صفحات ديواني عارية

خاص- ثقافات

*عبد اللطيف رعري

على حين غرة والبحر يحكي تخاريفه
لدمعة خاثرة تلقفتها أرصفة المرور
بباب السماء
تسقط البلابل في قبضة السراب
وتحن المزهريات لخلطة جنوني
برائحة التراب
فتسابق الظلال حمى الاعشاب حتى فراغ النهر
وترحل عن كفوفي معاني الارتجاف
فأصلب خارج حدودي
مقايضا صدى ترانيم قصبتي بالبكاء
وحدقة العين في صهد الرمال
واليوم وبيدي أقحوانة شهر حزيران تودعني
سأمسك حزيز الارض وأغرس شوكتي
بديلا لشغفي
وأطوف سبع مرات منبث شؤمي على متن الصمت
أعقف بظهري حتى تدلف السواقي مصدر الخرير
أضمر عن وجه الرحيل طريقه حتى تحلو القّى
ما عادت تبكيني قطرات الندى على ملمس الحرير
ولا أشتهي نظرات شفق حائر لأمسح الغشاوة
عن الليل الحزين
أنا أختبئ في مرصد النجوم قبل سقوطها
وأختفي في نسمات الريحان حين أظل جنوني
أوشوش لحبات الرمل ساعة رقصها
أصون شموع الليل حتى تقمر في كبد السماء
أدحرج نوباتي الاستعراضية  خلف الوهم
وأرتال أناشيد السلام من ثغر الحسناوات
أصحف كتاب ذكرياتي في ملِمّة الدهر
أفلق في شعري ليغير القمر من قلمي
فأحضن الصور وما تصوّر في قرابي
اليوم وبيدي ألفتي تشع حمقا
سأبسط المدى يدي ونستحم برحيق الازهار
وألملم قبلاتي في جفرة حتى تصير عمق الازل
واستحضر كعادتي طقوس الاستعلاء
وأقول لنفسي توبي أمام النهر…
اليوم وبيدي كأسي الاخيرة  منتش بسكري
اترنح كطفل يرتعي دماه البلاستيكية في بهو الدار
ومسمعه على طارق الباب يهديه حلوى العيد
كما كان الاب فاعل
ويتبادلان سخاء القبلات حين تلتقي العين في العين
فلا حدود للحكي وارتجال الاقاويل
على حين غرة وفي رحلتي الاخيرة لمصافحة البحر
تحترق أمامي السنوات ويتقلص حجم بياض العين
ويتراء لي قبري في جوف سحابة تستميل الهروب
وتتخطى انقشاع طراوة الامواج
فكم مرة كان حتفي شهية لشبح البحر
كم مرة كان حلمي فخا لغرقي خارج البحر
كم مرة كان البحر خصمي…
وكم مرة سرت للبحر خصما  ….
اليوم وبيدي مفتاح عشقي تجره أوهامي
سأركن قلبي في قلب المغارة
وأعرج على محراب المثول عاريا كصفحات ديواني
وأتهجى غضبي في عيون الذكرى
وأطوي أكمامي حتى نهاية الالم
وأعرض عن تفاصيل الحكاية فخرا لا ابتلاءا
وأقول لنفسي توبي بدل النسيان
فلعزة نفسي وانكسار المجاديف قرب موجتي
سأعيد للبحر فضفاضة الحلم
وأرتدي سخريته بكل الالوان
لأغرق في قاموس الاحزان
كي أسطّر اسمي بالحفر على الجدران
ليتها حبيبتي يوما تظمأ لحروفي
فترتوي بناري وتسكن المغارة
على حين غرة سأجعل من صفعة الريح رقصة
ومن صهد المغارة حمرة لوجهي
لأمر حزينا محاذيا هودج  عروستي تأكله النار
ومن ضعف بصيرتي سراجا يهوى الظلام
وأسرق من الجبن طأطأة الرأس
لأدفن مفتاح عشقي في رماد المغارة
حين تهدأ العاصفة…
ليتها حبيبتي تكتوي كما اكتويت
وتعاودني البسمة ….
ونطير من جوف المغارة على جناح طائر شادٍ
لملاحقة سحابتي مستميلة في هروبها..
اليوم وبيدي كل شيء عادا حبيبتي
سأرمم قبري في سحابي وانتظر أجلي
وأقول للنار زيديني اشتعالا قبل مجيء المطر
وأصرخ في فوهة المغارة
ضمي عشقي بين رمادك حتى يحلو النظر
وأقول لعيني اليوم نومك ولا سهر  …

_____
*مونتبوليي/فرنسا

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *