*فرحات فرحات
خاص ( ثقافات )
قالت الشمسُ:
لا تقرأ قصائدَكً العتيقةَ في النهارْ
سافرْ على متنِ الطيورِ إلى القمرْ
وهناكَ، عندَ غروبيَ الآتي،
وقبلَ بزوغهِ
حررْ دفاترَكَ القديمةَ
من ملفاتِ السماءْ
واسألْ سحاباً مارقاً
إنْ كانَ يعلمُ أينَ تختبيءُ الرؤى
ما بينَ شمسٍ وقمرْ
ما بينَ دهرٍ وقدرْ.
قالَ القمر:
كمْ أكرهُ التشبيهَ والإيحاءْ
ومسارَ ظلّي حينَ يتبعني
ما الظلُّ؟
قوتُ الشعرِ والشعراءْ
ووريدُ لهفةِ عاشقٍ مسلوبْ
هيّا اصطحبني خارجَ الأفلاكْ
فأنا قبيحٌ لو ترى وجهي
إني ضجرتُ الشمسَ والدورانْ
وضجرتُ عتمَ الكهفِ من عتمي
لو تعلموا كمْ أكرهُ الإيحاءْ،
وكم أعاني حينَ يصحبُني
مَنْ كلُّ وجهٍ عندَهُ قمرْ.
قال الشيخ:
هيّا امتطِ ظهرَ الجوادِ ولا تقفْ
فهنا الرصيفْ
وهناكَ،
تختبيءُ الفراشاتُ التي
هربتْ من رحمِ حاناتِ الضياعْ
إجلسْ بعيداً
دعْ حصانكَ وحدَهُ
يُملي عليكَ جنونَهُ وجموحَهُ
ثُمّ اقتربْ ويداكَ تحملُ زهرةً
سربُ الفراشِ يخافُ من قطرِ الندى
فإذا يئستَ منَ الجموعِ، منَ الغبارْ
وسمعتَ صافرةَ القطارْ،
ودّعْ حصانَكَ لا مفرَّ،
هو السفرْ.
قالتْ الغائبةُ الحاضرة:
إنّي أحبُكَ رغمَ أنّي أكرهكْ
فاشربْ سرابكَ عندَ بابِ مدينتي
يا أولَ الغيثِ الذي قدْ زارني،
حطَّ الرحالَ فقدْ ألفتُ يباسَنا
أنتَ الرحيلُ على مشارِفِ غُربتي
وأنا اللقاءُ على ظلالِ كآبتي
إنّي حصرتُ الشمسَ فيكَ
ولم أزلْ،
أبكي على ظلّي،
وظلّي لم يزلْ
يبكي على شمسي
ولا “طل” الخبرْ.
قلتُ:
أخافُ عليكِ جموحَ الحصانِ
وأخشى عليَّ زحامَ الرصيفْ
وأهلعُ حينَ أمسُّ الفراشَ
وأمسكُ ظلّي
كأنّيَ شيخٌ
كأنّيَ شمسٌ
كأنّيَ قمرٌ
كأنّي حجرْ.
_____
*شاعر وكاتب فلسطيني