خاص ( ثقافات )
لندن- ينعي العدد الجديد من (الكلمة)، التي يرأس تحريرها الدكتور صبري حافظ، عدد 108 لشهر أبريل/ نيسان 2016 راحلين أثرى أولهما المكتبة العربية بالعديد من الترجمات والمؤلفات، وهو جورج طرابيشي، فننشر له شهادة دالة على تحولات واقعنا العربي والثقافي معا؛ بينما ارتحل ثانيهما وهو حسن الترابي بالسودان من المشروع الوطني إلى مشروع التعصب الديني والبؤس والتجزئة، حسب دراسة لامعه للمفكر السوداني محمد محمود. ويهتم العدد كذلك بما يدور في عالمنا العربي وما يجري فيه من دمار في كل من سوريا والعراق، ويخصص أكثر من دراسة تكشف عما وراء الأحداث فيهما وعما آل إليه حال العراق في الذكرى الثالثة عشر لاحتلاله، وعن المستفيدين من مأساته.
لكن يظل اهتمام (الكلمة) بالفكر والأدب هو ما يميزها عن غيرها من المجلات. فتنشر دراسة ضافية لمحررها عن تحولات صورة العربي في سرد الرحلة الغربي، تكشف عن أجرومية هذا السرد وعن ثوابته الجائرة، ودراسة مقارنة بين رواية الغريب لألبير كامو ومعالجة الكاتب الجزائري المعاصر، كمال داوود لها، وأخرى عن الإسلام والسرد. كما يواصل الناقد الفلسطيني المرموق وليد أبوبكر بحثه في تجليات ظاهرة «التثاقف» في الرواية العربية. ويواصل الباحث السوري عصام شرتح دراساته عن جماليات الشعرية الحديثة، كما يكشف الباحث العراقي رعد البصري عن جانب آخر من الشعرية الحديثة.
ولم يفت العدد الاهتمام بالنصوص الأدبية من شعر وقص ومسرح، فيقدم أكثر من دراسة عن روايات بعينها، مع العديد من المقالات والمتابعات لجديد الواقع الأدبي العربي العريض. فضلا عن احتفاء العدد كالعادة بالنصوص الإبداعية، حيث قدم رواية جديدة من مصر، مع قصص من مختلف البلدان العربية. وباب شعر الذي بدأ بديوان جاء هذه المرة من سوريا، كما ينطوي العدد على طرح العديد من القضايا ومتابعة منجزات الإبداع العربي؛ مع أبواب (الكلمة) المعهودة من دراسات وشعر وقص وعلامات ونقد وكتب وشهادات/ مواجهات ورسائل وتقارير وأنشطة ثقافية.
يرصد الناقد الدكتور صبري حافظ في مفتتح باب دراسات “تحولات صورة العربي في سرد الرحلة الغربي”، حيث يقدم دراسة ضافية لتحولات صورة العربي في الخطاب السردي الغربي عامة، وسرد الرحلة خاصة، عبر قرون عديدة، تبدلت فيها الصورة من مرحلة لأخرى، لكنها ظلت عبر جل المراحل صورة بالغة السلبية وبعيدة كل البعد عن الواقع، لأنها بنت علاقات الهيمنة ومراميها، ونتيجة لجدل المعرفة والقوة. ويقدم الناقد وليد أبو بكر تحديدا لمفهوم “التثاقف بصيغة أحلام مستغانمي” وافتعالاته المختلفة، كما يتناول حالة مغايرة لتجليات مفهومه، ويقدم الباحث محمد محمود تقييما موضوعيا لسيرة حسن الترابي في دراسته “حسن الترابي والرحلة من البأس الى البؤس”، ويكتب الباحث محمد بشير حامد دراسة متقصية للعلاقة الجدلية الخلاقة بين رواية كامل داوود الجزائرية ورواية ألبير كامو الأولى من خلال “الغريب”، ويقدم الباحث يحيى بن الوليد قراءة في رواية عبدالرحيم جيران متقصيا “التمدين المنفلت”، ويتوقف الباحث رميز نظمي عند “الذكرى الثالثة عشرة لاحتلال العراق”، ويتناول الباحث مصطفى الغرافي علاقة الإسلام والسرد، وتواصل الباحثة خديجة صفوت دراستها لما يدور في سوريا وتتوقف عند “بوتين يحبط نبؤات نوسترادموس والاصحاح القديم”، وعن “الاغتراب الجمالي” يحدد الباحث عصام شرتح معاني الاغتراب ودلالاته وتجلياته في شعر الشاعر حميد سعيد، وتكتب الشاعرة غادة نبيل عن قصائد “عبير عبدالعزيز.. بين سؤال الشعر وأسئلتي لنفسي”، ويتناول الباحث رعد البصري “الانتقال الشكلي الثنائي في شعر رشدي العامل” فيما يتوقف الباحث عبدالوهاب صديقي عند “بلاغة الخطابة السياسية العربية المعاصرة” من خلال مشروع الباحث المصري عماد عبداللطيف.
وتقدم الكلمة في باب شعر ديوان الشاعر السوري باسم سليمان “مخلب الفراشة”، ديوان يمتلك جرأة في صياغة التفاصيل وتحولات الأحاسيس الإنسانية، كما نقرأ قصائد للشعراء: نمر سعدي، حكيم نديم الداوودي، عبدالله سرمد الجميل، بن اموينة عبداللطيف، صابر الهزايمة. في باب السرد نقرأ قصصا للمبدعين: ناهدة جابر جاسم، سعيد الشيخ، علي صالح جيكور، مديحة جمال، إحسان شرعي، عفاف الشتيوي.
في باب النقد يكتب الناقد طارق الشناوي عن فيلم “آخر أيام المدينة” عنوان مصر في مهرجان برلين”، وتستهدف الباحثة رغداء زيدان في مقالها “توزع الولاءات في سورية وضياع جهود النضال” لإرهاف الذاكرة التاريخية، ويعود الكاتب خطيب بدلة الى كتاب الشيخ أحمد البديري راصدا “حوادث دمشق اليومية والتاريخ الشفاهي”، ويتأسى الكاتب نبيل عودة على وضع المرأة العربية في “قمع المرأة في الشرق العربي”، ويكتب الباحث يوسف اسماعيل “قراءة في “خطاب الأخلاق وتفكيك وحداته الحجاجية” حيث يؤطره ضمن نقد النقد وحفريات المعرفة، ويتوقف الباحث عبدالصمد الراغي عند “دواعي الاختلاف في الفكر الإسلامي” مدعما المنظومة المعرفية والمعيارية للسلوك، ويتناول الباحث نجيب طلال “ظاهرة الهجرة في المسرح المغربي” في محاولة تأملية عقلانية.
لا تجد (الكلمة)، في باب شهادات، وهي تنعي للقراء رحيل الناقد والمفكر العقلاني المرموق جورج طرابيشي خيرا من نشر شهادته الأخيرة على محطات حياته، ورحلة التكوين العقلاني، التي نرثي معه انهيارها في عالمنا العربي الذي تمزقه الطائفية والحرب الأهلية وتآمر الثورة المضادة عليه داخليا وخارجيا. في باب كتب يرصد الناقد صفاء ذياب وجهة نظر مؤلفين تتبعا سيرة ومسار إدوارد سعيد الفكرية، ويقارب الناقد عبدالقادر ملوك رواية “سارق الجمر” لأحمد اولاد عيسى تستعرض بعضا من سيرة النضال وخيباته، ويرى الناقد شوقي عبدالحميد يحيى أن رواية أحمد ناجي هي أقرب الى الشكل الكلاسيكي راصدا استخدام وحضور الواقع، ويكتب الناقد السوري خليل صويلح عن “مواقف غرائبية في مكتبة زوران جيفكوفيتش” الصربي، ويوضح الكاتب أحمد جاسم الحسين في قراء2ته “من ظاهرة الجدل السياسي الى البحث في آفاق المعنى” أن خطاب الكتاب يتهجى التعرف إلى الإشكاليات التي تتضمنها بعض الخطابات السياسية للإسلاميين، ويقدم الباحث سعيد بوخليط مراجعة مهمة لكتاب هنري كيسنجر الأخير “كيف نتجنب الفوضى العالمية”.
بالإضافة إلى ذلك تقدم المجلة رسائل وتقارير و”أنشطة ثقافية”، تغطي راهن الوضع الثقافي في الوطن العربي.