«الأسواني»: «نقاد الشنطة» يفسدون الأجيال الجديدة

وصف الكاتب المصري  الدكتور علاء الأسواني، نوعية من النقاد بـ«نقاد الشنطة» ممن يعملون حتى يومنا هذا وفقاً لنظريات نقدية اندثرت منذ الثمانينات، مضيفاً، وللأسف الشديد أن الأجيال الجديدة تتعلم كيف تفسد إبداعها، بسبب انكسارهم أمام هذه النظريات، أو محاولة تقليدهم للإبداع الذي استطاع أن يحفر اسمه في التاريخ.

جاء ذلك خلال الندوة التي نظمها مركز ميريت للثقافة والفنون، مساء أمس، الخميس، وتحدث في بدايتها الناشر محمد هاشم، صاحب دار ميريت للنشر، في القاهرة، حول قيمة الكاتب علاء الأسواني، وكان من المقرر أن تجيب الندوة على «هل يوجد إعلام في مصر؟» إلا أن «الأسواني» أعلن في بدايتها أنه نظراً لما لاقته ندوة «الأدب الثوري» التي عقدت في الإسكندرية، مؤخراً، وبناء على رغباء الكثير من حضور ندوة ميريت، فسوف يكون محور الندوة حول «الأدب الثوري».

ومن جانبه، تطرق «الأسواني» إلى مصطلح الأدب الثوري، موضحاً أنه يجمع بين مصطلحين، أولهما الأدب، وثانيهما الثورة، الأمر الذي دفعه إلى الحديث حول معنى الأدب، ومعنى الثورة.

«الأسواني» : الأدب حياة على الورق

وقال «الأسواني» أن الأدب له العديد من التعريفات، مشيراً إلى أنه يميل إلى تعريفه بأنه «حياة على الورق تشبه حياتنا اليومية، ولكنها أكثر عمقاً وأكثر دلالةً وأكثر جمالاً»، مضيفا: ولهذا فالعمل الأدبي يجب أن يكون حياة، فمن الممكن لأي إنسان أن يكتب رواية، تمامًا كما يمكن لأي دارس لعلم العروض أن يكتب قصيدة، وذلك لأن لمن درس النظرية بإمكانه أن يقوم بالبناء، ولكن السؤال هل هذا البناء هو عمل أدبي؟.

وأجاب «الأسواني»: لهذا فإن العمل الأدبي برأيي له شرط أساسي هو أن يكون حياة، وهذا لا ليس له علاقة بالمكونات، وهنا تتمكن الموهبة من كتابة رواية حية، غير ذلك ستكون الرواية ميتة.

«الأسواني» : الرواية إما حية أو ميتة

وحول التقسيمات النقدية قال «الأسواني»: على الرغم من كافة التقسيمات المعنية بالرواية التي يتم تدرسيها في الكليات، فأنا لا أعرف إلا نوعين من الروايات، إما حية أو ميتة، فالحياة تأتي قبل النظرية، وهذه التقسيمات سابقة على النظرية نفسها، فالإبداع يسبق النظرية التي يضعها النقاد.

ووصف «الأسواني» نوعية معينة النقاد بـ«نقاد الشنطة» الذين يعملون حتى يومنا هذا بالمدارس التي نشأت في الخمسينيات وبزرت في الـستينيات وانكسرت في السبعينات، واندثرت في الثمانينات، إلا أننا حتى يومنا هذا ما زالنا متمسكين بهذه النظريات.

 الأدب والأجيال الجديدة

ورأى  أن الأجيال الجديدة للأسف تتعلم كيف تفسد إبداعها بسبب الإنكسار أمام هذه النظريات طبقاً لمن وصفهم من النقاد بـ«نقاد الشنطة»، أو تقليد الأدب والنظر إلى الكبار، مضيفاً: ولكن للأسف لا أحد يفكر من الأجيال الجديدة في كتابة الأدب من وجهة نظره مثلما فعل جابريل جارثيا ماركيز، حينما رفض هذه النظريات وقدم إبداعه.

 ماركيز كتب الإبداع كما يريد

وأشار «الأسواني» إلى أن «ماركيز» حينما قدم روايته الشهيرة «مائة عام من العزلة» كان ذلك في أوقات مجد المدرسة الفرنسية، عام 1976، لافتاً إلى أن هذه المدرسة في الأساس تحتقر متعة القراءة، وكل من يسعى لجذب القراء لقراءة أعماله، واصفاً إياهم بـ«هؤلاء هم من يحولون فشلهم إلى مجد».

 ماركيز غير أرقام المبيعات وصنع جمهوريته

وقال «الأسواني» إن «ماركيز» الذي قرر أن يكتب الأدب كما يراه، استطاع أن يغير أرقام المبيعات في تاريخ الأدب، هذا الرجل الذي أسس «جمهورية ماركيز» بحسب وصف صحيفة ليموند، لأنه حقق 90 مليون قارئ.

وأضاف: تعرض «ماركيز» إلى هجوم شديد جداً يمكن وصفه بأنه «اتمسح به الأرض» إلا أنه قرر أن يكتب كما يريد، وكما يرى، حتى أنه حينما كتب سيرته قبل حصوله على جائزة نوبل كتب «ولدت لأحكي».

وأشار  إلى أنه لو قمنا بتتبع كل من هاجم «ماركيز» من النقاد في بداياته، سنجد أن موقف النقاد تم تغيره بالكامل، وهذا ما يفسر ما قاله «ماركيز» قبل أن يحصل على نوبل «بأن النقاد يعانون من داء النظرية»، مضيفاً: وبالتالي من الممكن أن نفهم سياق حصول «ماركيز» على نوبل، ما يعني أنه حصل عليها وفقاً لتأييد اللجنة لمواقف وآراء «ماركيز».

وتابع : بعد حصول «ماركيز» على نوبل، خرج النقاد ممن هاجموه بالعديد من المصطلحات مثل الواقعية السحرية، وهو ما يفسر فشل النقاد، لأن «ماركيز» نفسه حينما كتب لم يصف أو يصنف أدبه أو يضعه في تقسيمات معينة.

وأشار «الأسواني» إلى أنه سبق وأن كتب مقالاً عن حول اقتراح قدمه لأحد ضباط الأمن حول قيامهم بتعذيب المعتقلين المصريين، موضحاً أنه أشار إلى الضباط بأنه بدلاً من تعذيب المعتقلين بالضرب وما شابه، من أجل الحصول على المعلومات والاعترافات، فمن الممكن منح كل معتقل رواية ليقوم بقراءتها، ومن ثم سؤاله فيما قرأ، مؤكداً للضابط أن أي معتقل لن يتمكن من قراءة ما يزيد على خمس صفحات من هذه الروايات.

وأضاف : وذلك لأن هذه الروايات هى بالفعل تعذيب نفسي للقارئ، فما بالك بالإنسان المعتقل، سوف يعترف بدون منعاً لقراءة هذه الروايات.

أما عن الجانب الثوري، فتحدث  عن معنى الثورة، وكيف أن الشخص الثوري يمكن وصفه بأنه هو الشخص الذي يفضل المنفعة العامة على المنفعة الشخصية، مشيراً إلى العديد من الأعمال الروائية التي خلد تاريخ الأدب اسمها.

ورأى «الأسواني» أنه يمكننا الوصول إلى أن الأدب الثوري هو الذي يغير من تكوين القارئ، من السلب إلى الإيجاب، لافتاً إلى العديد من المواقف الخاصة بهذه الرؤية في الأدب العالمي، وكيف أن الأدب يجعلنا نتعاطف مثلاً مع المرأة الخائنة، أو الشخص المجرم، والنظر إلى إنسانيته.

__________

*الممر

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *