كريستينه ميلان كونديرا

*ترجمة: عزيز الحاكم

التراضي :
في الصباح جاءت، وخلال النهار قامت بشراء بعض الحاجيات التي اتخذتها ذريعة للمجيء إلى براغ. كان الطالب قد تواعد معها على اللقاء مساء في مقهى اختاره هو نفسه. وعندما دخل شعر بالخوف: كانت القاعة مليئة بالسكارى والجنية القروية التي التقى بها في العطلة تجلس في الركن المحاذي لبيت النظافة، أمام طاولة غير معدة للزبناء، بل للأواني الوسخة. كان هندامها لا يليق إلا بسيدة قروية جاءت لزيارة العاصمة التي لم تطأها قدماها منذ أمد بعيد، وبها رغبة لتجريب كل المتع. كانت تعتمرقبعة، وحول عنقها لآلئ زاهية، وترتدي خفين عاليين أسودين. أحس الطالب بأن وجنتيه تلهبانه- لم يكن متأثرا بل كان يشعر بخيبة أمل. على خلفية المدينة الصغيرة ، بجزاريها وأصحاب المرائب فيها ومتقاعديها، كانت كريستينه قد خلفت أثرا مغايرا في براغ، مدينة الطالبات والحلاقات الرشيقات. فقد بدت له، بلآلئها وسنها الذهبية المخفية (في الركن العلوي من فمها) على النقيض تماما من أولئك الفتيات اللواتي يفضن أنوثة وشبابا ويرتدين سراويل البلودجين، وهذا ما كان يصده بقوة منذ أشهر عديدة. كان يتقدم من كريستينه بخطى مترددة واليأس يرافقه.

لقد كان الطالب خائبا، أما هي فلم تكن كذلك. كان المطعم الذي دعاها إليه يحمل اسما جميلا، «الملك فانتشيسلاس»، وكانت كريستينه التي لا تعرف براغ جيدا تتصور أن الطالب قد دعاها للعشاء في مكان باذخ كي تكتشف فيما بعد جمال منتزهات براغ. ولما لاحظت بأن «الملك فانتشيسلاس» شبيه تماما بالأمكنة التي يذهب إليها عشيقها صاحب المرأب لاحتساء الجعة، وأنه سيكون عليها أن تنتظره في الركن المحاذي لبيت النظافة، لم تشعر بالخيبة بل بغضب عادي جدا. أعني بذلك أنها لم تكن تشعر بأنها شقية أو مهانة،بل كانت تعتبر أن الطالب لم يكن يعرف كيف يتصرف. فلم تتردد في مصارحته بذلك. كانت تبدو ساخطة وتحدثه مثلما تحدث زوجها الجزار.

كانا يجلسان وجها لوجه وهي تعاتبه بذلاقة وبصوت جهوري، وكان هو يدافع عن نفسه بفتور. كانت تبعث في نفسه اشمئزازا حادا، وكان يرغب في أن يذهب بها إلى البيت على وجه السرعة، ويخفيها عن كل الأعين وينتظر أن تعيد حميمية ملاذهما إلى سحرها المضمحل قليلا من الحياة. لكنها رفضت، فهي منذ مدة طويلة لم تأت إلى العاصمة وتريد أن ترتدي كل شيء،أن تخرج وترفه عن نفسها. كان خفاها الأسودان العاليان، ولآلئها الضخمة الزاهية، يطالبان بحقهما في الظهور.»هذا مقهى صغير رائع. هنا يأتي أفضل الناس» قال الطالب كي يفهم زوجة الجزار أنها لا تميز الأماكن المهمة من غيرها في العاصمة ، «وللأسف فالمقهى مكتظ اليوم. ينبغي أن أصطحبك إلى مكان آخر». لكن، وكما لو كان ذلك متعمدا، فقد كانت كل المقاهي الأخرى مزدحمة. كانت المسافة بينها قصيرة، وكانت السيدة كريستينه تبدو له بمظهر مضحك لا يطاق بقبعتها ولآلئها وسنها الذهبية التي تلمع داخل فمها. كانا يسيران في شوارع تعج بالفتيات اليافعات، فأدرك الطالب بأنه لن يغفر لنفسه أبدا تخليه، من أجل كريستينه، عن قضاء أمسية برفقة نوابغ بلاده. غير أنه لم يكن كذلك يرغب في أن يجر على نفسه الضغينة، لأنه لم يضاجع امرأة منذ أمد طويل. وما كان لينقذه من هذه الورطة سوى تراض محكم بإتقان.

