عبدالمطلب: ليس من حق “رجل الدين” إصدار أحكام على المبدعين




حوار: رشا رمزى




أطلق البعض على الدكتور محمد عبدالمطلب، أستاذ النقد الأدبى بجامعة عين شمس، لقب «راهب النقد» وآخرون رأوا فيه «المدافع عن التجديد والمعاصرة» فيما اعتبره البعض «حامي حمى التراث»، لكن كلها ألقاب جاءت لتضفي عليه مزيدًا من التقدير كونه في الحقيقة «مفكر وناقد موسوعي»، حصل مؤخرًا على جائزة فيصل العالمية، وهي أهم الجوائز العربية في مجالات الأدب.
قدم «عبدالمطلب» للمكتبة العربية العديد من المؤلفات منها «ركائز التجديد في الشعر العربي»، «النقد الأدبي» و«بلاغة السرد»، و«البلاغة والأسلوبية»، والعديد من المؤلفات الأخرى.. «البوابة» حاورته على مدى ساعتين تحدث خلالهما عن الخاص والعام، واستفاض في قضايا شائكة بعقلية المفكر.
■ في البداية كيف ترى دلالة فوزكم بجائزة الملك فيصل؟
– أهميتها على المستوى الشخصى أنني أحترم الأماكن المقدسة، لذا فلها وقع خاص عندى. وعلى مستوى أبعد فقد جاءتني في الفن الذي قضيت معظم عمري أكتب فيه، لأنني تمنيت طول عمري أن أكون شاعرا لكنني لم أمتلك الموهبة ولم أقل بيتا واحدا من الشعر، فاستعضت عن ذلك بأن قدمت أربعة عشر كتابًا عن الشعر منذ أيام بلقيس حتى آخر أجيال الحداثة. الأمر الثالث أنني عندما أقارن بين هذه الجائزة وبعض الجوائز الكبرى الأخرى مثل جائزة نوبل، أجد أن جائزة فيصل ليس لها توجهات سياسية، فهى تعطى للكفاءات العلمية دون نظر لخلفياتهم السياسية أو الثقافية. كما أنها إشارة على أن المجتمع الإسلامي غير متعصب، لأنها تُمنح للسعودي وغير السعودي، المسلم وغير المسلم، العربي وغير العربي مما يعطي دلالة للعالم كله بأن الإسلام ليس دينا إرهابيا أو دينا منغلقا. فضلًا عن أنها منحت لمصري، وأنا أعتبر أن كل إضافة لمصري هي إضافة لمصر، ثم إضافة لقسم اللغة العربية بآداب عين شمس الذي انتمي إليه، هذا القسم الوحيد في العالم العربي الذي حصل 4 أشخاص منه على جائزة فيصل العالمية، وسبقني في ذلك الدكتور عبدالقادر القط، والدكتور عز الدين إسماعيل والدكتور مصطفى ناصف، وأنا رابعهم. وقد سعدت بذلك جدًا.
■ وما دلالة غياب مصر لعشر سنوات عن الجائزة؟ وهل ذلك نتيجة أزمة تمر بها اللغة العربية في مصر؟
– حصلت مصر على هذه الجائزة في مجالات غير اللغة العربية مثل خدمة الإسلام، كما حصل عليها شيخ الأزهر في السنوات الأخيرة. لكن في اللغة العربية قد يكون هناك تفوق لجنسيات أخرى، خاصة في المغرب العربي، لكن أعتقد أن مصر ستستعيد مكانتها الثقافية مرة أخرى، وتحتل مكانتها في العالم العربي، فجائزة «العويس» فاز بها اثنان من مصر هما صلاح فضل ويوسف القعيد، ونحن نعد في المجلس الأعلى للثقافة، باعتباري مقرر لجنة الشعر، لمؤتمر دولى في شهر 6 القادم عن الشعر تحت مسمى «ملتقى القاهرة للشعر العالمي والعربى»، وسندعو إليه أعظم الشعراء في العالم بجائزة كبرى تقدر بـ200 ألف جنيه تمنح مرة لشاعر مصري ومرة غير مصري.
■ وهل تم الإعلان عن هذا المؤتمر؟
– لا، لم يتم الإعلان عنه حتى الآن، لكن تم اتخاذ القرار في لجنة الشعر وسيعقد المؤتمر في شهر يونيو القادم، أملًا في أن يستعيد الشعر مكانته مرة أخرى، كون الشعر ذاكرة العرب الذي حفظ للعرب القدماء تاريخهم وثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم وديانتهم لأنه فنهم الأول.
■ ولماذا تحول الكثيرون إلى فنون أدبية أخرى؟
– مشكلة الشعر أنه فن لغوي بالدرجة الأولى، ومن لا يمتلك اللغة لا يمكن أن يتفهم أو يستوعب الشعر، الآن اللغة العربية تضيع ليس في مصر فقط، وإنما في العالم العربى كله، وأصبحت اللغة العربية لغة ثانية أو لغة ثالثة بسبب التعليم. منذ عشرين عامًا كتبت مقالا عن اللغة العربية وأثبتُ أن عدد حصص اللغة الإنجليزية في المدارس أكثر من اللغة العربية، فإذا اختفى من يجيد اللغة العربية فكيف سيستقبل الشعر، المسألة معقدة جدًا. أما ما يخص الرواية فإن رواجها خادع، فما يقال عن الطبعة الثالثة والخامسة غير صحيح، المسألة اقتصادية بحتة، جاءني صديق برواية مشهورة أهديت لي بعد الثورة وبعد ثلاثة أشهر ظهرت الطبعة التاسعة، هذا غير منطقي لم يحدث حتى مع نجيب محفوظ.
كما أن الكثيرين يعتقدون أن الشعر فن لعامة الناس، لكن هذا فهم خاطئ، إذ لم يكن الشعر فن العامة إلا في حالات استثنائية قديما بين جرير والفرزدق وحديثًا بين شوقي وحافظ.. فيما عدا ذلك الشعر له مجال خاص يلقى فيه، وله جمهوره الذي يستوعبه ويتلقاه.
في العامين الماضيين قدمت أعمالًا رمضانية استخدم فيها الشعر.. فهل ينفي ذلك فكرة أن الشعر فن نخبوي؟ 

– الحقيقة أنا لا أشاهد المسلسلات.. طوال عمري لم أر إلا ثلاثة أعمال فقط.. لكن الشعر يمكن أن يقدم عبر حياة الشاعر، على سبيل المثال شوقي شاعر حياته خصبة، ومن جانبى أتمنى أن يستعيد الشعر مكانته بوصفه ديوان العرب، وجائزة فيصل وغيرها أتمنى أن تساهم في تشجيع الشعراء على أن يستعيدوا الكتابات. لكن هناك ما ينبغى أن نلتفت له، فما يأتيني من دواوين أكثر مما يأتينى من قصص، وعلى الرغم من ذلك نادرًا ما يأتيني ديوان أو قصة جيدان.. اللغة ضائعة والفكرة ضائعة.. وما ينشر لا يستحق النشر. ومنها ما يُقدم لنيل الجوائز. وأثناء تحكيمي رفضت عشرة دواوين من ثمانية عشر. الإبداع يحتاج إلى رعاية وأظن أن الإبداع شهد فترة ازدهار في عهد فاروق حسني. وحلمي النمنم يحاول أن يستعيد هذا الدور. ومع الثورة وما تبعها توقف الإبداع أو تحول إلى إبداع مصنوع.. ربما بعد الاستقرار نستعيد الفن الحقيقي.
■ من الأزمات التي يعاني منها المبدعون «التكفير».. فكيف ترى ذلك؟
– الذي أراه في الواقع الثقافي أن هناك خلطًا بين حرية الرأي وفوضى الرأي.. فهل يمكن أن اعتدى على أحد بالسباب أو التجريح دون أن أُحوَل للقضاء.. عندي نص الكاتب يتعامل فيه مع الله بكونه «إنسان حشاش» فهل يسمح بنشر مثل هذا الكلام؟! أما بخصوص أحمد ناجي فالمقصود أصلا الشهرة.. منذ عشر سنوات هاتفني أحد الشعراء، وقال يا دكتور صودر ديواني ويجب أن تكتب مقالًا للدفاع عني.. فكرت أن أكتب مقالًا ومن ثم سألت المسؤول في هيئة الكتاب، لكن المسؤول قال إن الديوان موجود ولم يصادر.. نفس الحال حدث مع هويدي، فأحد الكتاب المعروفين أصدر رواية ووضع خطوطًا حمراء تحت بعض الجمل وهو يسلمها له حتى يهاجمه هويدي.. هناك بعض الكتاب يكتبون راغبين في الهجوم رغبة في الشهرة. وكل من بحيري وناجي لم يكن ليعرفهما أحد لولا الهجوم عليهما.. الآن أصبحا مشهورين.. ومن دافعوا عن إسلام بحيري لم يتحملوا أي هجوم.. أحدهم رفع قضية على أحد الشعراء عندما اتهمه بأنه أفسد وزارة الثقافة وغُرم الشاعر بخمسين ألف جنيه. الآن أصبحت حرية الرأي لها توازنات وحسابات..
