الدراما السورية برمضان.. أصداء الحرب والمجتمع


*سلافة جبور


مع بداية شهر رمضان الكريم لهذا العام، تسابقت المحطات الفضائية السورية والعربية لبث عشرات المسلسلات التي تنوعت مضامينها بين الكوميدي والاجتماعي والتاريخي و”الشامي”.
ولم تختلف الدراما السورية هذه السنة كثيرا عن الأعوام الفائتة، إن كان من حيث تنوعها أو محتواها أو المشاركون فيها. وفي حين عكس بعض منها جزءا من الواقع الذي تعيشه البلاد اليوم -سواء بقالب درامي أو كوميدي- اكتفى بعضها الآخر بقصص تاريخية أو محلية بعيدة عما يجري من حروب ونزاعات، واستكمل عدد منها أجزاء عرضت خلال الأعوام الفائتة.
ولا يعني تسليط الضوء على واقع البلاد بأي حال الحديث عن القمع أو الدكتاتورية أو الحرب التي فرضها النظام على السوريين، وإنما هي مجرد إضاءات خجولة على قصص ذات صلة بالحرب، كالنزوح والفقر والتشرد. في حين قد تكتفي بعض المسلسلات بالإشارة إلى الفساد والمفسدين بصيغة المبني للمجهول، وكأنهم شخوص لا يعرفها السوريون ولا تعيش بينهم.
ومن المسلسلات الاجتماعية ما أنتجته المؤسسة العامة السورية للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، مثل “بلا غمد” الذي يتحدث عن ملاحقة ضابط لأحد “الإرهابيين”، وهي التسمية التي يطلقها النظام السوري على جميع معارضيه وخاصة حاملي السلاح منهم.
وهناك مسلسل “زوال” عن حكايات من حي ركن الدين الدمشقي منذ التسعينيات وحتى عام 2011، ومسلسلات أخرى أنتجتها شركات سورية وعربية، مثل “دومينو” و”أحمر” وهما مسلسلان يتحدثان عن فساد رجال أعمال وذوي نفوذ وسلطة، و”عابرو الضباب” عن شخصيات تشكّل الحرب في سوريا خلفية لما تعيشه من أحداث.
دراما مشتركة
وتتكرر المسلسلات الشامية التي تتحدث عن جوانب من الحياة الدمشقية في أوائل القرن الماضي، ومنها “باب الحارة” بجزئه الثامن، و”عطر الشام” و”صدر الباز” و”طوق البنات” وغيرها. حيث تتشابه هذه الأعمال في بيئتها وشخوصها وحكاياتها عن الشهامة والمروءة والنميمة والخيانة، دون تميز يذكر، إلا أنها تحظى بنسب مشاهدة عالية لعلها الأكبر بين مختلف الأعمال السورية، على غرار السنوات الماضية.
وتنوعت مواقع تصوير هذه المسلسلات بين مدن سورية كدمشق وطرطوس، وبين لبنان ودبي وغيرها من البلدان العربية، كما شاركت مجموعة كبيرة من الممثلين والمخرجين والكتّاب في إنجازها.
ولعل ما تميزت به الدراما العربية هذه السنة هو “الأعمال متعددة الجنسيات”، والتي يشارك فيها ممثلون وكتاب من بلدان عربية مختلفة أبرزها سوريا ولبنان ومصر، ومنها مسلسلات “خاتون” و”صرخة روح” و”يا ريت” و”جريمة شغف”.
ولا يقتصر التشارك في هذه الأعمال على الكادر البشري، وإنما يتعداه للتصوير في أكثر من بلد واحد، ولذلك أسباب عديدة من أهمها عدم استقرار بلدان المنطقة وعلى رأسها سوريا.
كما أن انشغال معظم تلك البلدان بحروبها ونزاعاتها الداخلية، جعل من تسويق المسلسلات عملية أصعب من السنوات السابقة، مما دفع بالمنتجين للتفكير بحلول بديلة للترويج، كانت الأعمال المشتركة منها.
تلقي الجمهور
ومن أضخم هذه الأعمال مسلسل “يا ريت” الذي يتحدث عن مجموعة من العلاقات المتداخلة بين عائلات سورية ولبنانية ومصرية، خاصة في الفترة التالية للربيع العربي، ويتطرق من بين شخصياته لعائلة سورية هاربة من الحرب تعيش في إحدى القرى اللبنانية.
ورغم فترات انقطاع الكهرباء والانشغال بتأمين لقمة العيش، يتابع كثير من سكان العاصمة دمشق المسلسلات الدرامية السورية منذ بداية الشهر الفضيل، كفعل بات تقليدا سنويا لهم، وكمتنفس يبتعدون من خلاله -ولو لساعات- عن واقعهم الأليم.
فأمّ ماهر وهي سيدة خمسينية تعيش في حي متواضع شرق دمشق، ترى -في حديث للجزيرة نت- بأن التلفاز ما يزال من أهم عوامل تجمّع أفراد العائلة بعد الإفطار، مما يعطي أهمية للمسلسلات الكوميدية والاجتماعية البعيدة عن الواقع في الترويح عن السوريين وسط ظروف الحرب.
وعلى العكس منها، يقول وائل -وهو صاحب محل ألبسة وسط العاصمة- إن الدراما الوحيدة التي يجب أن تنتشر هي تلك التي تتحدث عن واقع السوريين الحالي، مضيفا للجزيرة نت أن “قيمة الفن هي من مقدار تمثيله لحياة المجتمع الذي يتحدث عنه، بحلوها ومرها”.
________
المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

“أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني

(ثقافات) “أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني برعاية العين د. مصطفى حمارنة ينظم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *