إنه فيلم مغامرات تحريك كوميدي منجز بأسلوب “الثري دي” ومنتج من قبل استوديو بيكسار وموزع من قبل والت ديزني: تركز قصة هذا الشريط المبهر على السمكة الزرقاء الظريفة “دوري” ومغامراتها في طريق العودة لوالديها بعد أن فقدت…حيث يتم أسرها، ووضعها في أكواريوم كاليفورنيا، فيما يحاول صديقاها المخلصان “مارلين ونيمو” إنقاذها وإطلاق سراحها.
حقق هذا الفيلم أرباحا هائلة بعد عرضه عالميا وقد تجاوزت الـ 655 مليون دولار…يحدث أن تساعد دوري على تنشئة نيمو وتساعد والده مارلين، وفي يوم ما تتذكر فجأة طفولتها، وبأن لها عائلة، وتقرر السعي لإيجاد والديها، ولكن ذاكرتها قصيرة الأمد تقف عائقا، وجل ما تتذكره أنها كانت تعيش آمنة في زاوية ما بميناء “مورو”، ويتعاطف “مارلين ونيمو” لمساعدتها بالعودة لعائلتها، ويركبون أمواجا في كاليفورنيا، ولكن “مارد بحري مفترس” يجبرهما على الهروب، كما تنجو دوري بنفسها، ويطلبون النجدة من البحرية المجاورة، ويتم أسر دوري وإرسالها للحجر البحري بعد “وسمها”، وهناك تلتقي مع اخطبوط ودود بسبعة أقدام يدعى “هانك”، ويلاحظ فورا “وسم” دوري، الذي يشير بأن دوري ستعود لأكواريوم في “كليفلاند”، والذي يرغب “هانك” بالعيش فيه أيضا، لذا يوافق على مساعدة دوري مقابل إعطاء الوسم له، ثم تلتقي دوري مع صديق طفولتها “الحوت القرشي”، والذي يتصل معها عبر الأنابيب، ويحدث أحيانا ان تسترجع دوري بعض ذكرياتها مع والديها، ولكنها تعجز عن استرجاع التفاصيل…ثم يحاول كل من “مارلين ونيمو” إنقاذ دوري بمساعدة أسدي بحر لطيفين يدعيان “فلوك ورودر”، ويوصلانها للمعهد البحري، وتتذكر فجأة كيف انفصلت عن والديها، وتسمع في ليلة ما نحيب أمها وكيف غادرت المنزل لاسترجاع “صدفة جميلة” لإسعاد والديها، ثم تتذكر كيف سحبها التيار المائي الجارف عنوة لداخل الأعماق حيث الجدران المائية المغطاة بالطحالب وأكياس البلاستيك (في اشارة للتلوث البيئي للمحيط الأطلسي)..ثم تلتقي دوري مع صديقيها “مارلين ونيمو” داخل نظام الأنابيب، ثم يخبراها بأن والديها قد هربا من المعهد البحري سعيا للبحث عنها، ولكنهما لم يعودا بعد ذلك، فتعتقد دوري أنهما ربما قد توفيا على الأغلب…وينجح “هانك” باسترجاع دوري من الخزان المائي، تاركا وراءه “نيمو ومارلين”…ويحدث بالصدفة أن يسقط أحد موظفي المعهد المائي “دوري” بالصدفة لأنبوبة الضخ للمحيط، فتندفع دوري تلقائيا باتجاه “كومة من الصدف”، وتتذكر فجأة حينئذ كيف علماها والداها بكيفية الاستدلال على طريق العودة للمنزل، ثم تجد منزلا فارغا مع خطوط طويلة من الحلقات والصدف، وترى فجأة والديها “شارلي وجيني”، وتندفع فرحة للقائهما، كما تنقذ السمكتين “ديستري وبيلي”، وتحاول إقناع هانك للعودة ثانية للمحيط لايجاد صديقيها “مارلين وتيمو”، ويصلان لمستوطنة سمكية كبيرة، حيث يطلقان سراح كل السمك المسجون، وتعود فرحة لتنضم لوالديها بصحبة “مارلين ونيمو” وكل أصدقائها الجدد.
نال هذا الشريط التحريكي ثناء نقديا عاليا (حوالي 95%)، وقد نجح هذا الفيلم بشحن المشاهدين عاطفيا، حيث نادرا ما تفعل أفلام التحريك ذلك، ونجح بدمج الدفء “الانساني” بالجاذبية المشهدية المفعمة بالألوان الجميلة الفاقعة والكوميديا الظريفة، كما خلط بتوازن ما بين كل من “الفكاهة والتهريج والحزن والشفقة والحنين للديار” بأسلوب متماسك لاهث، وحقق بذلك “معجزة تحريكية” فريدة في عالم السينما. الفيلم من إخراج وكتابة “أندروستانتون وآنغوس ماكلان”.
بعد مرور سنة من لم شمل نيمو (هايدن) مع والده مارلين (ألبرت بروكس)، تقوم السمكة الزرقاء (أليف جينيرس) بتذكر طفولتها من خلال “الفلاش باك”، وتقرر البحث عن أسرتها المفقودة، بالرغم من معاناتها لفقدان الذاكرة “القصير المدى”، ثم تتذكر بأنهم كانوا يعيشون معا في “جوهرة خليج مورو”، ويساعدها مارلين مع نيمو في ركوب تيارات المياه باتجاه كاليفورنيا، وتوقظ في طريقها “الحبار المفترس”، وتنطلق للسطح طلبا للمساعدة حيث يلتقطها موظفو معهد “الحياة البحرية” من داخل حزمة مكونة من ست حلقات، وهناك يسعى الاخطبوط العابس الطيب “هانك” لمساعدتها، كما تصادف صديق طفولتها الحوت القرشي “قصير النظر”، كما تلتقي بحوت آخر عاجز يدعى “بيلوغا”…ثم يسعى صديقاها “مارلين ونيمو” لإنقاذها بمساعدة اثنين من أسود البحر وغواص طيب اسمه “بيكي”، وتلتقي مع والديها أخيرا، وتقنع دوري هانك للعودة ثانية للبحر، ويختطفا شاحنة ويقودانها على الطريق السريع، ولكنها تتحطم في الماء ويتم تحرير جميع الأسماك “المأسورة”، وتجتمع مع والديها جنبا إلى جنب وتحتفل مع الأصدقاء الجدد، ثم تعود فرحة إلى “الشعاب المرجانية” مع صديقيها “مارلين ونيمو”…وبعد فربما اختيار سمكة زرقاء لتحمل كل هذه العواطف الإنسانية العميقة يحمل دلالة خاصة، لأن معظم الناس تتعامل مع الأسماك عموما (بأنوعها وأحجامها) بشكل لا أبالي، لقناعتها بأنها مخلوقات وفرائس بحرية “بلهاء”، تفتقد للتفاعل والذكاء والذاكرة، وقد دهشت عندما قرأت مؤخرا عن اكتشاف نوع جديد من السمك البني اللون (حوالي ال40 سم)، يردد أغاني الحب خلال الليل فقط، وقال “أندرو باس” أستاذ علم الأعصاب والسلوك في جامعة “كورنيل”: “إنها من بين الأبطال أصحاب الأصوات في البيئة البحرية بجانب الحيتان والدلافين”!
يذهب بنا هذا الشريط التحريكي الطريف في مغامرة “تحت مائية” شيقة، ويعطينا درسا مسليا في البحث عن الهوية ودور الأصدقاء وأسرار المحبة والروابط العائلية، وقد لاحظت (وهذا انطباع شخصي وحدس سينمائي) أن مشاهد عودة السمكة التائهة لوطنها، قد رافقتها أغاني جميلة صادحة، وموسيقى صاخبة خلابة، وكأنها تذكر المشاهد بثيمة الحنين “لأرض الميعاد”، وهي الثيمة اليهودية الخالدة، الذي لا يستطيع فنانو هوليوود “اليهود” بمعظمهم نسيانها أبدا، والذي يتم هنا تسريبها بذكاء وباطنية لوعي المشاهد المنبهر!