وفى نفس السياق لم لا يدافع أحد عن السبكي عندما سب نساء الصعيد.
■ ليس أحمد ناجي فقط، هناك إسلام بحيري، فاطمة ناعوت؟
– بخصوص إسلام بحيري المشكلة في عدم التخصص.. هل يسمح لي أنا مثلًا بالتكلم في الطب أو القانون؟! أنا اتكلم في الشعر، لذا يجب أن يلزم كلُ بتخصصه، وإسلام بحيري أو غيره، وهم غير متخصصين في الفقه الإسلامي يتكلمون بكلام ساذج حيث يقول إن الحديث النبوى أحيانا يتناقض مع القرآن، وأتى بمثال القرآن ذكر فيه «واجتنبوا النساء في المحيض» وحديث الرسول «عائشة تقول إن الرسول كان يباشرنى وأنا حائض» هو لا يعرف معنى اللغة لأن المقصود «يباشرنى أي يلمس بشرتي» فعند اليهود المرأة الحائض لا يقترب منها زوجها ولا يأكل من يدها.. وهذه هي الخطورة، أن تجد الشخص يتكلم في القانون والفقه والسياسة والطب والأدب.. والقاعدة التراثية تقول إن من يفهم كل شيء لا يفهم أي شيء، الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازى ود. جابر عصفور يكتبان كل يوم مقالات تهاجم السلفية والأزهر ولم يتم تكفيرهما. لأنهما ببساطة يكتبان فيما يفهمانه وبلغة مهذبة ونقد علمي. ويتمسكان بالدستور بالنص الخاص بحرية الرأي مع التغاضي عن المادة الخاصة بالحفاظ على الأخلاق والقانون والدين.. وأنا مع حرية الرأى المسؤولة المحترمة.
■ لكن هل البديل السجن أم المناقشة؟
– ماذا أناقش؟ هل عندما يعتدي علي شخص بالسباب هل سأتركه أم سأحوله للمحكمة!!
■ إسلام بحيري لم ينتقد الإسلام.. كل ما طالب به تنقيح البخاري؟
– لا، لم يقل ذلك فقط، بل قال إنه رجل مخرف ويجمع القمامة من الزبالة، ويجب حرق كتبه ويحذف اسمه من التاريخ، أنا قلت لجابر عصفور، هل لو قال على كتبك قمامة أو زبالة ستتركه؟!
سهل أن انتقد الأحاديث الموضوعة في البخاري.. لكن عند الحديث عن البخاري.. هذا الرجل تجمع عنده ستمائة ألف حديث نبوي.. وظل حياته كله ينقح ويفحص إلى أن صح عنده ألفان وسبعمائة حديث.. ألا أشكره على هذا المجهود. صحيح أن في هذه الأحاديث غير الصالح.. لكن يجب شكره رغم أني معترض على هذه الأحاديث.. هذا هو الأسلوب الصحيح.. والإمام الشافعي قال «رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصواب». هناك أحاديث للرسول لا يمكن أن تصدق، منها حديث الذبابة.. لا يمكن تصديقه.. من حيث النظافة الرسول لا يمكن أن يقوله.
■ لكن ألا ترى هناك تشددًا مع المبدعين؟
– هذا يحيلني إلى واقعة أحمد الشهاوي وما حدث في التعامل مع ديوانه «الوصايا في عشق النساء» حيث قطعت مؤتمرًا كنت أحضره في دمشق لحضور ندوة عقدت في البرنامج الثقافى وطرحت على رجال الأزهر بعض المعلومات. حيث قلت لهم أنتم تعاملون المبدعين بلغة القرآن، وهى تمثل 2.8% من لغة لسان العرب، فكيف تحاسبون المبدع بـ3% وتتركون 97% ؟! إذا أردتم أن تكفروا الشهاوي، عليكم أن تكفروا سيدنا يوسف عندما قال «فأنساه الشيطان ذكر ربه».. والحقيقة أن بعض رجال الدين يحاسبون المبدعين حسابا متزمتا، وهذا جزء من التخصص، فرجل الدين ليس متخصصًا في الإبداع وليس من حقه إصدار الحكم، الحق فقط إبداء الرأي. نحن الآن أمام إبداء رأي وإصدار حكم للمختص وغير المختص.
■ ما رأيك في تغير البنى السياسية والاجتماعية وتغير الثقافة في المجتمعات العربية فيما بعد ثورات الربيع العربي؟
– الواقع العربى يعاني من حالة سيولة، كونه يمر بعملية مخاض جديدة ويحاول دخول عالم جديد وهو لا يمتلك تلك الإمكانيات. والمقصود بالعولمة في المعنى القريب «تحول العالم إلى أسرة واحدة» والمعنى البعيد «الأمركة» ونحن تحولنا إلى الأمركة من حيث المأكل والمشرب والعادات والتقاليد والخطورة ضياع الهوية. ومن العجب أن المشاهير يذهبون إلى أمريكا لكى يولد أطفالهم هناك ليحصلوا على الجنسية، إذًا فكرة المواطنة اهتزت نتيجة اهتزاز الهوية. وأظن أننا سنحتاج إلى سنوات طويلة حتى تستقر الأمور ونستعيد الثقة في أنفسنا ونستفيد من الأمركة، أنا لا أطالب بالانعزال عن الحضارات الأخرى، فشرط أساسي للتطور التآلف والتحاور لكن مع الحفاظ على الشخصية. ففي منهجي النقدى أستفيد من كل الدراسات الوافدة، وفى الوقت نفسه أفحصها، ما يصلح منها لثقافتي أستخدمه، وما لا يصلح لا أستخدمه، مع العودة للتراث ما أجده ما زال صالحًا منه أستخدمه، وما فقد الصلاحية أرفضه، والحاصل الآن أن الشخصية العربية ضاعت تمامًا. والأجيال الجديدة تكتب العربية بأحرف أجنبية، ولا يمكنها التعامل بالعربية، من هنا الخطورة فإن ولاء تلك الأجيال الجديدة لن يكون للثقافة العربية ولا للقومية العربية. وللأسف من يحاول تطوير التعليم هم رجال التربية وأغلب رسائلهم كانت في الغرب وهم يريدون تطبيق هذه الأنظمة في مجتمعاتنا العربية، ونسوا أن المجتمع العربي في حاجة إلى الأنسب وليس الأمثل.
■ هل المشكلة في عدم تدريس اللغة العربية أم في طرق التدريس؟
– مدرسو اللغة العربية غير مؤهلين بسبب كثافة العدد في كليات اللغة العربية، فكيف يتواصل المحاضر ويوصل المعلومة لهذا الكم، هذا التضخم في العدد يضعف من كفاءة المعلم. المشكلة في المجتمعات وتصورهم أن الشهادة الجامعية هي الأساس، لم لا تكون الثانوية العامة هي الأساس، يجب أن تتغير ثقافة المجتمع وتتغير نظرة المجتمع للمؤهل، وهي تحتاج لسنوات طويلة لتغييرها.
■ كيف ترى الحركة الأدبية في مصر واهتمامها بالأدب الغربى وإهمال الأدب الإفريقى رغم أنه أقرب للذائقة العربية؟
– التواصل الثقافي مع الآداب الأفريقية ضعيف جدا، والمسئولية ليست على الأدباء بقدر ما هي على المؤسسات الثقافية الرسمية. بنفس القدر الأمر حادث مع الدول العربية، حيث تصدر روايات ودواوين عربية لا نعرف عنها شيئًا، التواصل بيننا أصبح بعيدًا والتواصل مع أفريقيا أبعد، أنا لا تأتيني أي أعمال إلا من إريتريا والمغرب العربي. هناك طلبة كثيرون من نيجيريا والسنغال يسجلون الدكتوراه والماجستير ويحضرون دواوين الشعر، لكى يدرسونها وأجد أنها جيدة جدا، لكن لا تصل لي إلا عن طريق هؤلاء الطلبة، إذ التواصل الثقافي بيننا منعدم. رغم أن هذا التواصل الثقافي هو الأساس في النفوذ المصري. ونحن عشنا التواصل الإفريقى أيام عبدالناصر. كان التبادل الإفريقى المصري عن طريق المؤتمرات بشكل متصل، حيث تعقد في القاهرة وكل العواصم الأفريقية، لكن بعد الانفتاح السبعيني انعزلت مصر عن محيطها الإفريقى، وتطلعت إلى أمريكا فقط وغاب العرب أيضًا، أتمنى أن ننفتح على هاتين الطاقتين الهامتين، فعند التعامل مع الغرب سيكون التعامل أحادي، نأخذ ولا نعطي.
■ ما رأيكم فيما يطلق عليه «القصة الشعرية»، وما الفرق بينها وبين قصيدة النثر؟
– أول من كتب عن قصيدة النثر كنت أنا في كتابي «النص المشكل»، رغم أن ذوقي الخاص لا يتفق معها، لكن بذوقي العام قرأت قصيدة النثر ووجدت فيها قصائد جيدة، خاصة مع جيل السبعينيات مثل حلمي سالم ورفعت سلام ومحمد آدم وغيرهم من الشعراء، ما أدى إلى لوم د. القط لي وقال: ستندم يوما على هذا الكتاب لأنك ستفتح الباب لفاقدي الموهبة ليقولوا شعرًا. اليوم أقرأ قصصًا قصيرة نثرية لا قيمة لها لأنها فقدت أهم خصيصة ألا وهى الخيال والمجاز وكأنها خواطر. الكارثة الأصعب ما يسمى بالأدب الرقمي، أو ما يطلق عليه القصة القصيرة جدًا جدًا وهي لا تعدو أكثر من ثلاثة أسطر، وهي دون المستوى، بينما الشهرة أصبحت في متناول الجميع. أما الأشد خطورة فهو فقدان خصوصية النص بالكتابة المشتركة بين أكثر من شخص، أين البصمة الخاصة بالشاعر نفسه، هذا من قبيل الخداع الثقافي الذي لن يعيش طويلًا.
أما عن القصة الشعرية فقد كتبت مقالًا عن السرد الشعرى والسرد الروائي، لم يفهم أحد الفرق بينهما، السرد الروائي به تفصيلات تحمل الحقائق الحياتية، بينما السرد الشعرى إجمالي يغوص في الأعماق النفسية وبه المجازات. السرد موجود مع الشعر منذ الأزل منذ امرؤ القيس، هذا الخلط جاء بسبب دخول غير الموهوبين المجال، فتُكتب قصة قصيرة فيطلق عليها شعرًا. الكارثة الأكبر في قصيدة النثر العامية، لم يعرف روادها الفرق بين الأسلوب الدارج والأسلوب الأدبي الذي يحتاج للتأمل والتفكير، الآن الأدباء لا يفرقون بين هذا وذاك.
■ ماذا عن سلطة الثقافة وثقافة السلطة؟
– الثقافة لها سلطتها في العادات والتقاليد والأخلاق والإبداع والأدب، لكن السلطة دائمًا تحاول أن تخلق لنفسها ثقافة، من ثم ظهر تجديد الخطاب الديني. والخطاب الثقافى.. إلخ.. دون أن يعوا أن التجديد يعني الحفاظ على القديم. لذا تحول التجديد إلى جديد من أجل فتح الباب لمبدعين جدد لخدمة أهداف السلطة، وكل مرحلة لها أهداف مختلفة، في فترة ناصر كانت العدالة الاجتماعية، أما السادات فكانت التمهيد للتبعية الأمريكية، ومبارك كان فتح الباب لسيطرة رأس المال على السلطة، أما اليوم فالهدف تقديم ثقافة تفتح الباب لسلطة الشعب نفسه. لكن حتى نكون منصفين، في زمن مبارك على الرغم من عملية خدمة السلطة الحاكمة فيما عرفت «تدجين المثقفين» إلا أنه كان هناك رواج ثقافي، وأصبحت القاهرة محط أنظار العرب جميعًا ونُقِل المركز الثقافي من بيروت إلى القاهرة.
_____
*البوابة 

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *