حكاية عادية


*عبد الرحيم التوراني


خاص ( ثقافات )
أعفى لحيته. ألبس زوجته الحجاب. فرض على ابنه المراهق الصلاة. صار يؤدي الأوقات في ميقاتها. 
قال في سره: 
– لقد أرضيت الخالق وضمنت رحمته يوم القيامة. 
لكنه ظل يحن إلى الماضي. أحس به أجمل من حاضره. لم يقدر على مقاومة الإغراء. أغمض عينيه وانغمس في المساوئ، واتبع سبيل ” وإذا بليتم فاستتروا”. معللا نفسه بالمغفرة. 
لما انفضح أمره، مسد لحيته الكثة بأصابع معروقة، متنهدا: 
– إن النفس لأمارة بالسوء، وإن الله غفور رحيم. 
قرر الذهاب إلى الحج للاغتسال من الذنوب جميعها. 
عندما عاد وجد امرأته لبست البرقع، ولم يجد ولده. 
قالت له: 
– لقد لحق بك إلى المشرق، ألم تصادفه مع حجيج الشام؟
– وما صلته بأهل الشام؟
– لأنك أخبرته بأن أصولنا من المشرق، وتحديدا من الشام.
– وأنت؟ لماذا لبست البرقع؟
– لأني عزمت على تركك. 
– وإلى أين بالسلامة؟
– قررت أن أهدي ما بقي من عمري في سبيل المجاهدين.
– كيف ستعملين؟
– سأجاهد من أجلهم. 
– ستحملين السلاح؟
– هناك طريقة أخرى غير السلاح.
– قولي قررت أن تصيري ق،،،بة يا ابنة الكلب.
خنقها بسبحته.
أحس بنفسه تحول إلى جثة ثقيلة. أرخى أطرافه فتدلى. اعترف بما جنت سبحته. أكثر من الاستغفار وطلب الرحمة. أغمض عينيه، فرأى القيامة.
(المعاريف، الدار البيضاء)

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *