ليديا ديفز.. قصص قصيرة جداً (2)


ترجمة: خضير اللامي



خاص ( ثقافات )
بيت محاصر 
كان ثمة رجل وامرأة يعيشان في منزل واحد، حيث كانا يرتعدان رعباً وهما في المطبخ، سمع الرجل والمرأة انفجارا صغيرا، ” الريح ” قالت المرأة، ” صيادون ” قال الرجل. ” المطر، ” قالت المرأة. ” الجيش ” قال الرجل. أرادت المرأة أن تذهب إلى البيت، لكنها هي الآن في البيت، في وسط المدينة، في بيت محاصر.


الأم 
كتبت الفتاة قصة. ” ولكن أليس من الأفضل أن تكتبي رواية، ” قالت أمها. صنعت الفتاة بيتا من دمى. ” ولكن كم هو جميل لو كان بيتا حقيقيا، قالت أمها. صنعت الفتاة وسادة لأبيها. ” لكن أليس من الأفضل أن تصنعي لحافا مريحا ” قالت أمها. حفرت الفتاة حفرة في الحديقة . ” لكن أليس من الأفضل أن تكون هذه الحفرة أوسع.” حفرت الفتاة حفرة أوسع ونامت فيها. قالت أمها ” لكن أليس من الأفضل أن تنامي فيها مادمت على قيد الحياة!” قالت أمها.
الحب الآمن 
كانت قد وقعت في حب طبيب ابنها، وحدها في الريف – لا أحد يستطيع أن يلومها.
كان ثمة عنصر العاطفة الكبرى في هذا الحب، إنه أيضا لشيء آمن، الرجل في الجانب الآخر من السور. بينه وبينها: الطفل على طاولة الفحص، المكتب نفسه، العاملون أنفسهم، والقهوة نفسها، وزوجته، وزوجها، وسماعته، ولحيته، وحمالتي نهديها، ونظارتيه، ونظارتيها، الخ…
مشكلة
X يعيش مع Y، ولكن كلاهما يعيش على نفقة Z. وY نفسه يساعد W، التي تعيش مع طفلها إلى جانب زوجها V. و.V الذي يريد أن ينتقل إلى شيكاغو لكن طفله يعيش مع W في نيويورك، وW لا تستطيع أن تنتقل لأنها ترتبط بعلاقة مع U، الذي يعيش طفله أيضا في نيويورك، رغم أنه يعيش مع أمه، و T.T يأخذ نقودا من U ، وW تأخذ نقودا من Y، ومن V لطفلهما، ويستلم X نقودا من Z. أما X وy فكلاهما ليس لديه طفل. وv نادرا ما يرى طفله، لكن يوفر له وسائل الحياة. أما U فيعيش مع طفل W، لكنه لا يوفر له وسائل العيش. 
المرأة الثالثة عشرة 
في بلدة الاثنتي عشرة امرأة تعيش ثمة المرأة الثالثة عشرة. لا أحد اعترف أنها تعيش معهن، لا رسائل تأتيها، لا أحد يتكلم معها، لا أحد يسأل عنها، لا أحد يبيع لها الخبز، لا أحد يشتري منها أي شيء، لا أحد يبادلها النظرات، لا أحد يطرق بابها، ولا مطر يسقط عليها، ولا شمس تشرق عليها، ولا فجر نهار يطلع عليها، ولا ليل يأتيها، ولا تمر عليها الأسابيع، ولا السنون تجتازها، بيتها مجهول، لا أحد يعتني بحديقتها، لا أحد يسلك طريقها، لا أحد ينام في فراشها، لا أحد يتناول من طعامها، لا أحد يرتدي ملابسها، ورغم كل ذلك، استطاعت أن تعيش في البلدة دون أن يزعجها أحد.
حوض الأسماك 
حدقت في أربع سمكات في حوض لمتجر كبير، كن يعُمن في تشكيل متواز، ضد تيار مائي صغير صنعته نافورة كبيرة، وكن يفتحن ويغلقن غلاصمهن ويحدقن في المسافة أمامهن بعين واحدة لكل منهن، هذا ما استطعت رؤيته، وبينما أنا أراقبهن، كنت أفكر أي طعام طازج يتناولنه، ما زلن أحياء، وحسبت ما في جيبي إن كنت أستطيع شراء إحداهن لا تناولها في العشاء، كما أستطيع أن أرى أيضا من خلفهن ومن أمامهن، ظلالا كبيرة تشكل ظلمة الحوض. ماذا لو كانت في هذا البيت الزجاجي.. لكنت افترستهن.
حب
ثمة امرأة وقعت في حب رجل قد مات قبل عديد من السنين، وكان لا يكفيها أن تفرّش معاطفه، أو تمسح دواته، أو تمسك بمشطه العاج: ووجب عليها أن تشيد بيتا فوق قبره وتجلس معه وتقضي معه ليلة بعد الأخرى، تحت هذا السقف الرطب.
اختلاف
قال إنها كانت على اختلاف معه. قالت، كلا. ذلك ليس صحيحا، إنه كان على اختلاف معها. كان هذا حول نافذة الباب السلكية، وكان رأيها أن لا تترك مفتوحة، كي لا تدخل إليها الحشرات، وكان رأيه أن تترك مفتوحة أولا في بداية الصباح، حيث لا توجد حشرات على الدكة في هذا الوقت. وعلى كل حال، قال، إن أغلب الحشرات تأتي من أقسام أخرى من البناية: وفي الواقع، إنه من المحتمل أن لا يدع الكثير من هذه الحشرات تدخل النافذة. 
الآخر 
إنها تغير هذا الشيء في المنزل لإزعاج الآخر، الآخر ينزعج ويعيده إلى ما كان عليه، ثم تغير هذا الشيء في المنزل لإزعاج الآخر، الآخر ينزعج ويعيده كما كان سابقا، ومن بعد ذلك تقوم بإخبار كل هذا بالطريقة التي حدثت فيها للبعض من الآخرين، ثم يعتقدون أن هذه لعبة مسلية، لكن الآخر يسمع ذلك ولا يعتقد أنها لعبة مسلية، ولكن لن يغير من الأمر شيئا.
خوف
في كل صباح تقريبا، كان ثمة امرأة في مجتمعنا تأتي مسرعة من منزلها ووجهها أبيض ومعطفها يرفرف عاليا على سعته. وهي تصرخ، ” الغوث، الغوث.” ويسرع أحدنا إليها ويحملها حتى تهدأ مخاوفها. إننا نعرف أنها تمثل، ولا شيء يحدث لها فعلا . لكننا نفهم، إنه من الصعوبة لأحدنا أن يتحرك في نفس الوقت ليفعل تماما ما قد فعلته، وفي كل وقت، تُستنفد كل قوتنا، وحتى قوة أصدقائنا وعوائلنا، أيضا كي يهدؤوا من روعنا .
ألفة
إننا نشعر بألفة مع مفكر معروف لأننا نتفق معه، أو لأنه يعرض علينا ما قد نفكر فيه حاليا، أو لأنه يعرض علينا صيغة توضيح أكثر ما كان قد طرأ علينا من تفكير، أو لأنه يعرض علينا ما كنا عليه في لحظة تفكير، أو ما نريد أن نفكر فيه عاجلا أو آجلا، أو ما فكرنا فيه مؤخرا، إذا لم نكن قد قرأناه مؤخرا، أو ما كان من المحتمل أن نفكر فيه ولكن لم نكن فكرنا فيه مطلقا إذا لم نكن قرأناه الآن، أو ما قد أحببنا أن نفكر ولكن لم نفكر فيه أبدا إذا لم نكن قد قرأناه.. 
أصدقاء مملون 
إننا نعرف أربعة أصدقاء مملين. أما بقية أصدقائنا فنجدهم ممتعين جدا. وعلى كل حال، أغلب هؤلاء الأصدقاء الذين وجدناهم ممتعين يجدوننا مملين: وأغلب الممتعين يجدوننا أكثر مللا. وقليل من هؤلاء في مكان ما هم بين بين نجد فيهم متعة متبادلة. إننا لا نثق: في أي لحظة، إننا نشعر، ربما يتحولون إلى أصدقاء ممتعين لنا جدا، أو نتحول نحن إلى أصدقاء ممتعين جدا لهم.
سكان المدينة 
انتقلوا إلى الريف. كان الريف جميلا للغاية: كانت ثمة طيور سمان تجلس خلال الأعشاب، وكانت الضفادع تختلس النظر إلى المستنقع. لكنها كانت قلقة. وكانت في حالة شجار في الغالب، أنهم يصرخون، أو هي تصرخ وهو يحني رأسه. هو شاحب طيلة الوقت. هي تستيقظ في حالة ذعر في الليل، تسمع صوت سيارة في الشارع. في الصباح تشرق الشمس على وجوههم لكن الجرذان تثرثر بين الجدران. هو يكره الجرذان. انكسرت المصيدة. استبدلوها بأخرى، وسمموا الجرذان. كان كلب جيرانهم في الخارج ينبح. وينبح، وينبح. إلى أن استطاعت أن تسممه. 
قال،” نحن سكان مدينة، وليس ثمة مدينة جميلة نستطيع العيش فيها.”
رفيق 
إننا نجلس هنا معا، الجهاز الهضمي وأنا. أنا أقرأ كتابا، وهو يقوم بعملية هضم وجبة الغذاء التي تناولتها قبل فترة قصيرة. 
أسعد لحظة
إن كنت تسألها ما هي أفضل قصة قد كتبتها، فإنها ستتردد لفترة طويلة ومن ثمة تقول ربما هذه القصة تلك التي قرأتها في كتاب ذات مرة: ثمة مدرس للغة الإنجليزية في الصين سأل طالبه ماهي أفضل لحظة في حياته. تردد الطالب للحظة طويلة. وأخيرا ابتسم بارتباك وقال إن زوجته قد ذهبت ذات مرة إلى بكين وتناولت لحم بط هناك، وأخبرته مرات عديدة عن تلك الزيارة وعن لحم البط، وأنه يود أن يقول أن أفضل لحظة في حياة زوجته كانت رحلتها تلك، وتناولها لحم البط ذلك.
كم كان الأمر صعبا 
لسنين طويلة بقيت أمي تقول إنني أناني، لا أبالي وغير مسؤول، الخ. وكانت كثيرا ما تنزعج. فإن حاججتها فإنها تضع يديها على أذنيها. وفعلت ما قد كانت تستطيعه لتغييري، ولكن لسنين طويلة لم أتغير، أو أن تغيرت، فإنني لم أكن متأكدا من نفسي أنني قد تغيرت، ذلك أن اللحظة لم تأت أبدا حين قالت أمي ” لم تعد أنانيا بعد، ولا لا أبالي، أو لا لا مسؤولا، الخ. ” والآن، أنا الشخص الذي يقول لنفسه ” لماذا لا تستطيع أن تفكر في الآخرين أولا، لماذا لا تعير انتباها لما تقوم به من تصرف؟” لماذا لا تتذكر ماذا فعلت؟” كنت منزعجا. تعاطفت مع امي. كم كنت صعب المراس! ولكنني لم أقل هذا لها، وفي الوقت ذاته أنني أريد أن أقول لها ذلك. وإنني هنا أيضا أتواصل معها هاتفيا، أصغي وأتهيأ لأدافع عن نفسي. 
أنا وزوجي 
أنا وزوجي توأمان سياميان، ملتصقان في جبهتينا. أّمنا تطعمنا. حين نريد أن نتجامع نتلاصق نحو الأسفل لنشكل أنشوطة تشبه شجرة معرُشة. ويمضي الوقت. وينفصل زوجي عني. وأنجب توأمين غير ملتصقين كأبويهما. إنهما يتلويُان على الأرض. أمي ترعاهما. إنهما في الغالب غير متناظرين بعضهما مع بعض، حتى في نومهما يبقيان مضطجعين. وحين يستيقظان، يمكث أحدهما مع الآخر ليس ببعيد، كما لو أن شريطين مطاطيين يحملانهما، قربنا وقرب أمنا. وفي الليل يكون الرباط أقوى حيث نمزح معا ثم نكمن في حفرة، كان زوجي قوي العضلات إزاء عضلاتي الرقيقة، وعضلات أمنا القديمة المفتولة، وإزاء ريشات الأطفال الصغار. وتمتد أذرعنا حول بعضنا البعض مثل أفاعٍ كثيرة. وعبر المسافات يأتي صوت موسيقى غريب في الحقول التي خلفنا.. 
كآبة الربيع 
إنني سعيد أن أوراق الشجر أخذت تنمو وتكبر بسرعة شديدة.
لذا ستخفي عني منزل الجارة وصراخ طفلها.
الصواب والخطأ
إنها تعرف أنها على صواب، لكن كي تقول إنها على صواب هو خطأ، في هذه الحالة. لكي نصحح نقول هذا خطأ، في حالات معينة. ربما إنها على صواب، وإنها تقول هكذا، في حالات معينة، ولكن أن أصرت كثيرا، ستكون على خطأ، لذا فإن ذلك الخطأ حتى وإن صححته ستكون على خطأ، بالترابط.
إنه لمن الصواب أن نصدق ما تعتقد أنه صحيح، ولكن أن نقول ما تعتقد أنه صحيح هو خطأ. في حالات معينة.
وإنها صائبة أن تؤمن بمعتقداتها، في حياتها، لكنه من الخطأ أن تثبت أن كل أفعالها هي صحيحة، في أكثر الحالات. حتى وإن كانت أفعالها صحيحة، في أغلب الحالات. ومن ثم حتى وإن كانت أفعالها صحيحة، تتحول إلى أفعال خاطئة. بالترابط.
فإذا كانت تمدح نفسها، فإنها ربما ستكون صائبة بما قد تقوله، لكن قولها هذا غير صحيح. في أكثر الحالات، وبالتالي تلغيها. والعكس صحيح، وعلى الرغم من ذلك، ستكون ولفعل معين تستحق فيه المدح، ولم تعد تستحق بشكل عام المدح..
انتهى الأمر تقريبا: وانفصل فراش أحدهما عن الآخر 
انتقل كلاهما إلى غرفة نوم منفصلة إحداهما عن الأخرى الآن.
في تلك الليلة حلمت أنها تحضنه بين ذراعيها، وحلم أنه كان يتناول عشاءه مع الشاعر بين جونسون.
نقود
لم أعد بحاجة إلى أي هدايا من الآن، بطاقات تهنئة، نداءات تليفونية، هدايا، ملابس، أصدقاء، رسائل، هدايا تذكارية، حيوانات أليفة، آلات، بيوت، سياحة ترفيهية، تكريم، أخبار سارة، دعوات عشاء، جواهر، إجازات، أزهار، أو تلغرافات، كل ما أحتاجه هو النقود حسب.
الكلب وأنا 
بإمكان نملة أن تنظر إليك، وحتى تهددك بأذرعها. وبالطبع، إن كلبي لا يعرف أنني إنسان، ويراني كما كلب، رغم أنني لا أستطيع القفز على الحائط، أنني كلب قوي، لكن لا أسمح لفمي أن يبق مفتوحا حين أسير إلى مسافات. حتى في الأيام الحارة، لا أترك لساني يندلق من فوهي. لكنني أنبح عليه كلا، كلا!”
اعرف جسمك 
إذا كانت مقلتا عينيك تتحركان، هذا يعني أنك تفكر، أو على وشك أن تبدأ في التفكير.
إذا لم تريد أن تفكر في هذه اللحظة بالذات، فحاول أن توقف مقلتيك ثابتتين.

شاهد أيضاً

قصة “الظل” لإدغار آلان بو

(ثقافات) قصة الظل[1]. إدغار آلان بو ترجمة: عبد القادر  بوطالب                أنت الذي تقرأ ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *