منى عبد الكريم*
هل الفن قادر على تغيير المجتمع؟ وهل له من القوة – على الأقل- لتغيير حياة الأفراد.. سؤال مهم يطرح نفسه بقوة حاليا خاصة في ظل وجود الكثير من المشروعات التنموية التي توظف الفن لتطوير المجتمع.. ورغم يقيني الراسخ بقدرة الفن على تغيير مستقبل أي أمة فإننا بحاجة دائما لأدلة ملموسة.
قصة حياة المصور الفوتوغرافي الهندي هاران كومار هي قصة ملهمة بلا شك، فهاران كومار الفنان المقيم في دلهي والحائز على العديد من الجوائز في مجال التصوير، صاحب خبرة طويلة في مجال التصوير تمتد إلي 14 عاما، كانت بدايته متواضعة للغاية.
ترك هاران كومار منزله وهو في الحادية عشرة من عمره ولم يكن لديه آنذاك سوى 20 روبية. وسرعان ما أصبح يقيم بصفة دائمة في محطة قطارات نيودلهي. وبالرغم من الصعوبات والتحديات التي واجهها، والقسوة التي هزت روحه بعنف ، فإنه ــ يقول إن تلك الابتسامة المليئة بروح الإثارة التي كانت تعلو وجوه المسافرين منحتني أملا بأن هناك بهجة في الحياة لكل إنسان يعيش فيها، ولذا قررت أن أحصل على نصيبي منها.
وفي عام 2001، توصل إليه أحد أعضاء منظمة ” سالام بالاك ترست” المتخصصة في رعاية أطفال الشوارع واستطاعت هذه المنظمة تغيير مسار حياته، فضمته لرعايتها، ثم اشتركوا له في ورشة عمل دولية في التصوير الفوتوغرافي، فقد أعطوه فيلماً وكاميرا وطلبوا منه أن يلتقط صوراً كما يحلو له، فاختار تصوير “حياة الشوارع” التي كان يعرفها جيدا، كان يرغب في التقاط أحلام ورغبات وتطلعات من يعيشون في الشوارع. وباعتباره واحداً منهم، فقد قام بالتقاط صور لأطفال ينبعث الأمل من أعينهم ــ كما صور الحياة بألوانها الزاهية، التقط هاران صورا لأطفال لا يجدون من يرعاهم ولكن أعينهم تملؤها الرغبة في الحياة.
ونظرا لمرور هاران بنفس تجربتهم فقد التقط صورا تسجل نبض حياة الشارع وألوانها، وكذلك تلك الأسئلة الحائرة في عيون الأطفال التي لا تجد لها إجابة، ورغبتهم في أن يعيشوا الحياة بسعادة، وإصرارهم على ترك بصمة وأملهم في أن يسمعوا أخبارا جيدة، وتلك السعادة التي يجلبها لهم كل صباح جديد.
واليوم وبعد أن حصل هاران على العديد من الجوائز المحلية والدولية، ذاع صيته وأصبح مهتما بأن يلتقط بعدسته كل ما يحدث من حوله في العالم، ومن الجوائز الكبرى التي حصل عليها: جائزة نيرمان للتميز في مجال التصوير العام 2005، كما تم دعوته لحفل امستردام الدولي بهولندا للصور الفوتوغرافية، وحصل على منحة لدراسة التصوير من مؤسسة بينيتون في إيطاليا، بالإضافة لدعوته لحضور ندوة دولية عن التصوير في مانشستر.
وسوف يقام معرض لأعمال الفنان هاران كومار بالقاهرة تحت عنوان “ألوان الحياة”، حيث اختار جانبا آخر من الحياة في الهند المتمثلة في الألوان ليقدمها فمن مجموعة أعمال رائعة تستضيفها قاعة الهناجر. حيث يعتبر مهرجان الألوان أحد أهم المهرجانات الهندية التي يشارك فيها الصغير والكبير بسعادة.
يقام معرض “ألوان الحياة “، الذي يتم تنظيمه من جانب سفارة الهند في جمهورية مصر العربية- بالتعاون مع شركة تيم وورك الهندية للفنون، في إطار فاعليات مهرجان الهند على ضفاف النيل لعام 2016، الذي يعد بمثابة تظاهرة فنية تقدم أشكالا من الموسيقى والرقص والفنون المسرحية والفنون البصرية الهندية المعاصرة والكلاسيكية، بالإضافة إلى أطباق من المطبخ الهندي وجلسات لليوجا من أجل صحة أفضل.
وسوف يفتتح المعرض يوم 30 أبريل، ويستمر حتي 3 مايو في مركز الهناجر للفنون.
* أخبار الأدب.