ليلة البوم

خاص- ثقافات

*ناصر ثابت

قالت لي امرأةٌ: “رائحتكَ طيبة. أعجبتْني”.
لم أقل شيئاً. نظرتُ إلى عينيها فوجدتُهما مشعتين بشكل مخيف.
أصابعُها لم تكن أصابعَ امرأة. وكان لها أنيابٌ بارزة.
تركتُها تضحك بشكل مرعبٍ، ومضيت في سبيلي.
***
كان الليلُ حالكاً جداً،
عندما كنتُ عائداً من مقهى ستاربكس الذي أجلسُ فيه للكتابة كل يوم اثنين.
أعني، كانت العتمة شديدة،
أعداد السيارات كانت أقل بشكل ملحوظ.
الإنارة كانت ضعيفة جداً.
ولم يكن الشارعُ مكتظاً بمن يحبون أن يتمشوا في تلك الساعة من الليل.
أدرتُ راديو السيارة عله يؤنس وحدتي،
ولكنني فشلتُ في ايجاد محطة واحدة تعمل دون تشويش.
***
كان الليل مليئاً بالتهديدات.
أمي وأبي كانا يتحدثان إليَّ بوجه واحد، يملأه الرجاء والأمل.
الهواء كان خانقاً، ونارياً، وكانت العتمة تهاجمني بعناد.
ذهبتُ إلى سريريَ، واخترت أن أدخل أرض الأحلام السرية.
***
الساعة الثانية والنصف تماماً بعد منتصف الليل،
استيقظتُ على أصوات صفارات سيارات الشرطة.
لم أسمع سيارة أو سيارتين فحسب، بل العشراتِ منها.
كانت مسرعة، وكثيرة ومتلاحقة.
تبث صوتاً كثيفاً، وشديداً، كأنه ممتد إلى اللانهاية.
ولكنه وصل إلى النهاية، وعاد الهدوء، وبقيتُ أنا مستيقظاً،
حتى جاء دور بومةٍ وقفت أمام نافذتي مباشرةً.
بدأت البومةُ بالنعيب الرتيب لفترة من الزمن
واستعملتْ في ذلك النعيبِ نوعين من الأصوات:
أحدُهما دائريٌّ ثخينٌ والآخر طولي حادٌّ.
لم أفهم معناهما… ولكنني سهوتُ وانزلقتُ في أرض الأحلام السرية مرة أخرى.
دون أن أنتبه كيف حدث ذلك معي.
***
وعندما حلَّ الصباح، عدتُ إلى روتيني اليومي!

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *