ينبغي أولاً أن تلمس طائراً


*ليوبولدو كاستِيّا/ ترجمة عن الإسبانية مزوار الإدريسي



عن الحبّ
لا تعتقدْ أنّ الحب
معقودٌ بك أو بها
بما تُحسّانِه أو تريانه أو تحلُمان به
هنالك معادن، وحركاتٌ 
مجالاتٌ للقوّة
لا يبدأ عملُها أبداً
هي أفعالٌ افتراضية
تَفُتُّكَ
تلك المعادن
وتلك اللحظات التي تحوي المعكوس
هي في مكانٍ ما
تشنُّ حرباً
مَن يتحابّان
هما على قيد الحياة.

الصحراء
في الصحراء
يكون المرءُ ظلّاً
شقًّا 
يمُرُّ الموتُ عَبْرَه
أو اليومُ اللاحق
يعيشُ المرء قبرَه
في عتمة
داخل جسَدِه،
مُصْغِيًا كيف تمضي الريح بالنهار
والبحرِ المُغْبَرِّ، 
الذي يقرع دون هواءٍ
بالهواء
فراشَتَه السوداء.
هنا
تحْمِل مجموعاتُ النجومِ
على العقرب
ويتسمّمُ الإنسانُ
لو ينطق، على انفراد، اسمَهُ الخاصَّ لَيْلاً.
وفقط عندما يُفزِعُ الكثيبُ 
الأحمرُ القمرَ،
بعد أنْ يكونَ الفضاءُ قدِ التُهِمَ،
يكون حديثا إذن
ما تبقّى من المرْءِ
يَلْأَمُ الجِراح.

طائر
كي تكفرَ بالطيور
ينبغي أوَّلاً أنْ تلمس طائراً
صوتُه 
هو طيرٌ أكثرُ منه
لكنَّ قصَّتَه أكثَرُ حقيقةً:
اتَّخَذَ هيئةً
لحظةً
مُسّهُ:
ما لا نُسمّيه أبداً
هو السّطحُ الأوّل
الماء
لِنتصوَّرْ
أني لا أعرِفُ أنّ المطر 
يحدثُ في كلمةِ مطرٍ فقط
وأنه يهطلُ في اتجاه مُعاكس للفضاء
وذلك 
أنه تخلّى عن كونه
مثل عيْنِك أنْ يكونَ عيْناً
فصار حصاناً
عند رؤيتِه حصاناً
ليس طبيعيًّا 
أنْ تُمطرَ السماءُ
الطبيعي
أنْ ترتعشي
أنْ تخافي المطرَ
أنتِ
توشكين أن تكوني كُلّكِ ماء
تُشيِّدينَ بيْتاً 
باسم كلمة إنسانٍ
أنتِ
ماءٌ مؤْمنٌ
تتَّقينَ فظاعةَ السقوط
تقولين: مطرٌ
وأنتِ ماءٌ 
يَنْظُرُ ماءً.
مشهد
من يد الرجل النائم
يَسقط كتابٌ أرْضًا
الضجيجُ أيْقَظَه
لكنْ قَبلُ، في الحُلم، 
يُغلق الرَّجُلُ
بالخبطة نفسِها
نافذةً
الكارثة
سابقةٌ على الأجساد.

عن الكمال
تنزل الحمامةُ 
الأنيقةُ إلى القُمامة 
على الألواح المُحطَّمة والماء الرّاكد
والبلاستيك المُشوّه
حينما ستلمس الأرض
ستحظى بتآلُف القُمامة
كذلك هذه النفايات 
عند الوصول كان لها جمالٌ
ما لا يزالُ يُحَبُّ
التخطيطُ للعالم يمكن أنْ يكون حركةَ
هذه الأشياءِ الهامدة
أبديَّتَها -الحياديُّ-
هو أنتَ وأنا والأكسجين وحيداً
والنهرُ الذي تفترضه على حدة
وكلُّ ميتٍ
التآلُف يستسلم
لحمامةٍ وحيدة.
المُبْتكر
لا ابتكار لدى الطبيعة
ويُشكُّ في معرفة الظلّ
انبجاسَه من إنسان
وألّا تُنتَج الخيوطُ
من مصنعٍ
في العينيْن
وأننا نُقيم في روح لم تُولَد
المادّة تعمل
تحرِمُ الكونَ من الجثامين
(لهذا نبتكر التاريخ)
ولهذا صنعتُ
هذا الجهاز
الذي بوسعه أن يقيس المطر
ونسبة التّجريدِ في حَجرٍ
وأن يقيس الصوت
حيث توجد فكرة الإله
جهازٌ صُنِع من معدن
وخشب وألياف وبلَّورات
ومواد حسّاسة تُجاه الأتُوبِيا
وما كانَتْه ذاتَ مرّة
وفي مكانٍ ما، في رمز من رموزه
يُفتَرَض أني موجود
حقْلاً للتّجربة
لكنّ في الأمر ارتياباً 
فالطبيعةُ لا تَحْوي داخلَها
أحداً.
______
*العربي الجديد

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *