*مهند النابلسي
خاص ( ثقافات )
يعيدنا المخرج الفرنسي البارع “اوليفييه أساياس” إلى العام 1900 ليصور قصة حب “رومانسية” حزينة ومؤثرة بين رجل وامرأة على مشارف الحرب الكونية الأولى في العام 1914، وخلال ثلاث ساعات يغوص بنا “أساياس” بتفاصيل حياة عائلة “بارتيري”، حيث التقى جان (الممثل شارل بيرلينغ) مع الجميلة بولين (ايمانويل بيار) للمرة الأولى في “بريازاك” خلال حفل راقص صاخب، كانت الفتاة قد تجاوزت العشرين بقليل، أما هو فكان “كاهنا”، وقد استدرك متاخرا استحالة استمرار زواجه الأول مع ناتالي(ايزابيل هوبير)، لكن سرعان ما تنقلب حياة “جان” رأسا على عقب، فيتسلم تجارة العائلة الثرية الموزعة ما بين صناعة البورسلين في مدينة “ليموج” والكونياك في مدينة “شارانت”، ثم يتجرأ شخصيا فيطلق زوجته الأولى ويقترن من “بولين”، فهل سيتمكن هذا الحب الرومانسي أن يحيا والعالم يسير بخطى سريعة نحو الحرب ، وفي ظل تفكك الامبرطوريات الصناعية وصدمة تغير الحقائق والمفاهيم!
يعود هنا المخرج الفذ “اوليفييه أساياس” لعالم السينما الرومانسية الكلاسيكية المعبرة، ويجمع عددا من الممثلين البارعين (كالثنائي بيار- بارنيزي) لإضفاء الحميمية والإقناع في الأداء التمثيلي، وبالرغم من طول مدة الفيلم لثلاث ساعات، الا أن المشاهد لا يشعر بالملل بل ينغمس بالأحداث، متتبعا العلاقات ورسائل “جان وبولين” من جبهات القتال وإليها، وقد نجح المخرج بالحق في التعامل ببراعة مع النص الأدبي الرائع للكاتب الراحل “جاك شاردون”.
أما الممثل القدير “شارل بيرلينغ” فقد حمل محور الأحداث بإتقان ورشاقة وبراعة تمثيلية فريدة، وبدت الممثلة “ايزابيل هوبير”عملاقة في دورها القصير المؤثر، أما “ايمانويل بيار” فقد أضفت على الشريط البعد الرومانسي والعاطفي الحميم، سواء بشكلها الأخاذ او بصوتها الموسيقي الناعم.
هناك الكثيرون من “أدعياء النقد السينمائي” الذين يميلون عادة لمفهوم “الفاست فود” بالذوق السينمائي، ولا يطيقون أبدا تحمل ثلاث ساعات من السرد السينمائي الراقي، لذا تجد مثل هذه التحف السينمائية تمر مرور الكرام ولا تجد لها سوقا رائجة سواء بالعروض التجارية، او بالعروض الانتقائية النخبوية النقدية، وهذا بالحق مؤسف بل ومحزن!
___
*ناقد سينمائي