أيمن عبد الجواد*
“أنجلينا جولي” النجمة الأمريكية الشهيرة ترقد حالياً في أحد المستشفيات بين الحياة والموت.. هي لا تعاني من مرض عضال لكنها تعاني من مرض آخر اسمه الإنسانية!!
هذا المرض كان شائعاً في بلاد العرب والمسلمين لكننا حاصرناه وتمكنا من استئصاله ضمن أشياء كثيرة اختفت من قاموسنا رغم أن ديننا الحنيف أول من علم البشرية معنى الإنسانية والإيثار وغيرهما من المعاني النبيلة و”ليس منا من بات شبعاناً وجاره جوعان” كما جاء في الحديث الشريف.
“أنجلينا” لجأت إلى حيلة فريدة لجذب أنظار العالم لمأساة ملايين البشر الذين يموتون من الجوع ومعظمهم ــ بكل أسف ــ من بلادنا حيث يموت الكثيرون من نقص وسوء التغذية ويموت الكثيرون أيضاً من التخمة أو يلجؤون إلى صالات “الجيم” لإنقاص أوزانهم.
النجمة الأمريكية اللامعة أعطت درساً عملياً شديد القسوة للأثرياء في بلادنا ممن يصافحون الفقراء بالجوانتي ولا يريدون لتلك الكائنات العجيبة التي تتزايد وتنتشر بصورة غير مرغوبة أن تشاركهم الحياة على كوكب الأرض.
لقد قررت أن تعيش حياة المعدمين حول العالم فامتنعت عن الطعام وانقصت وزنها بصورة ملحوظة للغاية حتى وصل إلى خمسة وثلاثين كيلو جراماً فقط لعل ضمير العالم يستيقظ وتصل رسالتها إلى آذان صم وقلوب غلف لكن قدميها لم تعودا قادرتين على أن تحملاها.
“أنجلينا” اكتسب خلال السنوات الأخيرة شهرة كبيرة في مجال البر والخير لاتقل إن لم تكن تزيد عن شهرتها في عالم السينما والفن، فقد تبرعت بعشرات الملايين من الدولارات للجمعيات الخيرية من كل الجنسيات والأديان حتى لايتهمها أحد بما ليس فيها وتبنت سبعة أطفال من أعراق مختلفة آخرهم طفل سوري فقد والديه في المجازر الحالية بسوريا الشقيقة.
إنها ليست أكثر منا تديناً بل ان البعض قد يتهمها بالمشاركة مع غيرها من حسناوات هوليود بتغييب شبابنا ونشر الفسق في بلاد المسلمين من خلال ما تقدمه من أعمال سينمائية.. أما نحن فإننا ولله الحمد شعوب متدينة بطبيعتها، نصوم ونصلي وفي الوقت نفسه نغش ونخدع ونمارس الظلم كشعيرة يومية.
الفارق بيننا وبين “أنجيلينا” وغيرها ممن قرروا أن يعيشوا لغيرهم أن أقوالنا لا تتسق مع أفعالنا.. أتحدث بالطبع عن القاعدة وان كانت هناك استثناءات يسعى أصحابها لفعل الخير في السر والعلن ولكن هذه الاستثناءات لاتكفي لإحداث التوازن المطلوب في مجتمع مطحون يعاني كل ألوان المتناقضات.
لقد حبانا الله بالكثير من الخيرات ولدينا في بلادنا جيوش من الأثرياء يمتلكون المليارات وبمقدورهم المشاركة في تخفيف معاناة الناس وحل مشاكلهم بالقضاء ــ أو الحد ــ من الفقر والبطالة وكذلك الإرهاب باعتبار أن لجوء الشباب إلى تلك الجماعات من أهم أسبابه الشعور بالظلم والفجوة الرهيبة بين الفقراء والأغنياء.
جربوا أن تعيشوا لغيركم وستشعرون بلذة ومتعة لم تعرفونها من قبل.. هذا هو ملخص رسالة “أنجلينا جولي” للمليارديرات لعلهم يقرؤونها أو يفهمونها.
تغريدة:
أنت مختلف معي.. إذن أنت خائن!!!!
* روزاليوسف.