت قبلَ ثلاثة وعشرين عاماً، حين كانَ في الحادية عشر من العمر.
في ذلكَ الزمنِ البعيد استدرجتهُ صبيةٌ تكبرهُ بسبعِ سنواتٍ إلى غرفتها وأمسكت يدهُ بيدها ثم راحت تفركُ نهدها.
كانَ مستلقياً إلى جوارها وبالكادِ يدركُ العالمَ الذي دخلَ إليه.
يذكرُ عادل تماماً كيفَ كانَ مأخوذاً بملمسِ حلمتهَا وهي تعصرُ ثديها بيدهِ ثم كيفَ انفجرَ ينبوعُ الحياةِ داخلَ عروقهِ حين فكّت عروة بنطالهِ بهدوءٍ وهي تبتسم ثمّ مررت عضوهُ على وجهها وأولجتهُ في فمها.
هكذا.. وبلمسةِ أنثى..
تحوّلَ من طفلٍ إلى رجلٍ.
لقد كانَ محظوظاً دون أيّ شكّ..
فخلالَ السنواتِ التسعِ التالية هطلت النساءُ عليه من حيثُ يحتسب ولا يحتسب..
هذهِ التي اكتفت بقبلاتٍ خفيفة.
تلكَ التي سمحت له بمداعبة نهديها.
ثالثة ذهبت معهُ إلى آخرِ حدودِ الجرأةِ.. إلى أن غادرَ الوطن.
للغربة ثمنها..
عاشَ عادل عبد الجبار في مدينة نفطية لكن براتبٍ متواضعٍ نسبياً.
في سوريا.. لم تكلفهُ جميعُ مغامراتهِ مع النساءِ درهماً واحداً.
لقد كانت علاقاته بهنَّ علاقاتٍ عاطفية إلى حدٍّ كبير وما يؤكد الأمر أنه ما زالَ يحفظُ أسماءهن جميعاً.
أمّا في البلدِ الغريب، الأمرُ مُعقد.
حتى تضاجِع.. يجبُ أن تدفع.
لكن كيف؟
من أينَ لهُ أن ينفقَ على النساءِ بهكذا مرتبٍ؟
كان عليهِ كحيوانٍ مفترسٍ أن يتحلّى بالإضافةِ إلى القوة.. بالذكاء.
هكذا راحَ يصطادُ الفرائسَ السّهلة.
فإذا لم تكن سهلةً وضعَ لها الطعم لتقبلَ باليسيرِ مقابلَ قبولهِ بالوقتِ القليل.
كانت جملتهُ الساحرة..
ـ آبراكادابرا..
طبعاً لم تكن كذلك أيها الحمقى..
لقد كانت..
ـ نصفُ ساعةٍ تكفي.
ذاتَ يومٍ، وكان في الحانةِ يعاقرُ الخمرَ منتظراً على أحرّ من الجمر فريسة يمكنهُ الإتيانُ عليها، لمحَ عادلٌ شعراً أسوداً كالليل ينسدلُ على ظهر فتاة ناصعةِ البشرة لو كان للممثلة التونسية درّة شقيقة توأم لما كانت لتشبهها أكثرَ من هذي..
تدلّى لسانهُ مصحوباً بالكثير من اللعاب حتى صارَ قاب قوسين أو أدنى وضاقت حدقتا عينيهِ بينما كانتا تنظرانِ صوبها ثم اختفى صوتُ الموسيقى الصاخب من أذنيه فنهض عن كرسيه حاملاً سيجارته بيدٍ وكأسَ خمرهِ بيدهِ الثانية وحين أصبحَ قربها قال:
ـ الغرفة على بعدِ خمسِ دقائق بالسيارة، وكما تعرفين، نصف ساعة تكفي.. كم تريدين؟
طلبت مبلغاً عادياً مقابلَ نصف ساعة لكنه استطاع بعشر دقائقٍ من الحديث أن يشطبَ ثلثه.
أخذها إلى غرفة رخيصة فبدت على ضوء المصباح العادي أجمل ممّا كانت تبدو عليه تحت أضواء الحانة الملونة بخفوت، لا بل إنها بدت بريئة بالنسبة لعاهرة.
معاملتهُ للعاهرات تختلف قليلاً..
فكمَا تعلمون هناك موضوع الإيدز الذي غزا تفكيرَ الجميعِ وزرعَ الخوفَ في النفوس لهذا كان عليهِ أن يجدَ طريقة معهن ترضيه دون أن تقلقه.

في فمها.. وبين نهديها.
كانت عملياتهُ العسكرية تقتصرُ على فمِ العاهرة ونهديها وهذه الفتاة الجميلة، رغم أنها جميلة إلا أنها تبقى عاهرة ولن يمنحها استثناءً كما أنه لا يؤمن بالواقي الذكري.
بعدَ أن قضى منها وطراً أعادها إلى مقرّها وهكذا فعلَ مع أكثر من خمسين امرأة..
نساءٌ من روسيا، أوكرانيا، جورجيا، الصين، تايلند، كوريا الشمالية..
لقد مرّ عليه وقت من الأوقات كان يضاجعُ فيه خلال الأسبوع الواحدِ ثلاثَ نساءٍ مختلفات.
بلغت به الدناءة أن قضى نصف ساعة مع امرأة هندية تشبه شقيقة الفنان الأمريكي مايكل جاكسون.. لكنه لم يسمح لها إلا باستخدامَ نهديها في تنفيذ المهمة.
هذه الفريسة كانت ضمن تصنيفه للنساء.. أشبه بالجيفة.
لقد كانَ موهوباً بالفعل.
بمبلغٍ لا يعادلُ راتب شهرين استطاعَ أن يترك نطافهُ فوق شفاهِ خمسين امرأة من شتى بقاع الكوكبِ الأزرق حتى أن إحداهن قالت ذات يوم:
ـ لا أريدُ منك نقوداً.
إحداهنَّ كانت تلعق بلسانها كل سنتيمتر من جسدهِ حتى أصابع قدميه.
كان عادل عبد الجبار ماضياً كصاروخ السوخوي نحو هدفهِ لاجتيازِ حاجز الألف امرأة.. لكنه..
تزوّج.
ليس يدري كيفَ وقعَ في غرام الفتاة الجميلة، الطيبة، الحنونة.. فتزوجها..
دخلَ القفصَ الفولاذي وأصبحَ عنصراً ضمن منظومةِ الزواج.
استيقظَ ضميرهُ وما عادَ قادراً على خيانة هذه المرأة .
أصبحَ رجلأً لامرأةٍ واحدةٍ وهو الذي كان يقول:
ـ امرأة واحدة تكفي بالطبع.. ليومٍ واحد.
خانَ تاريخه، غدرَ بأقوالهِ المأثورة عن مؤخراتِ النساء المتنوعة..
تخلّى عن زيادة رصيدهِ في السّجلِ الحافلِ بكافة أصنافِ الحلماتِ السمراءِ والزهريةِ، وحتى السوداء.
لقد تزوّجَ وانتهت القصة في ذلك اليوم العاصفِ أمام القاضي اللطيف..
لم يعد عادل عبد الجبار كائناً مفترساً ينهشُ ما تيسَّر له من لحمِ النساءِ..
هكذا أصبحَ.. حيواناً أليفاً.

___________
شاعرٌ وكاتبُ قصة قصيرة من سوريا

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *