ناصر الظاهري.. «سيرة الماء والنخل»


إعداد: علا الشيخ


من يعرف الكاتب الإماراتي ناصر الظاهري، عن قرب، سواء على الصعيد الشخصي أو من خلال كتاباته في الصحف الإماراتية والعربية، أو من خلال مؤلفاته الأدبية، يدرك أن علاقته مع الأماكن التي وطّدها من خلال حلّه وترحاله، قد تتحول إلى فكرة فيلم سينمائي يوماً ما، فبين السطور التي يكتبها الكثير من الصور التي تجعلك ــ كقارئ ــ تتخيل أنك أمام شريط سينمائي، مبنية حكايته دائماً على تفاصيل من السهل أن تتحول إلى سيناريو، وكانت الخطوة تجاه السينما حاضرة بقوة، في فيلمه التسجيلي «في سيرة الماء والنخل والأهل».
كثيرة هي العوامل التي أنتجت الروح الإبداعية للظاهري، الذي ولد في عام 1960 في مدينة العين، وتعلم في صفوفها الابتدائية قبل أن ينتقل إلى العاصمة أبوظبي ليحصل على شهادة البكالوريوس في الإعلام والأدب الفرنسي من جامعة الإمارات في عام 1984. بدأت علاقته مع الوجوه والأماكن تنمو في داخله ومخيلته، ولم يجد أمامه سوى القلم ليعبر عن كل المشاعر التي تتسق مع صعوبة فقده والده مبكراً، هذا من جهة، لكن القلم يحتاج دائماً إلى إلهام، فكانت ومازالت مدينة العين التي ولد فيها بكل تفاصيلها واضحة وصريحة في العديد من إنتاجاته الأدبية، التي كانت بوابة لمعرفة أنواع الآداب المختلفة كالروسي والفرنسي واللاتيني، وفي عام 1981 كتب أولى قصصه، وكان محورها بعض اليوميات في مدينة العين، وفي عام 1986 نشر قصته الأولى بعنوان «حسون الحواي».
وعمل الظاهري، الذي تابع الدراسات العليا في معهد الصحافة العربية جامعة السوربون «باريس» في مجال الإعلام رئيس الإعلام العسكري ومدير تحرير مجلة «درع الوطن»، ومدير تحرير جريدة الاتحاد، ومديراً عاماً ورئيس تحرير مطبوعات المؤسسة العربية للصحافة، كما عمل رئيس تحرير للنسخ العربية لمجلات الأطفال المتخصصة، وشغل منصب رئيس اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، وهو عضو منظمة الصحافيين العالمية، وعضو الهيئة الاستشارية لمشروع «كتاب» في جريدة «اليونيسكو»، ورئيس التحرير التنفيذي لبعض الإصدارات الشهرية في «دار الصياد» اللبنانية.. وتم اختيار الظاهري الشخصية الثقافية 2010-2011 من قبل «مؤسسة هماليل للإعلام» للظاهري العديد من الإصدارات، وقد نشر قصته الأولى عام 1986، وحملت عنوان «حسن الحواي» يحب الظاهري الذي اشتهر بمقالات تحت عنوان «تذكرة سفر» زيارة مدن العالم، فمن خلال ما يشاهده من ثقافات وأماكن الشعوب استطاع أن يشكل حالة ثنائية بين المشاهد الحسية والبصرية، لذلك لم تكن مفاجأة أن يطرح نفسه مخرجاً سينمائياً ويقدم تحفة تسجيلية «في سيرة الماء والنخل والأهل» نال من خلالها جائزة أفضل مخرج في الدورة الفائتة من مهرجان دبي السينمائي.ليبدو أن العام الفائت عاماً حافلاً بالنسبة للظاهري من خلال علاقته بالكاميرا، ففي الدورة الفائتة من معرض الكتاب الدولي الذي يقام في العاصمة أبوظبي، كان له الحضور في معرضه الفوتوغرافي «خلف ظلالهم البيضاء»، الذي كان عبارة عن وجوه وأماكن التقطها الظاهري من كاميرته الخاصة التي لا تفارقه أبداً.
قدّم الظاهري العديد من المؤلفات حيث تمت ترجمة بعضها الى لغات أجنبية، ومن بين مؤلفاته: المجموعة القصصية «عندما تدفن النخيل»، مقالات «على سفر نذهب بعيداً.. نذهب عميقاً»، المجموعة القصصية «خطوة للحياة.. خطوتان للموت» مقالات «ما تركه البحر لليابسة»، رواية «الطائر.. بجناح أبعد منه».
بعيداً عن حياته الفنية والأدبية، ثمة جانب في حياة الظاهري لم يعد خاصاً، مرتبط بعلاقته بابنته أروى، التي باتت على ما يبدو من مكونات إلهامه الخاص، هذه الطفلة السعيدة بصداقة والدها، التي تسافر معه دائماً، وتتعلم منه كل ما له علاقة بالجمال، لا تفارق الظاهري، خاصة في لحظاته الغالية، ففي حضرة جمهور عريض خلال الإعلان عن جوائز مهرجان دبي السينمائي، رافقت أروى والدها لتتسلّم معه الجائزة، بطلّتها البهية وردائها الوطني، وقفت إلى جانب الرجل الأول في حياتها لتتسلم معه جائزة أفضل مخرج سينمائي لعام 2015.
يحتفي الظاهري دائماً بأروى وأمام الملأ، فلا أجمل من ابنة لديها أب قادر على صف شعر لأجلها، ففي عيد ميلادها كتب:
«فقط أنتِ.. من يجعل العنق يطأطئ قليلاً
ليطبع قبلة من فرح.. أو أكثر
منذورة أنتِ للوطن.. دمتي له
ودام هو يذكر.. ويتذكر».
___
*الإمارات اليوم

شاهد أيضاً

غرناطة ..آخر الأيام: مسلسل الكاتب وليد سيف الجديد

(ثقافات) غرناطة ..آخر الأيام: مسلسل الكاتب وليد سيف الجديد زياد أحمد سلامة    “غرناطة…آخر الأيام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *