(ثقافات)
من دروس في الفشل
سامي الذيبي*
1- لماذا أراك وحيدا
مثلما تفشل العربات التي تحمل الجند
في تكتيف أعالي الجبالِ…
جبال تفخر شامخة بغموض مساربَ كالأهرام تعلّق في التاريخ غموضا من شجنٍ
الماعز يمضغ أشواك الصبّارْ
فشلَ الثوّار يخيطون العلم الوطنيَّ
وحزن النّاي الذّي يصقل الرّيح من تحتنا قلقًا
أصعد الجبل الواثق الرّؤيا
لم أكن فاشلا في الصّعودْ
في عيوني الصّمودُ
ولكنّ طيرًا أثّثَ في زرقة الكون لوحته الفنيّةَ
-أقصد سجنه-
يسألني عن رفاق الطريق وأسباب الالتفاف على الذّكريات
-لماذا أراكَ وحيدا إذا…؟
قلتُ:لا شأن لكْ
حادفته بالذكريات
فهشّمتُ بلّور لوحته الفنيّة
……………..
صار الطيّر طليقًا فطارْ
………………..
جاوبتُ بأعلى الصّوت إذًا
-لا أحبّ رفاقًا مثلكِ أيّتها الطيرُ…
لا فكرةً…
كلما كسّرتُ قيودًا كانت تأسرهُم
أسروني في وِحدتي..
2- وشمة الحلم..هاجس المفتاح
أثناء النّوم يصير التمنّي أيسرَ
“هذا البابُ بلا مفتاحٍ
أفتحُ باب الحلم
دخلتُ
المشهد مختلطٌ”
مثل الأضداد تصير محيطا من عبرٍ
سفنًا من قشٍّ
والمجداف يصنّع من إبرٍ
النّاس تسير على الماءِ
كان “كريسْ أنجلْ”حافيًا – وهو المتعلّمُ فنّ المشيِ على الماءْ-لا يعرف كيف يطيرْ
والنّاسُ طيورٌ محلّقةٌ
ما أغرب هذا الوقت
إن أردتَ بطيئا يأتي
أو سيجيء سريعًا
فالوقت رهن لما تشتهي
في الحلم أرى ما أريد
أرى اسكافيّ “حيّ النّور”يدق المسمارَ
يجمّعُ آخر ما قد ملّخَ من لغةٍ عربيّهْ
“اسئلوا عنه أحذية الفقراءْ”
“اسئلوا قصائدَ باسمة في أرغفة الشهداءْ”
في الحلم أرى:
-رؤساء وحكاما عربًا
لبسوا أصفادا وأشرعةً بيضاءَ
وقالوا :”نحنُ في صفّ الشّعب”
-وطنا مطروزًا في سبحةٍ واحدهْ
-لا حدود لفكرتنا-
إنّ الحلم أجملُ في الحلم
إذْ يتحقّق ما يُشتهى
وكأنّكَ في الجنّة المبتغى
ما تريد يرادُ لكَ
مثلَ أن تلتقي المتنبّي فتشتمه وتقولُ:
-لماذا أورثتنا الشّعرَ/أرهقتنا بالحداثةِ
أو تلتقي عبد القادر الجيلانيّ فتسأله:
ما الذي صار في بغدادَ
وأنتَ هناكَ تلوذ بنوم عميقٍ
أو تلتقي الله: ماذا يحدث في جسدي
حين أغفل عن ذكرك الله أبْكي ويغمى عليّْ
تلتقي الماضي:
-كيف يكتبك المنشدونَ أغانٍ
وأحجية الفشل الممتدّ إلى مستقبل أحلامنا
………….
هذا الفشل المزروع خيامًا كالضّرس
حاء الحبّ تسوّسُ أيّامي
والباءُ كباب الحلم بلا مفتاحٍ
لكنّ المفتاح معي
وسأغلق هذا البابَ إذًا
ارمي المفتاحَ هُنا
قد يبحثُ بعد سنينٍ طفل عنّي في الحلمِ
يعرف أنّ المفتاحَ يفتحني
وسيعرف أنّ الحلمَ حياتي
وأنّ الشّعر هو المفتاح.
3- البحر درس في الخيانة
البحر درس في الخيانة
قال بحّار عجوز
نحن أحفاد لهذا البحر
أمضينا السنين نحاصر الأمواج
والليل الكئيب
ونحاصر الآهات فوق مراكب الموت المجذّف للحياة
لم نعترف بالخوف يوما
إننا نطلي السماء
ونعقد النّجمات نهديها
لمنية رماها عاشق في البحر
قبل رحيلنا خلف المغيبْ
لم نكترث بالموت علّقنا عليه روائح الخبز المعطّر بالتحدّي
أجّلنا العواطف والنّساءْ
لسنا هنا نصطاد اسماكًا وحوتًا
لا نفتّش عن لآلئ أو خبايا
كي نصير إلى ثراءْ
في الأصل مهنتنا
دروس حياتنا تكفي
ومهنتنا نعلّم الليل كيف الإضاءة والإشارة للغريبْ
صرنا نجمّع في الشباك حكاية لا تنتهي
البحر درس في الحكاية
قال حكّاء عجوز في دمشقَ
أنا هو البحّار ذاته
لست أحكي
نحن سكّان لهذا الكون..
4- حكمة الانتظار
قال بحّار عجوز
نحن أحفاد لهذا البحر
أمضينا السنين نحاصر الأمواج
والليل الكئيب
ونحاصر الآهات فوق مراكب الموت المجذّف للحياة
لم نعترف بالخوف يوما
إننا نطلي السماء
ونعقد النّجمات نهديها
لمنية رماها عاشق في البحر
قبل رحيلنا خلف المغيبْ
لم نكترث بالموت علّقنا عليه روائح الخبز المعطّر بالتحدّي
أجّلنا العواطف والنّساءْ
لسنا هنا نصطاد اسماكًا وحوتًا
لا نفتّش عن لآلئ أو خبايا
كي نصير إلى ثراءْ
في الأصل مهنتنا
دروس حياتنا تكفي
ومهنتنا نعلّم الليل كيف الإضاءة والإشارة للغريبْ
صرنا نجمّع في الشباك حكاية لا تنتهي
البحر درس في الحكاية
قال حكّاء عجوز في دمشقَ
أنا هو البحّار ذاته
لست أحكي
نحن سكّان لهذا الكون..