أحمد مجاهد*
ارتبط اسم “بهلر” ولفترة طويلة بتاريخ القاهرة الحضاري، وخاصة قطاع السياحة والفنادق لما كان له من تأثير كبير ولفترة طويلة، وقليل منا يعرفون هذا الاسم السويسري.
في وسط القاهرة يقف مبنى ضخم يتوسط ميدان طلعت حرب “سليمان باشا سابقا”، مبني على طراز الآرت ديكو، هو من آخر إبداعات هذا الرجل بين عامي 1927-1929، وهو من تصميم المعماري الفرنسي ليو نافليان، هذا المبنى الفاخر قد حل محل فندق “سافوي” وملحقاته.
كان فندق “سافوي” ولفترة طويلة واحدًا من أهم أماكن إدارة الأعمال آو الإقامة في القاهرة، فالمكاتب التمثيلية للشركات البريطانية كانت بهذا المبنى، وحتى القيادة المركزية للجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى كانت موجودة به.
في عام 1924 قرر المالك الجديد لفندق سافوي، تشارلز بهلر، هدم الفندق وملحقاته ليمهد الطريق لمبنى ضخم يجسد المعنى الحقيقي للبناء العصري.
ولد بهلر في 10 يونيو 1868 في سويسرا، و في 21 أكتوبر 1885 وصل إلى القاهرة. في عام 1904 أصبح يملك حصة الأغلبية في شركة الفنادق المصرية المحدودة التي تأسست في 1897.
في عام 1906 أنشأ شركة صعيد مصر للفنادق المحدودة والتي بدأت بخمسة فنادق في الأقصر وأسوان، وكان من ضمنها فندق “ونتر بالاس” الذي بناه بهلر، وفندق “كتاركت”.
في عام 1907، أنشأ شركة الكهرباء والطاقة والتي كانت تغذي فندق شيبرد والأحياء المحيطة بـ2500 حصان من الطاقة الكهربائية.
في عام 1908 اشترى أراضي إضافية في جزيرة بولاق التي تحولت إلى حي الزمالك.
في عام 1910 أصبح المالك المسيطر على حصص فندق “سميراميس”، وفي عام 1925، وافقت هيئه الفنادق المصرية على إدارته لممتلكات شركة الفنادق الكبرى “مجموعة Nungovitch سابقا”، ولمدة 25 عاما، والتي تضم “فندق كونتننتال ومينا هاوس، وسان ستيفانو وحلوان”، وأصبح بهلر هو المسيطر على معظم الفنادق الرائدة في مصر بمجموع 4000 سرير.
بين عامي 1927-1929 انشأ بهلر مبنيين في الزمالك، وعمارة بهلر في وسط القاهرة، التي أصبحت الآن ملكا لشركات التأمين.
في عام 1928-1929 تم افتتاح فندق متر وبوليتان -أصبح كوزموبوليتان- في شارع قصر النيل، وفي عام 1929 بنى فندق الملك داود في القدس.
في عام 1933، وما بعده أنشأ كأس بهلر-رينهارت للتحدي على ملاعب التنس في القاهرة والإسكندرية للسويسريين المقيمين في مصر.
عاش بهلر في فيلا الساحة الحمراء في شارع حسن صبري “الجبلايه سابقا”، ثم انتقل إلى فيلا “لوتس” رقم 20 شارع دار الشفا بجاردن سيتي، والتي هدمت بشكل غير قانوني في عام 1996 والذي أدى إلى فصل نائب محافظ القاهرة في ذلك الوقت.
لم يكن هناك مبنى بحجم عمارة بهلر في وسط القاهرة في ذلك الوقت.
عمارة بهلر تتكون من 6 مبان شبه منفصلة، ولكل منها مدخل خاص، وبها نحو 130 شقة فاخرة، والبعض منها مكاتب تجارية، أما الدور الأرضي فقد قسم إلى 72 محلاً مستقلاً على الطراز الباريسي.
كان ممر بهلر عامرًا بأفضل محلات الملابس الرجالي والتحريمي من أفضل الماركات العالمية وصالات عرض اللوحات الفنية لكبار الفنانين.
كان تشارلز بهلر هو المالك لفندق قصر الجزيرة “فندق ماريوت الآن”، وقد فضل شراء المزيد من الأراضي الزراعية في جزيرة بولاق “الزمالك”، والذي مكنه من تكوين شركة تنمية عمرانية.
في مدخل الزمالك لازال يوجد مبنى بهلر، والذي بني في مطلع هذا القرن على أرض استقطعت من الحدائق الخاصة بالخديوي السابق متميزًا بالزخارف المستوحاة من المباني الأوروبية.
توفي تشارلز بهلر من مضاعفات عمليه الزائدة الدودية في لوزان بسويسرا.
* المصري اليوم لايت.