أخيرا وجدا طاولة فارغة في مقهى ناء. طلب كأسين من مشروب فاتح للشهية ثم حدق في عيني كريستينه بحزن: هنا في براغ الحياة حافلة بالطوارئ التي لا تخطر على بال .بالأمس فقط تلقى مكالمة هاتفية من أشهر شعراء البلد.وعندما نطق باسمه انتفضت كريستينه. كانت قد استظهرت أشعاره أيام الدراسة. فالمشاهيرالعظام حين نحفظ أسماءهم في المدرسة يكون لديهم شيء ما خيالي وأثيري، فيدخلون أحياء إلى رواق الموتى المهيب. لم تصدق كريستينه أن يكون الطالب يعرفه معرفة شخصية. أكد لها الطالب أنه يعرفه، وأنه يعد عنه بحثا لنيل شهادة المعمقة، وهو الآن بصدد كتابته، ومن المؤكد أنه سيصدر ذات يوم في كتاب. لم يسبق له أن حدث كريستينه عنه مخافة أن تظن بأنه يتباهى بذلك، لكن من الضروري أن يخبرها الآن بالأمر، لأن الشاعر الكبير قد اعترض سبيلها فجأة. والحال أن نقاشا مغلقا سيدور مساء اليوم في مقهى الأدباء بحضورشعراء البلد، ولم يدع لحضوره إلا بعض النقاد والملمين بالموضوع. إنه لقاء هام جاد. ومن المرتقب أن يكون الجدل حادا. لكن الطالب بطبيعة الحال لن يذهب إليه. فهو يسلي نفسه كثيرا برفقة السيدة كريستينه.

في بلدي الوديع والمتفرد ما زال سحر الشعراء يؤثر في قلوب النساء. فقد أبدت كريستينه إعجابها بالطالب وانتابتها رغبة أمومية في أن تنصحه وتدافع عن اهتماماته. ولذلك صرحت له، بنوع من الإيثار اللافت للنظر، بأنه سيكون من المؤسف ألا يشارك في أمسية يحضرها هذا الشاعر الكبير. قال الطالب إنه بذل كل ما في وسعه من أجل أن يصطحب معه كريستينه، لأنه يعرف أنها ستكون مسرورة برؤية الشاعر الكبير وأصدقائه. لكن، للأسف، فهذا غير ممكن. حتى الشاعر الكبير ليس بمستطاعه أن يصطحب معه زوجته. لأن النقاش موجه بالأساس إلى أهل الاختصاص. في بادئ الأمر لم يفكر حقا في الذهاب، غير أنه الآن يدرك بأن كريستينه على صواب. أجل، إنها فكرة طيبة، بإمكانه على الأقل أن يمضي هناك بعض الوقت. وخلال ذلك ستنتظره كريستينه في بيته، بعدها سيكونان معا، في خلوة تامة. كانت الرغبة في الذهاب إلى المسرح قد أضحت في طي النسيان، ولما دخلت كريستينه إلى غرفة الطالب انتابتها ، في بادئ الأمر، نفس الخيبة التي شعرت بها وهي تدخل إلى»الملك فانتشيسلاس».لم يكن المسكن شقة بل مجرد غرفة ضيقة بدون مدخل، كل أثاثها أريكة ومكتب. غير أنها لم تتسرع في إصدار أي حكم. كانت قد ولجت عالما خاضعا لمعاييرأخلاقيةغامضة يصعب عليها إدراكها. وسرعان ما ألفت هذه الغرفة القذرة وغير المريحة، واستنجدت بكل ما أوتيت من موهبة أنثوية لتشعربأنها في منزلها.التمس منها الطالب أن تنزع قبعتها وبادر بتقبيلها ثم أجلسهاعلى الأريكة وأطلعها على خزانة الكتب الصغيرة حيث يمكنها أن تعثرعلى ما يسليها في غيابه؟» وساعتها خطرت ببالها فكرة: «أليس لديك كتابه؟» كانت تعني الشاعر الكبير.أجل، فقد كان لدى الطالب كتابه.ثم أردفت بمنتهى الخجل: «ألا يمكنك أن تهديني إياه؟ وتطلب منه أن يكتب لي فيه كلمة الإهداء؟». ابتهج الطالب، ذلك أن كلمة إهداء من الشاعر الكبير تعوض بالنسبة لكريستينه متعة الذهاب إلى المسرح. كانت تشعره بالخطأ وكان مستعدا لفعل أي شيء من أجلها. وكما كان يتوقع فقد أنعشت حميمية غرفته جمال كريستينه، وغابت عن باله أولئك الفتيات اللواتي كن يتفسحن في الشوارع، واجتاح سحر تواضعها فضاء الغرفة في صمت. وتبددت الخيبة ببطء.وحين كان الطالب يهم بالذهاب إلى النادي كان مطمئنا ومغتبطا بهذا البرنامج المزدوج والرائع الذي تعد به أمسية ما زالت في بدايتها.

الشعراء :
وقف ينتظر فولتير أمام نادي الأدباء، ثم صعد برفقته إلى الطابق الأول. مرا في طريقهما بحجرة الملابس ثم بالردهة فتناهى إلى مسمعهما صخب مرح. فتح فولتير باب الصالون فلمح الطالب كل شعراء البلد يجلسون حول طاولة كبيرة( …) .

