أثْمَلَهُ زَعْفَرَانُ المَوْتَّى فَبَكَى

خاص- ثقافات
*رعري عبد اللطيف

بيْنَ ألْفِ سَاقٍ وسَاقٍ
رَتبْتُ هَوامِشِي لِلْخَطَأِ وَدَرِيعَتِي حُزْنِي
خَطِيئَتِي ضَرِيرَة تقْطَعُ آوَاصِرَ المَحَبَّةِ
مِنْ وَطْأةٍ لِوَطْأةٍ
ألْثُمُ حَصَى المُسْتَنْقَعَاتِ جَبْراً
وألحَسُ نِعَالَ الجَبَابِرَةِ كُرْهاً
وَأُقَاسُ كُلمَّا أثْخَمُوا جَسَدِي بِالرّكْلِ قُبُورَ مَوْتاَهُمْ
وأبِيتُ فَأرَ تَجَارِبَ يَتَلَذذُونَ مَوْتِي عَدَدَ قَهْقَهَاتِهِمْ
عَدَدَ تَنَهُدَاتِي
عَدَدَ احْتِبَاسِي للِدَّمْعِ حَتَّى فاَرَتْ نَاراً
عَدَدَ نَوَاياَهُم وَأناَ أحْتَرِقُ
وَأنَا أفْتَرِقُ
وَأنَا أَخْتَرِقُ
ضَجِيجَ المُدَاعَبَاتِ الْبَهْلَوَانِيَةِ فِي أَبْرَاجِ ثُغُورِهِمْ النَّثِنَةِ
فَلاَ صَفِيرُ الرِّيحِ أَسْكَنَ رَوعَتِي
وَلاَ  ظَفِيرَة ألْقَتْ شَرْخِي فِي قَاعِ البحْرِ
وَهُوَ يَمْتَصُّ الفَرَاغَ مِنْ عُيُونٍ
تَرْقُبُ غَضَبَ الرِّجَالِ
وَلاَ نَظْرَةُ البُومِ القَاتِلَةِ عَافَتْ خُلْدِتِي لِلْأَنِينِ
هِي رِحْلَةٌ عَرْضُهَا سَمَاءٌ تَتَوَجّعُ فَيْضاً مِنْ عُقْمِهَا
بِدَايتُهُا اللّحْنُ السّعِيدُ
وَنِهَايَتُهُا كَآبَةٌ عَلَى مَتْنِ ضُعْفٍ
يَلِدُ نَوْبَاتَ غَمْزٍ تَهُزُّ كُورَالَ المَدِينةِ بصَمْتٍ طويلٍ
ألْفُ حُلْمٍ مِنْ شَجَرَةِ الْعِشْقِ
يُرْدِي الأَلْوَانَ تَدَلُلاً
فِي قُمَامَةِ النِّسْيَانِ ….
كُلُّ العُيُونُ لِبَعْضِهَا
تَحْوِي غُرَّةَ القَمَرِ ….
وَعَيْنِي فِي نَسْجِ الوَهْمِ الأَبَدِي غَائِرَةٌ
ألْفُ حَرْفٍ مِنْ نَثْرِيةِ الشَعَرَاءِ
تَغْرِي وَمْضَ الخَيّالِ بِلَيْلةٍ قَمَرِيةٍ
فِيهَا طَنيِنُ الْكَأسِ يَصْدَحُ لِلْكَأسِ
فِيهَا مِيلادُ ورْدةٍ
فِيهَا رَقْصَتَانِ
رَقْصَةٌ تُمَلِّي النّفْسَ بِالكَمَالِ
وأخْرَى أحَرّ مِنْ عَتْمَةِ القُبورِ
ألفُ نَبْرةٍ مِن سُونَاتَا الأجْيَالِ البَائِدَةِ
تَقْشَعِرُ لِسَمْعه الأبْدَانْ
وتَهِيجُ لِصَخَبِهَا  الفَرَاشَاتُ الهَادِئَة
وكَأنّ لِيَوْمِهَا مِيعَادٌ مَعَ المَوْت
المَوْتُ فِي كُلِّ تُرْبَةٍ يُشْبِهُنِي
يَسِيرُ لِجَنْبِي يَحْفرُ مَلاَمِحَ ظِّلِي
يَزْحَفُ عَارِيًا يَسْتَهْوِيهِ وُجْدِي
حِرْبَاءٌ هَذَا المُتَسَوِّلُ ثَوْبًا عَلَى المَقَاسِ الفَضْفَاضِ
كُلَّمَا حَرَكَتْ العَاصِفَةُ ذَيْلَهَا
تَحْرِقُ ألْوَانَ الشَّجَرِ
تغْرِقُ الأرْضَ سَوَاداً …
طَائِشٌ هذَا المُطِّلُ من شُرُفَاتٍ أَتْرَعَ نَوَافِذَهَا لِلْحَرِيقِ
وَيَرْقُبُ هُبُوطَ الَّلبْلاَبِ أخْضَرًا
لِيَرْسُمَ وُجُوهًا تَتَشَابَهُ فِي عَيْنِ الشَّمْسِ
وَيَحْفُرُ كَفَهُ بِالْغَدْرِ وَيَلْوِيهِ بِخِصْلَةِ شَعْرٍ
هَذَا الجَانِحُ مِنْ فَوْقٍ لِتَحْتٍ أثْمَلَهُ زَعْفَرَانُ المَوْتَّى
فَأتَى عَلَى كُلَّ شَيءٍ وَأقَامَ الليَّلَ فَبَكَي
المَوْتُ بَيْنَنَا
المَوْتُ خَلْفَنَا عَلَى الأعْتَابْ
رُفْقَةٌ لِلْأحْبَابْ
لِلظِّلِ قَامَةٌ
فِي الجُبْنِ شَامَةٌ
إنْ هَلَّ طَامَةٌ
وإِنْ تَخَلَّى أُخْرَى
بيْنَ ألْفِ سَاقٍ وسَاقٍ
رَتبْتُ هَوامِشِي لِلْخَطَأِ وَدَرِيعَتِي حُزْنِي
أحْلُمُ وَرْدَة تَنْشُدُ الَّدَّوَامَ
أحْلُمُ مَوْتِي وَفِي يَمِينِي شَمْعَةْ
وَعَلَى يَسَارِي أخْرَى

_______

مونتبوليي/فرنسا

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *