دبي – في تجربة هي الأولى من نوعها في العالم العربي وربما في العالم، أصدر الأديب والإعلامي العربي الأردني محمد سناجلة قصته الصحفية الرقمية التفاعلية “تحفة النظارة في عجائب الإمارة/ رحلة ابن بطوطة إلى دبي المحروسة” وذلك على الموقع:
dubai.sanajleh-shades.com
تقع القصة، الأولى من نوعها في العالم بمجال أدب الرحلات التفاعلي الرقمي حسب ما يؤكد مؤلفها، في نحو 260 ميجابايت، ومشغولة بتقنيات ولغة رقمية تعتمد على فنون الأنميشنز والجرافيكس والأفتر افكتس، والصور ثلاثية الأبعاد بالإضافة إلى الصوت والصورة والحركة، مع الاستخدام المكثف للنص الفائق (الهايبرتكست) في بنيتها السردية، محققة تزواجا فريدا من نوعه بين فنون الكتابة الصحفية والقصصية وآخر ما وصلت إليه التقنية الرقمية.
ابن بطوطة في دبي
في بداية القصة، التي أشرف على إعدادها الإعلامي الإماراتي خليل بن غريب مدير إدارة الاتصال المؤسسي في جمارك دبي، نقرأ العتبة النصية التالية:
“هذه القصة وجدتها بين ملفات جدي المتوفي عام 2051 للميلاد، وهي عبارة عن تقرير صحفي رقمي مكتوب بطريقة قصصية شيقة، كتبه والد جدي أبو اليمان محمد بن صالح بن الحسين السنجلاوي ثم الديراوي، والمتوفي عام 2042 للميلاد، نقلا عن صديقه الحميم أبي عبدالله محمد بن عبدالله بن إبراهيم اللواتي ثم الطنجي المعروف بابن بطوطة، ويصف فيها رحلته إلى مدينة دبي عام 2021 للميلاد بتكليف مباشر من أمير المؤمنين المتوكل على الله سعيد بن عثمان المريني، وقد رفع التقرير إلى أمير المؤمنين بعد عودته من رحلته تلك، وأنقلها لكم الآن كما هي من غير تبديل مني ولا تعديل.
كنان بن محمد بن اليمان بن محمد سناجلة
دير السعنة (الأردن) في الثاني من ديسمبر عام 2121 للميلاد”.
تضعنا هذه العتبة النصية في جو افتراضي رقمي متخيل يتكامل فيه الزمن حتى يصل للواحد، ويتفاضل إلى أزمنة متعددة ضمن الزمن الواحد، في سياق تقرير صحفي مكتوب بطريقة قصصية شيقة لرحلة متخيلة في زمن لم يأت بعد (2021م)، ومرفوعة إلى سلطان توفي قبل أكثر من 800 عام، ومكتشف القصة وناقلها هو ابن حفيد المؤلف الذي لم يولد بعد.. إنه اللعب بالزمن الذي هو واحد رغم تعدده وتفاضله إلى أزمنة متعددة لتقديم رؤية مغايرة، تكشف من منظور واسع، ومن خلال استعراض شيق الأهمية لتجربة دبي الفريدة من نوعها.
تحفة النظارة
القصة مكتوبة بنفس الأسلوب الذي كتب فيه محمد بن جزي الكلبي قصة رحلات ابن بطوطة وأسفاره إلى أصقاع العالم المتعددة، والتناص يبدأ منذ العنوان، فرحلة ابن بطوطة التي كتبها الكلبي كانت تحت عنوان “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار”، ومن هنا، فإن “تحفة النظارة في عجائب الإمارة”، للكاتب محمد سناجلة، تضيف من خلال هذا التناص رحلة جديدة فريدة إلى هذا الأثر الكبير في عالم أدب الرحلات.
ويرى سناجلة أن تعمده التناص مع هذا المنجز الكبير والمرجع الشهير في عالم أدب الرحلات يثبت حقيقة أن دبي و”عجائب الإمارة”، حجزت لنفسها مكاناً بين أوائل التجارب الإنسانية الرائدة، التي لا يستطيع التاريخ، ولا المؤرخون، تجاهلها بحال من الأحوال.
ابن بطوطة يلتقي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ويسلمه رسالة خاصة من أمير المؤمنين
يزور ابن بطوطة دبي ويتجول في شوارعها وأبراجها ويرفع تقارير مصورة عن عجائبها إلى السلطان الذي أرسله، وتبلغ القصة ذروتها بلقاء افتراضي “للسفير” ابن بطوطة مع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي، الذي يستقبله في خيمته الخاصة خارج المدينة، ويرحب به أشد الترحيب، وهناك يقوم ابن بطوطة بتسليم الشيخ محمد رسالة خاصة من أمير المؤمنين المتوكل على الله المريني ويتلقى منه الهدايا… لتنتهي القصة بنهاية مفاجأة للقراء والمتصفحين.
تفاعل مع المتصفحين
توفر القصة موقعا تفاعلياً شاملاً مع القراء والمتصفحين، حيث بإمكان القراء كتابة تجاربهم الخاصة، ورحلاتهم إلى مدينة دبي ومعالمها السياحية والحضارية المتعددة، كما بإمكانهم إبداء آرائهم وتعليقاتهم الخاصة بالقصة، بل وحتى كتابة نهاية مختلفة لها، وصولا إلى مراسلة ابن بطوطة نفسه بالإضافة إلى المؤلف.
كما يوفر الموقع صفحات خاصة بالرحلة على وسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر ويوتيوب، حيث باستطاعة القراء التفاعل المباشر مع القصة من خلال هذه الصفحات.
مستقبل الصحافة الرقمية
ويقول سناجلة: مع الثورة الرقمية انتفى المكان فغدا نهاية تقترب من الصفر، وتوحد الزمان عند نقطة تقبل التقديم والتأخير، مثل شريط مسجل. وذلك في سياق العصر الرقمي الجديد، الذي أنجب إنسانه المختلف تماما، بحاجاته “الافتراضية” التي يتطلبها المجتمع الرقمي. وهذا الإنسان يحتاج إلى طرق جديدة للتعبير تستجيب لتقنيات العصر الرقمي الجديد في مجال الارسال والاستقبال المعقدة، طرق تعبير تتجاوز عقبات الأساليب الصحفية والسرديات القديمة. ومن هنا، فإن “تحفة النظارة في عجائب الإمارة” هي اقتراح أو استشراف لمستقبل الصحافة الرقمية عموما، والقصة الصحفية الرقمية على وجه الخصوص.
من جهته قال الإعلامي الإماراتي خليل بن غريب مدير الاتصال المؤسسي في جمارك دبي والمشرف على العمل: “لقد سعدت بالإشراف على هذه التجربة الفريدة من نوعها من منطلق الايمان بقدرة الإبداع العربي والمبدعين العرب على استشراف المستقبل، والاستجابة الفعالة للتحديات الكبرى التي يطرحها، وتحقيق الريادة ليس على المستوى الإقليمي فحسب وإنما على المستوى العالمي أيضا، وتحرص مؤسسة الموانيء والجمارك والمنطقة الحرة دائما على دعم وتشجيع المبادرات الإبداعية لموظفيها، انطلاقا من سعيها لتوفير بيئة عمل تشجع على الريادة والإبداع اتساقا مع رؤية حكومة دبي، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في دعم وتشجيع المبدعين في كافة المجالات”.
ومن الجدير بالذكر أن سناجلة هو رئيس اتحاد كتاب الإنترنت العرب، ورائد عربي في مجال الرواية الرقمية والشعر التفاعلي، ويعتبر النقاد روايته “ظلال الواحد” الصادرة عام 2001 أول رواية رقمية تفاعلية في الأدب العربي، وله أربع روايات رقمية أشهرها رواية “شات” (2005).
عمل سناجلة مديرا لتحرير موقع ميدل ايست أونلاين الإخباري الشهير، ورئيسا لتحرير موقع يورسبورت عربية، وكذلك مديرا لتحرير شبكة إرم الإخبارية، ويعمل حاليا كأخصائي في الإعلام الرقمي في جمارك دبي.