سميحة التميمي
خاص ( ثقافات )
يريدونُ استئناسَ الموت وهو نَفورٌ، وَجَسورٌ…!
وَقتَ تتَجلّى أُحِبُّ الحُبَّ منْ حبكَ، فَجُدْ.
وكُن، وَعِنْ، وَاصْفُ…
وقُدْ لي قِطافَ الموسمِ فإني سَأُحبكَ
ريثما يصيرُ الحُب أوّل الحياد وآخرَ المَجاز
وختامَ النداءات وألفْ ياء المعصورِ منْ أعنابِ الأزمانْ
صباحُ الخيرِ يا الله
مساءُ الخيرِ يا الله
غُفرانكَ.. كمْ ترفعُ منْ شأنِ النسيان….
وكمْ تُعنِّفْ أسواره الشاهقَة المَتاه
على المَطرِ الجميلِ أنْ يُرضِعَ الزهر
وعلى الحبِ سيّدكَ أن يَحدث..
عليه ألا يتلفعَ طويلاً بالصمتِ وبالهجوع
وعلى الفرحِ وضجيجه أن يمُرَّ
وعلى الحزنِ الدقيقِ أن يخترقَ الروح
فــ. يا أيها الإلهُ..
دلَّ دليلي على آبارٍ تعودُ منها الدِلاء بِماء
ودلَّ الماءَ على فمي
ودلَّ فمي على ريقهِ
ودل ريقه على الريح
ودل الريحَ على غنائِي الرعوي القديم..
ومَرّرِ الصمت الصافي – حينَ تهدأُ – من قلبِها الى قلبي
يا رب هَجّعِ الموتى في مساكِنهم
يا رب إنهم يؤرقوننا بأسمالِهم
فداوِهم وأطعمِهم واسقِهم
وابعثْ لهم نبيذهم في العيدِ وخبزهم بعدَ الصيام
وزيتَهم عندَ المساء…
واسقِ حُرّاس المقابر شهداً حتى يُتموا نوبات حراستهم
يا رب…
دلَ الطريدةَ على موطنِ الوردِ والشجرِ والعشب
لتتوردَ وتَخْضرَّ وتُعشِبَ قبلَ وصولِ وقارِ الظنون
أريدُ أن أُصلّي وألبسَ الخواتم والأثواب الطريّة
أُريدُ أن أذهبَ إلى الحقولِ قبلَ أن تَصحو
لأُجرّبَ كيفَ يصيرُ حال العاشق
قبلَ أنْ يُجَفّلوا جَفنَهُ..
ويفتحُ عينيهِ على المعشوق فتغرق الحديقة، ويبتسمْ
وأُفاجئَ الندى بأن أمسّد قَبلَه أصابعَ الورد
وأُحضّر للشمسِ مَجامرها وبُخورها
…….احتفالاً بقرانٍ لنْ يحدث..
فيا أيها المُعافى كطينتكَ، أتَتَناهى في الخواتمِ
كالعَطشِ الحلـــــــــــو…
أتفيض عينــــــــــاكَ…؟!
يا رب. رَوّع مجالسَ الغيلان ليقنصَ العاشق حُبّه فجراً
فلا تجعل الموتى يفيقوا
أُريدُ أن أُكملَ القصيدة
أُريدُ أن أُكملَ قراءةَ الجريدة
أريدُ أن أحفظَ درس الحكمة البعيــــــدة…
يَمِلُ بي لهاثٌ، أُريدُ قلباً لِقلبي
أُريدُ أن تَستحي الريح لأتقاسمَ النعيم في كَميني
فرّتْ من سِربها الأعيادُ.. والبحرُ نُزهتنا..
فحَدّثني وحدنا عندَ المراسي، إنَ لكلِ حديثٍ مَرساه…
احرسني ففوقي تنبتُ الأعياد وينزلُ المطر
جُدْ لي. تَعهدني اسقِني.. هلكتُ من أسرابِ السَراب
قُدْ لي. تلكَ الغزالات الجريحات لأُسقيهنَّ السكون
عُدْ لي.. فلقدْ أقلعتُ عن بَطَري..
إدْ أثرَ الندوب على جبيني وإصبعي
أرِحْ قروحَ الليلات من وخزِ الآلام
أزِحْ أكوامَ الوردِ المُنهك المازالَ شهياً
منْ على ضِفتي الطريق
حتى لا يُغبّرنا الهَباء..
وتلدغنا حيّاتُ النكوث، وهُم يفورونَ منَ الوفاء..
مشّطني لأبدو لطيفةً وأنجو من الحُمّى..!
ابعثْ لي زيتاً لأشعلَ الموقد قبل حلولِ البرد والليل
دُلّني على تميمة الأقفال والمفاتيح
فقدْ غلّبني العَراء وأرهقتني الأسفار
ومِعطفي أقصرُ من تاريخِ البحرِ وبردهِ
ومن تحته ضبابٌ وبيانٌ وصمتٌ ما أطوله..
هَبني ثوباً جديداً وفرحاً بطولِ المَدى
ارفعْ صوتَ سحيقَ النَفَس بالشدوِ ليسمعه الحزانى
إنَّهم يُحبونَ الغِناء..
جِدْ. لي بأصدقاءَ لا يتجهمونَ وأنا أُلقي قصيدتي
وَجُدْ. بِمَسَرّاتهِم وصَبيانيتِهم الشَهيّة..
فِ لي بالثاراتِ المَبيتة التي يُفاجِرني الصَدأ بها
فأنا لا أُجيدُ التَرَنُّمَ بين كفرينِ وخيانتين
وبينَ أزرقينِ بلا أختام ولا تواقيع
بلا حيلةٍ ولا عناوين وما أوسع الفراغ
فاملأني بجلبةِ السُّعداء والأطفال والدمى
املأني بالدهشةِ وحلم الكنوز وأحلام الشباب
اقتربْ، بحق زمانك، وابقَ هُنا..
علّمهم درسَ الوصل العفريت الحضور بهدوء..
فالحبُ هو أن نُجيدَ القرب كما نجيد الحيادَ والعِناد
والحب أن نجيدَ الفراق. والغياب..
وأنْ نجيدَ التماوتَ فتردَ أرواحنا المحبات
والحب أن نجيدَ مسكَ أكواز الصبار
بِمنديلٍ أبيضَ في العتمة
كي تُضيءَ القصيدة..
لا تُروِّع مجلسَ الليل ففيهِ كلَ أحبابي
غداً ستعلمُ أماسيهم بوحشتي فيسهرون مِنْ أجلِ غَدي
والقُربُ أن نُجيدَ تقديم السلوى والحلوى
قبلَ أن نفتحَ أزرار القلب فيندفِعَ النبض..
والعشقُ هو ألا يفوتكَ درس النعناع ودرس الحبق
وهسيسَاً يُجفلكَ عندَ اللاصَحو ..
والحضورُ هو أن تربحني بعدَ أنْ تربحَ الرهان على القصيدة
فقصيدتي يلزمها قارئٌ يتبعثر حين تحرثه تفاصيلها وشاعرٌ وحيد يبعثرها شِركاً بعد أن يقرأها
وليلٌ وحيدٌ يطيلُ أمدَ البياضِ في ليلِها
وصديقٌ وحيدٌ يتأسفُ بعد القراءةِ عن قلةِ وفائهِ
ويتألمُ كثيراً لأنني نسيته حينَ ماتْ
حتى الموتى يألمونَ.. يموتونَ ألماً منَ النسيان
أبيتَ الموتَ يا عتيقاً…
فَخَلِّ وِرْدَكَ بِضع قصائدَ
عتّقِ الحاضرَ بها واختمْ بالختمِ الأبيض جفنها
واتلُ عليها صلاتكَ الخامِسَة
وَلتَفِـــــــــضْ عَينــــــــــاك..
ويا أيها المُعافى كطينتكَ
تَناهَ في الخواتــمِ
وَابْقَ كالعَطشِ الحلـــــــــــو…
وَأَفــــضِ بالسِرّ لِعينــــــــــكَ