*ترجمة حسن لشهب
(ثقافات)
خديجة جميلة. لها من المغرب لون أرض الصيف، وزرقة السحب، وابتسامة تروض الطير المتكبر ولكن في نظرتها حقل حنان وحركتها غاية في البساطة والحشمة.
بباريس كانت تنهي دراسة الطب منذ بضع سنوات، مواطنوها العاملون الذين نفاهم الزمن، تعرفهم جيدا، وتناضل إلى جانبهم.
في الأحد الماضي، وهي تترجل من الميترو، عاكسها عامل مهاجر كان يسعى لإذابة وحدته.
-أنت جميلة يا أختي.
وابتسمت خديجة.
-قولي يا أختي، أنت عربية، أليس كذلك؟
هزت خديجة رأسها بالإيجاب مع ضحكة صغيرة.
-قولي يا أختي، يا غزالة تحت القمر، أتشربين قهوة مع أخيك من المغرب… فالأحد طويل ومحزن… والآخرون أيضا لا يتحدثون… هيا تعالي لنتحدث عن البلد…
تزاحمـت في ذهـن خديجة كلمات وصور: الهجرة… و الوحدة… و الوحشة. و الذنب… والتحرش… و المنفى… والكآبة… والعنف… و الميز العنصري المعتـاد…
أن نتكلـم، لم لا؟
– موافقة، شكرا على دعوتك.
في المقهى تبادلا بعض الانطباعات عن العمل، والمنفى، والعطلة… ثم ساد الصمت طويلا، مع قليل من الحرج.
أخرج الرجل ورقة من فئة عشر فرنكات ووضعها بين ثديي خديجة، وتلت المفاجأة ضحكة كبرى مجنونة. شعر الرجل بالحرج، فاعتذر، هدأته خديجة وطبعت على جبينه قبلة قبل أن تغادر.
______________
بقلم الطاهر بنجلون.
“Le compatriote”, le premier amour est toujours le dernier. Paris seul 1995.