التكنولوجيا تجعلنا أغبياء وتؤثر على عقولنا

لندن- أطلق علماء متخصصون صرخة تحذير وإنذار بشأن ثورة التكنولوجيا التي يشهدها العالم حالياً والتي يمكن أن تؤثر سلباً على عقول البشر وترفع من مستويات الغباء، حيث بات الناس يعتمدون على التكنولوجيا في كل شيء بدلاً من الاعتماد على عقولهم، بما يؤثر سلباً على القدرات العقلية لدى الناس.

ويأتي هذا التحذير في الوقت الذي تنتشر فيه الهواتف الذكية في أيدي الناس وبات الاعتماد عليها متزايداً أكثر من أي وقت مضى، فضلاً عن انتشار استخدام الانترنت والكمبيوتر ومحركات البحث، إضافة إلى ظهور أجهزة الملاحة والخرائط التي ترشد الناس إلى الطرق وبات الاعتماد عليها هي الأخرى متزايداً بما جعل الناس يستغنون عن حفظ الطرق والأماكن والعناوين.

وتبين من بحث علمي أجري مؤخراً، ونشرت نتائجه وسائل إعلام غربية، واطلعت عليه «القدس العربي» أن هناك الكثير من العواقب السيئة على المدى الطويل إذا تواصل اعتماد البشر على التكنولوجيا والأدوات التقنية بدلاً من أدمغتهم.

20qpt951
ونقلت جريدة «دايلي ميل» البريطانية عن البروفيسورة في علم النفس المعرفي في جامعة «ووترلو» الكندية الدكتورة إيفان ريسكو قولها: «إذا سمحتَ بتخزين بعض المعلومات المطلوب استذكارها على الكمبيوتر، فان الفرص لأن تقوم بتذكرها تتضاءل لديك».

وأضافت: «كنتيجة لعمليات التخزين على أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية، فان قدرتك على تذكر المعلومات بدون الرجوع إلى الكمبيوتر أو الاستعانة بالهاتف الذكي سوف تتضاءل بصورة كبيرة».

وتابعت: «هناك بعض الشكوك والريبة بشأن التكنولوجيا الجديدة وتأثيراتها على ما نتذكره».

وأجريت الدراسة التي خلصت إلى التحذير من تأثيرات التكنولوجيا على عقول الناس، بالتعاون بين جامعة لندن وبين الدكتورة ريسكو التي قامت بمراجعة مجموعة من الدراسات السابقة قبل أن تنتهي إلى هذه النتائج.
ومن بين الدراسات التي عرجت عليها البروفيسورة الكندية واحدة من التي تثبت أن أجهزة الملاحة (NAV) التي يستخدمها السائقون على الطريق، ومن بينها «غوغل ماب» وغيرها، تؤثر سلباً على الذاكرة، على الرغم من أنها تقدم مساعدة حقيقية وفعلية لمستخدميها من السائقين على الطريق.
ووجدت أن السائقين يتذكرون ما يشاهدونه على الطريق خلال رحلتهم بشكل أقل عندما يكون لديهم جهاز (navigator) يعتمدون عليه لمعرفة الطرق، كما أنهم يواجون صعوبة كبيرة عندما يتم الطلب منهم العودة إلى المكان نفسه دون الاستعانة بجهاز الملاحة في السيارة، حيث لا يتذكرون الطريق التي ساروا فيها.

وتبين من دراسة أخرى أن رواد المتاحف الذين يقومون بالتصوير باستخدام كاميرات «الديجيتال» التي تمكنهم من التقاط الكثير من الصور وتخزينها على الكمبيوترات، إنما يتذكرون أقل بكثير من أولئك الذين يزورون المتحف دون أن تتاح لهم فرصة تصوير ما فيه من نوادر وآثار، وهو ما يعني أن التصوير عند زيارة المتاحف يُفقد الشخص الكثير من التفاصيل من ذاكرته، وليس العكس كما يسود الاعتقاد لدى الكثيرين.

وتقول البروفيسورة ريسكو، والأستاذ بجامعة لندن الدكتور سام غيلبرت، إن عمليات التقاط الصور يؤدي إلى دفع الأفراد إلى تفريغ الذاكرة من عقولهم إلى الكاميرات، ما يعني أن العقل يستغني عن تخزين ما يراه لأنه يجد أن هناك وسيلة أخرى يتم التخزين عليها، وهي الكاميرا.

وذهبت دراسة أخرى إلى نتيجة بشأن محرك البحث «غوغل» مفادها أن المعلومات الهائلة التي يوفرها هذا المحرك للمستخدمين، تجعلهم يعتقدون -بغباء- أنهم أكثر ذكاء ومعرفة بكثير من حقيقتهم، أي أن القدرة على الوصول إلى المعلومات عبر هذا المحرك، تجعل بعض النا يُصاب بالغرور نتيجة اعتقاده بأنه يعرف كل شيء، وقادر على الوصول لكل معلومة من خلال الانترنت، بينما حقيقة المعارف التي لديه ليست كذلك.

ووجدت واحدة من الدراسات أن الأشخاص الذين يبحثون كثيراً عن المعلومات على الانترنت يكون لديهم «إفراط في شعور الذكاء المتضخم لديهم»، أي أنهم يظنون أنفسهم أكثر ذكاء من غيرهم.

وتأتي هذه الدراسة، أو الدراسات المتتالية، لتضيف مزيداً من القلق بشأن انعكاسات ثورة التكنولوجيا على العالم، حيث وصل القلق مؤخراً لدى بعض العلماء إلى التحذير من أن الذكاء الصناعي الذي يشهد تطورات متلاحقة ومتزايدة قد يؤدي في النهاية إلى القضاء على الجنس البشري، وقد تكون نهاية العالم بواسطة ثورة تقوم بها أجهزة الـ»روبوتس» ضد الإنسان بعد أن تخرج عن طوعه.

وكان العالم الفيزيائي البريطاني الشهير ستيفن هوكينغ حذر من أن الذكاء الصناعي قد يشكل تهديداً للجنس البشري، وقال إن الآلات التي يمكن أن تفكر تشكل خطراً على جوهر وجودنا «وأن تطوير ذكاء اصطناعي كامل قد يمهد لنهاية الجنس البشري».

كما قال هوكينغ في تحذيره: «يعتمد تأثير الذكاء الصناعي قصير الأمد على كيفية التحكم به، أما على المدى البعيد فيعتمد على ما إذا كان من الممكن التحكم به بشكل كامل». وأضاف: «ينبغي علينا أن نتساءل جميعاً عما يمكننا أن نفعله لتحسين فرص حصد الفوائد وثمار الذكاء الصناعي وتجنب مخاطره».
______
*القدس العربي

شاهد أيضاً

ابن ملكا البغدادي.. سبق غاليليو ونيوتن باكتشافاته

ابن ملكا البغدادي.. سبق غاليليو ونيوتن باكتشافاته يقطان مصطفى منذ منتصف القرن الحادي عشر وحتى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *