*سارة محمد
الملاحظ في دراما رمضان الأخير اختفاء الكوميديا تقريبا من الشاشة والتركيز على قصص الجرائم والأجواء البوليسية، كذلك المصحات النفسية، وهو توجه رأى البعض أنه يضاعف الاكتئاب لدى المشاهدين الذين يعانون في الأصل من الأحداث السيئة التي شهدتها المنطقة العربية في السنوات الماضية.
وأكد السيناريست بشير الديك أن الإعلانات هي المتحكم الأساسي في “الفورمات” الدرامية التي نراها من عام إلى آخر، لهذا تنتعش الدراما البوليسية والنفسية باعتبارها أكثر الأنواع الجاذبة.
وأضاف أن الفضائيات خرجت عن دورها في ما يتعلق بمسألة التعامل مع الأسرة، وخضوعها لسطوة الإعلانات التي أصبحت تتحكم في المحتوى الدرامي للأعمال، حتى المواضيع الاجتماعية حولتها الدراما إلى مشاجرات وعنف.
وقال لـ”العرب” إنه حتى وقت قريب كانت برامج “التوك شو” جاذبة للإعلانات بشكل كبير، ما جعل الدراما تفكر في وسائل لجذب المشاهد وإن كان ذلك بالعنف من أجل زيادة كعكة الإعلانات.
أما الجانب الإيجابي في ظاهرة العنف والإثارة “الأكشن” فيتمثل في وجود تقنية تصوير عالية، كما أن بعض النجوم يلجؤون إلى بطولة هذه الأنواع الدرامية من أجل إثبات قدراتهم التمثيلية.
وأوضح الديك أن بعض الممثلين يغريهم النجاح في دراما رمضان فينجرفون لتنميط أنفسهم أملا في تكرار النجاح، ضاربا المثل بالفنانة المصرية نيللي كريم التي قال إنها ممثلة جيدة جدا، لكن انحصارها في الأدوار شديدة الكآبة قد يقضي عليها.
دراما “الأكشن” والإثارة كانت صاحبة النصيب الأعظم هذا العام، أبرزها مسلسل “الخروج” و”الميزان” و”شهادة ميلاد” و”سبعة أرواح” و”القيصر”، أما الاتجاه النفسي فقد تركز في ثلاثة أعمال أولها “سقوط حر” بطولة نيللي كريم، ويصور قصة سيدة تقتل زوجها وشقيقتها بعد أن اكتشفت خيانتهما لها.
ثم مسلسل “الخانكة” الذي تلعب بطولته غادة عبدالرازق، وتجسد شخصية مدرسة تتعرض للتحرش على يد طالب فتقوم بضربه حتى تسبب له عاهة مستديمة، الأمر الذي يودي بها إلى إيداعها بالسجن، ثم نقلها إلى مستشفى الأمراض النفسية.
وجمع مسلسل “فوق مستوى الشبهات” بين الإثارة والعقد النفسية، حيث يروي قصة مريضة نفسيا تجسدها يسرا، تقوم بقتل طبيبها النفسي وتستخدم كل قوى الشر في إلحاق التهمة بإحدى جاراتها في التجمع السكني الذي تعيش فيه.
وفي رأي الناقدة المصرية ماجدة خيرالله ليس هناك غرض معين في التركيز على نوع درامي معين، إلاّ أن الظروف أحيانا تفرض على الكاتب مواضيع مثل الجرائم، وربما يكون هناك من يتقدمون بمشروعات إلى الجهات الإنتاجية ثم يقومون بسحب المشروع وإرساله لجهة أخرى، وقد تقوم الجهة الأساسية بتنفيذ الفكرة بفريق عمل آخر.
وأكدت خيرالله لـ”العرب” أن مثل هذه الأدوار يعتبرها الممثل الفرصة الأعظم له لتفجير طاقاته التمثيلية، والصدفة تقود إلى تزامن أدوار الفنانين في توقيت واحد، دون نفي احتمال وجود جواسيس في شركات الإنتاج، والدليل أن الشخصيات المريضة نفسيا هذا العام لعبت أدوارها نساء.
وأضافت أن دراما “الأكشن” تتطلب وجود ضباط الشرطة، والحقيقة أن أداء معظمهم جاء مبالغا فيه، لكن بالنسبة إلى الدراما النفسية هناك من أخفقوا فيها مقابل من وضعوا بصمة، فمثلا يعتبر مسلسل “فوق مستوى الشبهات” استعادة لتألق يسرا بالدراما التلفزيونية.
أما غادة عبدالرازق فاعتبرت خيرالله أنها “أخذت المسألة بالعافية” كونها لم تحسن الاختيار، وهذا يؤخرها كثيرا، عكس نيللي كريم التي لا تتدخل في تفاصيل العمل الفني وتركز فقط على الشخصية التي تلعبها ما يجعلها أكثر صدقا.
وأشار الكاتب مصطفى محرم إلى أن خط الجريمة موجود منذ أن وجدت الدراما، بينما هاجم مؤلفي مسلسلات المرض النفسي واصفا إياهم بالجهلة، فالكتابة في هذا المجال تحتاج إلى تقنيات عالمية وحرفية في صياغة السيناريو، وليس مجرد تعريف بماهية المرض النفسي مثلما يحدث في مصر.
ونوّه محرم إلى أن أغلب مسلسلات “الأكشن” أفكارها مسروقة من أفلام أجنبية، لأن طبيعة الجريمة في المجتمعات العربية مختلفة عنها في الغرب، والأزمة في النهاية ترجع إلى عدم وجود رؤية درامية في الأعمال التي تقدم كل عام، وإنما تدار الأمور بطريقة عشوائية.
____
*العرب