تناول فولتير كرسيين بجانب الحائط ودفعهما باتجاه الطاولة المليئة بالقنينات، ثم قدم الطالب للشعراء، فندت عنهم إشارات لطف ولباقة، إلا بترارك فإنه لم ينتبه إليه لأنه كان في خصام مع بوكاتشيو. وختم جداله بهذه الكلمات «المرأة تتفوق علينا دائما. وفي هذا الشأن بإمكاني أن أتحدث طوال أسابيع كاملة». وشجعه غوته بقوله: «طوال أسابيع، هذا كثير. تحدث على الأقل لمدة عشر دقائق».

حكاية بترارك :
«ذات مساء، من الأسبوع الفارط، حصل لي أمر غريب: كانت زوجتي قد خرجت لتوها من الحمام وهي ترتدي قميص الاستحمام الأحمر، وشعرها الذهبي مسدل. كانت جميلة. وكانت الساعة تشير إلى التاسعة وعشر دقائق حين رن الجرس. فتحت الباب فوجدت فتاة تتكئ على الحائط. تعرفت إليها في الحال. كنت أتردد مرة في كل أسبوع على إحدى ثانويات البنات. كن قد أسسن ناديا للشعر وكن في غاية التوله. سألتها:»ماذا تفعلين هنا من فضلك؟»
– «لا بد لي من أن أكلمك !»
– «ماذا تريدين أن تقولي لي؟»
– «أريد أن أحدثك في أمر هام جدا!»
– « اسمعي. الوقت متأخر الآن. لا يمكنك الدخول .انزلي بسرعة وانتظريني أمام باب القبو».

«عدت إلى الغرفة وأخبرت زوجتي بأن شخصا ما قد أخطأ الباب. وبعد ذلك، وكما لو أن شيئا لم يحدث، أعلنت بأنه ينبغي علي أن أنزل إلى القبو لجلب الفحم. ثم تناولت سطلين فارغين. كان ذلك خطأ. فقد عانيت طوال النهار من مغص في المعدة وظللت طريح الفراش ،ولا شك في أن هذا الاندفاع المباغت قد أثار شكوك زوجتي.
– «ألديك مشكل مع معدتك؟» تساءل غوته باهتمام.
– «منذ سنوات طويلة». قال بترارك.
– « ولم لا تجري عملية جراحية؟»
– «أبدا. إلا هذه!» قال بترارك.
حرك غوته رأسه على سبيل التعاطف.
– «أين كنت؟» تساءل بترارك.
– «كنت تشكو من ألم في الحوصلة وكنت قد تناولت سطلي الفحم». قال له فرلين هامسا.

واصل بترارك حكايته :»وجدت البنت واقفة أمام باب القبو، وقلت لها أن تنزل. ثم تناولت مجرفة ووضعت الفحم في السطلين، وحاولت أن أعرف مرادها. كانت تردد في كل وقت بأنها «لا بد» من أن تراني. فلم أستخلص من كلامها شيئا آخر.بعد ذلك سمعت بضع خطوات بأعلى الدرجات. حملت سطل الفحم الذي ملأته وغادرت القبو راكضا. كانت زوجتي تهبط الدرجات فناولتها السطل: «خذي هذا بسرعة أرجوك . سأملأ الآخر». وصعدت زوجتي بالسطل، أما أنا فقد عدت إلى القبو وأخبرت البنت بأنه لا يمكننا أن نبقى هنا، وبأن تنتظرني في الشارع. ثم ملأت السطل الثاني بسرعة وصعدت راكضا. وعندئذ قبلت زوجتي وقلت لها بأن تذهب للنوم، لأني سأستحم قبل أن أنام. فذهبت لتنام ومضيت إلى الحمام وفتحت الحنفيات. كان الماء يطقطق في قاع المغطس. خلعت بابوجي وخرجت إلى المدخل بجوربي. كان الحذاء الذي ارتديته هذا اليوم أمام باب المدخل. لقد تركته هناك كي أثبت لها بأني لم أبتعد كثيرا. تناولت حذاء آخر من الدولاب ولبسته، ثم تسللت في صمت خارج الشقة».

وهنا تدخل بوكاتشيو قائلا: «يا بترارك، نحن نعرف أنك شاعر كبير. غير أني ألاحظ بأنك أيضا منهجي جدا واحترابي محتال لا يسمح بتاتا للهوى بأن يعميه! وما فعلته بالبابوجين والحذاء عمل رائع!» ،وأكد كل الشعراء الحاضرين ما قاله بوكاتشيو وغمروا بترارك بمدائح بدا من الواضح أنها أعجبته.
«كانت تنتظرني في الشارع. حاولت أن أهدئ من روعها. شرحت لها بأني مرغم على العودة إلى البيت واقترحت عليها أن تعود بعد زوال الغد، حينها ستكون زوجتي في العمل، وسنكون مرتاحي البال. ثمة محطة ترام مقابلة للعمارة التي أقطن بها، فألححت على أن تذهب. لكن،عندما جاء الترام انفجرت ضاحكة وحاولت أن تسرع الخطى صوب باب العمارة.

– «كان ينبغي دفعها، تحت الترام». قال بوكاتشيو.
– «يا أصدقائي، قال بترارك بلهجة شبه احتفالية، ثمة لحظات ينبغي فيها على المرء، شاء أم أبى، أن يكون شريرا مع النساء». قلت لها: «إذا كنت ترفضين الذهاب إلى حال سبيلك عن طيب خاطر فإني سأغلق باب العمارة بالمفتاح. لا تنسي بأن هذا منزلي العائلي وليس من حقي أن أحوله إلى ماخور! ». وفضلا عن ذلك يا أصدقائي، تذكروا أني بينما كنت أجادلها كانت الحنفيات في الأعلى مفتوحة، وقد يفيض المغطس في أية لحظة.عدت على عقبي وانقضضت على باب العمارة. فانطلقت راكضة خلفي. وكان هناك بضعة أشخاص يدخلون إلى العمارة في نفس اللحظة فاندست بينهم نحو الداخل. صعدت الدرجات مثل عداء سريع وأنا أسمع وقع خطواتها خلفي. نحن نسكن في الطابق الثالث. وكان تنافسنا على أشده! غير أني كنت أسرع منها، فصفقت الباب في وجهها. وكان لدي متسع من الوقت كي أقتلع من الحائط خيوط الجرس حتى لا أسمعها تقرعه بشدة، لأني كنت واثقا من أنها ستضغط على الجرس ولن تتركه. بعد ذلك ركضت على أصابع قدمي باتجاه الحمام.

– « والمغطس، ألم يفض؟» تساءل غوته باهتمام.
– « لقد أغلقت الحنفيات في آخر لحظة. بعدها ذهبت لألقي نظرة على باب الدخول. فتحت عوينة الباب فبدا لي أنها لا تزال هناك، جامدة وعيناها مشدودتان إلى الباب. أصبت بالخوف يا أصدقائي وساءلت نفسي إن كانت ستمكث هنا حتى صباح الغد.»

بوكاتشيو يتصرف بشكل غير لائق:
– « أنت يا بترارك عاشق فاسد «، قال بوكاتشيو «أتصور أن هؤلاء الفتيات اللواتي أسسن ناديا للشعر كن يتضرعن إليك كما لو أنك الإله أبولو. وأنا لا أريد أبدا أن ألتقي بهن. فالمرأة الشاعرة امرأتان. وهذا فوق طاقة رجل يبغض النساء مثلي».
– «اسمع، يا بوكاتشيو، قال غوته،لماذا تتباهى بكونك تبغض النساء؟»
– «لأن مبغضي النساء هم أفضل الرجال.»
بعد سماع هذه الكلمات أطلق كل الشعراء صيحات السخرية. فوجد بوكاتشيو نفسه مجبرا على رفع صوته: «افهموني. إن مبغض النساء لا يحتقرهن بل إنه يكره الجنس اللطيف. والرجال ينقسمون منذ القديم إلى صنفين: عاشقي النساء، أو بتعبير آخر: الشعراء. ومبغضي النساء، أوبتعبير أصح: الذي يعانون من رهاب النساء. وعاشقو النساء أو الشعراء يمجدون القيم النسائية التقليدية مثل قوة الإحساس والأسرة والأمومة والإنجاب والانتفاضات الهستيرية المفاجئة، والنداء الرباني المتجذر في أعماقنا، فيما تصيب هذه القيم مبغضي النساء أو المرهوبين منهن بنوع من الهلع. وبالنسبة للمرأة فإن عاشق النساء يمجد الجنس اللطيف، بينما يفضل مبغض النساء المرأة على الجنس اللطيف. ولا تنسوا أمرا هاما: أن المرأة لا تشعر بالسعادة إلا برفقة مبغض النساء. أما معكم أنتم فلم يسبق لأية امرأة أن كانت سعيدة!» .أثارت كلماته من جديد جلبة معارضة «عاشق النساء أو الشاعر لا يمكنه أن يجلب للمرأة إلا المأساة والألم والدموع والهم، ولا يمكنه أن يجلب لها السرور. أعرف شخصا من هذا النوع كان يعشق زوجته. بعد ذلك صار يعشق امرأة أخرى. لم يكن يرغب في أن يهين الواحدة منهما أو يخونها، أو أن يجعل من الأخرى عشيقة سرية. ولذلك اعترف بكل شيء لزوجته وطلب منها أن تساعده، فمرضت من جراء ذلك، وكانت تصرف وقتها في البكاء، حتى أن عشيقته لم تعد تتحمله وصرحت له بأنها ستهجره. فتمدد فوق سكة الحديد كي يدهسه الترام. ولسوء حظه فقد رآه السائق من بعيد، وكان على عاشق النساء أن يدفع غرامة مالية بقيمة خمسين كرونة لقيامه بعرقلة السير.»
– «بوكاتشيو كذاب!» صاح فرلين.
– «إن القصة التي حكاها لنا بترارك، أضاف بوكاتشيو، من نفس النوع. هل تستحق زوجتك ذات الشعر الذهبي أن تأخذ أنت هذه البنت الهستيرية بمأخذ الجد؟»
– « وماذا تعرف أنت عن زوجتي؟» رد عليه بترارك بصوت عال. « إن زوجتي هي صديقتي المخلصة ! وليس لأحدنا سر يخفيه عن الآخر!».
– « إذن، لماذا غيرت الحذاء؟ « تساءل ليرمنتوف.
لكن بترارك لم يضطرب. «يا أصدقائي، في تلك اللحظة الحرجة، حين كانت الفتاة تصعد الدرجات، كنت حائرا في أمري، ذهبت إلى زوجتي في الغرفة وبحت لها بكل شيء.»
– «مثلما فعل العاشق الذي حكيت عنه»، قال بوكاتشيو ضاحكا.
– «البوح هو رد فعل كل العاشقين. ولا شك في أنك طلبت منها أن تساعدك! .»

« نعم، فقد طلبت منها أن تساعدني. ما تبث أن رفضت لي أي عون، حتى في هذه المرة. فقد ذهبت من تلقاء نفسها إلى الباب. وبقيت في الغرفة لأني كنت خائفا.»

– «لو كنت مكانك لأصبت بنفس الخوف»، قال غوته وقد تفهم موقفه.
– « ولما عادت كانت في كامل الهدوء. بعد أن أطلت من منظار الباب إلى الدرجات، فتحت الباب فلم تجد أحدا. كما لو أني قد اختلقت كل شيء. لكن، فجأة سمعنا ضربات قويةخلفنا،
ورأينا زجاج النوافذ يتشظى. وكما تعلمون فنحن نقطن في شقة عتيقة والنوافذ تطل على الممر. والفتاة حين أدركت أن الجرس معطل عثرت على قضيب من حديد في مكان ما وعادت به إلى الممر، وأخذت تكسر كل النوافذ واحدة تلو الأخرى. كنا نعاين ما تفعل من داخل الشقة، لاحول لنا ولا قوة، وقد ألم بنا الذعر. بعد ذلك بدت لنا من الجهة الأخرى للممر الغارق في العتمة ثلاثة أطياف بيضاء. إنهن العجائز اللواتي يقمن في الشقة المقابلة. لقد هرعن بثياب النوم وهن متلهفات لمعرفة ما يحدث وفرحات بهذه الفضيحة الطارئة. تصوروا هذه اللوحة: مراهقة حسناء تمسك بيدها قضيبا من حديد وحولها أطياف مؤذية لثلاث ساحرات! ثم هشمت الفتاة ما تبقى من زجاج ودخلت إلى الغرفة عبر النافذة.كان بودي أن أذهب إليها كي أحادثها، لكن زوجتي أمسكت بذراعي وتوسلت إلي قائلة: «لا تذهب. سوف تقتلك! « وانتصبت الفتاة واقفة في وسط الغرفة وبيدها القضيب الحديدي كما لو أنها «جان دارك» تمسك برمحها، وهي في كامل حسنها وجلالها! أما أنا فقد تخلصت من قبضة زوجتي وتقدمت من الفتاة. وكلما اقتربت منها كانت نظراتها تفقد سيماء الوعيد وتلين، وتمتلئ بوئام خارق. فتناولت القضيب الحديدي ورميت به أرضا. ثم أمسكت الفتاة من يدها.»
الشتائم :
قال ليرمنتوف: «أنا لا أصدق شيئا من حكايتك».
– «بالطبع، فالأمور لم تحدث على النحو الذي حكا

ه بترارك- قال بوكاتشيو مرة أخرى- لكني أعتقد أن ذلك حدث بالفعل. فهذه الفتاة هستيرية وأي رجل عادي، في وضع مشابه، كان سيوجه لها صفعتين. والعشاق والشعراء عادة ما يذهبون ضحية مثالية للهستيريات اللواتي يعرفن أنهم لن يصفعوهن أبدا. فهم لا حول لهم أمام النساء، لأنهم عاشوا دوما في حضن أمهاتهم. ويعتبرون كل امرأة بمثابة مرسولة من أمهاتهم فيمتثلون لها ، وتنورة أمهم تنبسط فوق رؤوسهم مثل السماء». هذه العبارة الأخيرة أعجبته كثيرا فرددها أكثر من مرة: «أيها الشعراء إن ما ترونه فوق رؤوسكم ليس سماء، بل هي تنورة أمكن الهائلة! فأنتم جميعكم تعيشون تحت تنورة أمهاتكم!
– «ماذا تقول؟ « أخذ يسنين يصرخ بصوت غريب، ثم وثب من كرسيه مترنحا. منذ بدء الأمسية وهو يشرب أكثر من الآخرين: «ماذا قلت عن أمي؟ ماذا قلت؟».
– «أنا لم أتحدث عن أمك» قال بوكاتشيو بهدوء. كان يعرف أن يسنين يعيش برفقة راقصة مشهورة تفوقه بثلاثين عاما، وكان يكن لها حبا صادقا. غير أن يسنين كان لعابه يسيل على زاويتي فمه، ولما انحنى نحو الأمام بصق. لكنه كان ثملا جدا فوقع البصاق على ياقة قميص غوتة. أخرج بوكاتشيو منديله ومسح ياقة الشاعر الكبير.ومن جراء بصاقه شعر يسنين بالتعب الحاد فتهالك فوق الكرسي. واصل بترارك حديثه: «آمل يا أصدقائي أن تسمعوا ما قالته لي، إنه كلام لا ينسى. لقد قالت كلاما شبيها بدعاء أو صلاة: «أنا فتاة بسيطة، فتاة عادية جدا، ليس لي ما أقدمه، إلا أني جئت بدافع الحب، لقد جئت،،،( وفي هذه اللحظة بالذات ضغطت على يدي بقوة) لكي تعرف معنى الحب الحقيقي. وتعرفه مرة واحدة في حياتك.»
– « وماذا قالت زوجتك عن مرسولة الحب هذه؟ « تساءل ليرمونتوف بسخرية ملحاح.واندفع غوتة قائلا: «لو أتيح لليرمونتوف أن تكسر امرأة ما زجاج نافذته، لدفع لها أجرا مقابل ذلك! « فحدجه ليرمونتوف بنظرة حاقدة. واستطرد بترارك قائلا: «زوجتي؟ أنت مخطئ يا ليرمونتوف، إذا كنت تعتقد أن هذه القصة شبيهة بحكاية بوكاتشيو الهزلية. فقد التفتت البنت إلى زوجتي، بنظرة خارقة، وقالت لها فيما يشبه دعاء أو صلاة: «لا تؤاخذيني يا سيدتي، لأنك امرأة طيبة
و أنا أحبك أنت أيضا. أنا أحبكما معا»، وكانت تمسك بها هي الأخرى من يدها.
– « لو أن بوكاتشيو هو من روى هذا المشهد لما اعترضت عليه- قال ليرمونتوف- لكن ما تحكيه لنا الآن هو الأسوأ. هذا شعر رديء.
– «أنت تحسدني! – صاح بترارك في وجهه- إذ لم يحدث لك أبدا في حياتك أن كنت وحيدا في غرفة ما برفقة امرأتين تحبانك! أتعرف مقدارجمال زوجتي وهي ترتدي قميص الحمام
وشعرها الذهبي مسدل ؟ « .
أطلق ليرمونتوف ضحكة هازئة. غير أن غوته قرر في هذه المرة أن يعاقبه على تعليقاته اللاذعة: «أنت شاعر كبير يا ليرمونتوف ونحن جميعنا نعرف ذلك، لكن لم أنت معقد بهذا الشكل؟» ظل ليرمونتوف منذهلا لبضع ثوان، ثم أجاب غوته وهو يجاهد كي يتمالك نفسه: «لم يكن عليك يا يوهان أن تقولي هذا الكلام. ألم تجد غير هذا الكلام السيء لتقوله لي؟ هذه نذالة منك».وبما أن غوتة كان محبا للوئام، فقد فضل ألا يستمر في مضايقة ليرمونتوف، لكن مؤلف سيرته، فولتير، تدخل في الموضوع ضاحكا: «من الواضح جدا يا ليرمونتوف أنك مثقل بالعقد» ثم بدأ يحلل أشعاره التي لا تتوفر على الأناقة الطبيعية الموفقة التي نجدها لدى غوته، ولا على الإلهام المتقد الموجود لدى بترارك. بل إنه أخذ يدقق في كل استعارة من استعاراته، لكي يبرهن ببراعة على عقدة النقص لدى ليرمونتوف والتي تشكل المصدرالمباشرلتخيله، والمتأصلة في طفولة الشاعر المطبوعة بالفقر وتأثير القمع الذي مارسه عليه أب مستبد.وفي هذه اللحظة انحنى غوته على بترارك وهمس له بسر تردد صداه في أرجاء الغرفة وسمعه الكل حتى ليرمونتوف نفسه: «كل هذا مجرد هراء .مشكل ليرمونتوف هو أنه لا يجامع» .
الطالب ينحاز إلى جانب ليرمنتوف:
كان الطالب يلزم الصمت ويسكب لنفسه النبيذ (كان ثمة نادل رزين يذهب بالقنينات الفارغة
ويجلب القنينات المملوءة في صمت) وينصت بانتباه إلى النقاش الحاد. لم يكن لديه متسع من الوقت كي يدير رأسه ليتتبع زوبعتهم المدوخة.كان يسائل نفسه عمن هو ألطف شاعر فيهم بالنسبة إليه. كان يجل غوته مثلما تجله السيدة كريستينه. وكان بترارك يسحره بعينيه المتوهجتين. لكن الغريب في الأمر هوأن ليرمونتوف المهان كان يثير لديه أقوى تعاطف، خصوصا بعد أن أطلق غوته ملاحظته الأخيرة التي دفعته إلى التفكير في أن شاعرا كبيرا
( وليرمونتوف شاعر كبير بالفعل) قد يواجه نفس الصعوبات التي يواجهها طالب مثله. نظر إلى ساعته اليدوية فلاحظ أن الوقت قد حان للعودة إلى البيت إذا كان يريد ألا يكون مآله شبيها بمآل ليرمونتوف.ومع ذلك فإنه لم يستطع أن يتملص من هؤلاء الرجال العظام. وعوض أن يذهب
ويلتحق بالسيدة كريستينه، ذهب إلى بيت النظافة وهناك وجد نفسه معبأ بأفكار عظيمة، أمام البلاط الأبيض، ثم تناهى إلى سمعه صوت ليرمونتوف بجانبه: « لقد سمعتهم. فهم ليسوا لطفاء. أتفهم؟ ليسوا لطفاء». نطق ليرمونتوف كلمة «لطفاء» كما لو أنها مكتوبة بحروف مائلة. أجل، ثمة كلمات لا تشبه بعضها، كلمات ذات قيمة خاصة لا يدركها إلا الملمون بخبايا الأمور. كان الطالب يجهل لماذا نطق ليرمونتوف كلمة «لطفاء» كما لو أنها مكتوبة بحروف مائلة. أما أنا الذي أنتمي إلى فصيلة الملمين بخبايا الأمور فإني أعرف أن ليرمونتوف سبق له أن قرأ تأملات «باسكال» حول الفكر اللطيف والفكر البسيط ومنذئذ أصبح يقسم الجنس البشري إلى صنفين: اللطفاء والآخرين.
«هل يبدون لك لطفاء؟» قال بلهجة عدوانية حين لا حظ أن الطالب يلوذ بالصمت. أغلق الطالب فتحة سرواله، وبدا له أن ليرمونتوف، وكما كتبت ذلك الكونتيسة روبتشينسكي في يومياتها قبل خمسين ومائة سنة، كانت له ساقان قصيرتان فشعر نحوه بالامتنان لأنه كان أول شاعر كبير يطرح عليه سؤالا خطرا، وينتظر منه جوابا في مثل خطورته.
«في رأيي أنهم ليسوا لطفاء على الإطلاق» قال الطالب. وتجمد ليرمونتوف على ساقيه القصيرتين: «بالطبع فهم ليسوا لطفاء على الإطلاق». ثم أضاف بلهجة عالية: «لكني أنا مغرور! أفهمت؟ أنا مغرور! « . كانت كلمة «مغرور» هي الأخرى مكتوبة في فمه بحروف مائلة من أجل أن يفهمه بأنه بليد من يظن أن ليرمنتوف كان مغرورا مثلما تغتر فتاة بجمالها، أو كما يغتر تاجر ما بممتلكلته، لأن الأمر هنا يرتبط بغرور من طراز خاص، غرور مبرر ونبيل.
«أنا مغرور» صاح ليرمنتوف، ثم عاد برفقة الطالب إلى الغرفة حيث كان فولتير يلقي مديحا في حق غوته. وعندئذ غضب ليرمونتوف وانتصب واقفا أمام الطاولة، مما جعله يبدو على حين غرة في وضع أسمى من الآخرين الذين كانوا جالسين، ثم قال: «والآن سأبين لكم كم أنا مغرور! الآن سأقول لكم شيئا، لأني مغرور! ليس في هذه البلاد سوى شاعرين: غوته وأنا» , هذه المرة كان فولتير هو من رفع صوته قائلا: «قد تكون شاعرا كبيرا، لكنك من الجانب الإنساني تافه! أستطيع أن أقول إنك شاعر كبير، لكنك ، أنت، ليس لك الحق في أن تقول ذلك عن نفسك» .أصيب ليرمونتوف بالذهول لبعض الوقت. ثم قال بتلعثم: «لم لا يحق لي أن أقول ذلك؟ أنا مغرور !» ،
وكرر ليرمونتوف لعدة مرات بأنه مغرور. انفجر فولتير ضاحكا وقهقه الآخرون معه. فأدرك الطالب أن اللحظة التي انتظرها قد أزفت. نهض على غرار ليرمونتوف وألقى نظرة حائمة على الشعراء الحاضرين: «أنتم لا تدركون شيئا عن غرور ليرمونتوف. فغرور الشاعر ليس غرورا عاديا. والشاعر وحده يدرك قيمة ما يكتب. قد يدرك الآخرون ذلك بعده وقد لا يدركونه أبدا. إذن من واجب الشاعر أن يكون مغرورا. ولو لم يكن كذلك لخان عمله الأدبي.» لقد كانوا قبل قليل يغرقون في الضحك، وبغتة اتفقوا جميعهم على ما قاله الطالب، لأنهم كانوا أيضا مغرورين، مثلهم في ذلك مثل ليرمونتوف،إلا أنهم كانوا يستحيون من قول ذلك،لأنهم لا يعرفون بأن كلمة «مغرور» إذا نطقت كما يجب لا تبقى مثار سخرية بل إنها على العكس من ذلك تغدو كلمة روحية ونبيلة، إذن فقد كانوا يعترفون بالجميل للطالب الذي قدم لهم رأيا سديدا، وانضم إليهم فرلين هو الآخر مستحسنا كلامه.
كريستينه تتحول إلى ملكة على يد غوته:
كان الطالب جالسا فاستدار غوته نحوه وسأله بابتسامة لطيفة: «هل تعرف يا ولدي معنى الشعر؟.» كان الآخرون قد انخرطوا من جديد في نقاشات السكارى، بحيث إن الطالب وجد نفسه وحيدا أمام الشاعر الكبير. وكان يرغب في أن ينتهز هذه الفرصة الغالية، لكنه فجأة لم يحر جوابا. وبما أنه كان يبحث بشدة عن العبارة المناسبة- وغوته يكتفي بالابتسام له في صمت- فقد شق عليه ذلك واكتفى هو الآخر بالابتسام.»أنا الآن أصادق فتاة أو بالأحرى امرأة، وهي متزوجة من جزار.» سر غوته بذلك وأجابه بابتسامة ودية ، «وهي تقدرك. وقد ناولتني ديوانا شعريا لك كي تكتب لها كلمة إهداء».
– «ناولني إياه!» قال غوته ثم تناول الكتاب من يدي الطالب وفتحه على صفحة العنوان، واستطرد قائلا: «حدثني عنها. كيف هي؟ هل هي جميلة؟». لم يستطع الطالب في حضرة غوته أن يكذب فاعترف بأن زوجة الجزار ليست جميلة. والأدهى من ذلك أنها اليوم كانت ترتدي ثيابا مثيرة للضحك وظلت طوال النهار تتجول في براغ بمجوهرات ضخمة حول عنقها وهي ترتدي حذاء سهرة أسود عفا عنه الزمان . كان غوته ينصت إلى الطالب باهتمام خالص ثم قال بما يشبه الحنين: «هذا رائع.» وتجاسر الطالب على الاعتراف بأن زوجة الجزار لها سن من ذهب تلمع في فمها كذبابة ذهبية. ومن شدة انفعاله ضحك غوته وصحح كلامه: «مثل خاتم. «فرد عليه الطالب: «مثل منارة»! وابتسم غوته: «مثل نجمة! «وأوضح له الطالب بأن زوجة الجزار، في واقع الحال، قروية عادية جدا، وهذا ما كان يجتذبه بقوة.قال غوته: «أنا أفهمك جيدا. هذه التفاصيل بالذات، من قبيل زينة رديئة أو عيب خفيف في الأسنان أو خمول الروح،هي التي تجعل المرأة حية وحقيقية. لأن النساء اللواتي نراهن في الإعلانات أومجلات الموضة، وتقلدهن معظم النساء ، يفتقرن إلى سحر الجمال، لأنهن من صنع الخيال ولسن سوى مجموعة من التعليمات المجردة. هن نتاج آلة سيبرنيتيكية( للتحكم والتوجيه) ولسن أجسادا بشرية حقيقية.أؤكد لك يا صديقي أن قرويتك هذه هي المرأة التي تصلح للشاعر وأنا أهنئك على ذلك! «ثم انحنى على صفحة العنوان وتناول قلما وشرع يكتب حتى ملأ الصفحة عن آخرها. كان يكتب بحماس، مأخوذا بارتعاد عاطفي خفيف، ومن وجهه يشع بريق الحب والتفهم . تناول الطالب الكتاب واحمر وجهه فخرا. فقد كان ما كتبه غوته إلى امرأة مغمورة جميلا ومحزنا، نوستالجيا وشهوانيا، رصينا وبشوشا. وكان الطالب واثقا من أن مثل هذه الكلمات الحلوة لم يسبق أن وجهت إلى أية امرأة. ثم فكر في كريستينه وثارت شهوته إليها بحدة. ذلك أن الشعر قد أضفى على ملابسها المثيرة للضحك معطفا منسوجا من أسمى الكلمات وحولها إلى ملكة.
_______
*مجلة نزوى/ العدد 86

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *