*عبد اللطيف رعري
خاص ( ثقافات )
في غمرة الألوان يسقط منديلي
بلا لون يذكر
وتسقط أحرف الوجوه في ثنايا الإصرار
وتتمرغ في شحت الخريف عيوني
تتوسل عودة البلابل لساحات الشدو الحسن
واقتراف ساعات للتسويف والصراخ
بالرقص تكتمل المساومة
بالرقص تنتهي المداومة
بالرقص أجسادنا ترشح ذبولا
وتعرق بيننا أصابع موتانا بعطر التراب
وتخلد قهقهة الريح في أجيابنا
ويطبّل صرار البيادر على ظهر سحابة
ليبكي الظهيرة
وتمسي ألواحي المقعرة خزانا للهجير
ومن أعناقها يتدلى صبح محتشم
يتلو غضب الأتي
حصير تأكله النار
وآيات مشكولة بالوهم
وتقتات خنافس الحواشي من بطء الأرجل
هاربة من لفع الحريق
حين يقترب من صمت القرى
مناديلي ترابية ترتعش ضجرا
وترمي دجل الفراغ بالأحمر
لتسقط جدار الوجل في خواء النهر
رحلة الألف اعتراض تبدأ بغمزة
أركنت سوادها في حلم قد لا يأتي
وقد يأتي وفيه ضالتي
ولن تقوى أضلعي على الرقص عارياً
كما يجبرني دوما حمقى على الميال
وقد يأتي وفيه نوباتي
ولن أتوقف عن الجدب حتى تتقطع أوتاري
ويتلف الصدى إيقاع هروبي….
نعلي تطايرت آثاره في الرمل
وعشش في أذني ضجيج الأمل
قد أنجو من تفردي في حيرتي
وقد تعلُوني صيحة غروري
وأحتسي لُومتِي بغمض العين
حصير تأكله النار
ولا تأكل النار إلا نارا لمحو الأثر
لا تصحو الفراشات على وجوه نكد
ولا تُعبَر ساحات الياسمين بالأغلال
فراشاتي حالمات بالمنتهى
وأقفاصها ذهبية بالحلم راسية بدل الزوال
تتملى باللون كلمّا داعبها القمر بالنسيان
النوم نوم
والحلم حلم
فما أسعدني في نومي
ما أتعسني بتسلل الحلم من بين زفراتي الخالدة
خذوا مني أحلامي للمزهريات
دقوا أبواب أفقي كل جُمعة وتلمسوا طيفي
فقد ارتشفُ آخر القبلات من وجه السماء
ولا أعود إلا وفي شَطْحِ عيوني حلم أخير
خذوا مني أحلامي للبحر
واصرفوا دخان أرواحكم في أفلاك الاحتضار
فسعتي في الهيام تشفع لي بألوهية مؤقتة
لأحكم ظلي من الإفلات
وأهديكم آخر نومة قد أصحوا معها من هذياني
وأسلم أوراقي للمواسم البئيسة
وأمتطي خيدع القباب وإن تمردت
وأدثر سُحبي بألحاني مهما تشردت
وأمسح بمناديلي ندى أكاليل تهددت
الحصير تأكله النار
فلا تكفوا عن الحلم
شيدوا أبراجا لا حد لها في السماء
اتركوا العصافير تحكم مملكة الضياع
تدللوا للريح حين يغفو القمر
فطريقها مفتاح للعاصفة
اتركوا الظلال ترتق مناديلكم فبوابة البحر عارية
وادخلوا الغابة من جهة النهر
فالحريق فيها ينام على هدنة البوم
لا تكفوا عن الحلم
فقد يخطفكم الحنين من فوهة الغدر
وأياديكم تصافح الفراغ
هدهدوا الليل ليصعد الحلم من قعر الزجاجة
وكبلوا شياطينه بتلاوة القران
فوعدكم اليوم حلمًا
ووعد الآخرين فيكم جُرمًا
والسابقون نياماً يحترق الحصير بينهم جمرًا
في غمرة الألوان تسقط المناديل
تسقط المواويل
تطفئ شموعا وقناديل
ويحيا الحلم
ويحيا الحالمون بالبقاء.
___
منتبوليي/فرنسا