*سعيد الشيخ
خاص ( ثقافات )
1* البكاء
أعرف أن أبي يحب أختي الأصغر بقدر ما يحبني. ولا مرة جاء لي بهدية من دون أن تحصل هي الأخرى على هديتها. ولكن حين يضعني في أحضانه لمداعبتي دونها، تنفجر بنوبة بكاء. ولسبب ما؛ أشاركها البكاء حتى نبدو كجوْقة متناغمة العزف، فيما أبي يقف بيننا كالتائه يبرم بيديه لا يفهم سبب هذا البكاء.
2* الفراشة
الطائرة العملاقة التي جاءت من خلف البحار، فوق المدينة تقذف اللظى وتلحق بالمدينة الدمار، في مدى النار حين خلل غامض بالطائرة كانت فراشة تبحث عن مخبأ يمنحها النجاة. فجأة تسقط الطائرة بينما الفراشة ظلّت تتابع الطيران.
3* المقابر
في اللحظة التي اكتشف فيها حكيم مدينتنا أن المقابر تشغل مساحات شاسعة من المدينة بمقابل مشافي قليلة، هاجمته جلطة دماغية أودت به إلى إحدى المقابر.
4* صداقة
يقضي نهاره يجوب الشوارع على غير هدى، المعدم الذي يتبعه كلب أجرب وأعرج. حين يستبد بهما الجوع يأكلان من مائدة واحدة تعدّها لهما مزبلة المدينة.
5* العاصفة
العاصفة تضرب المدينة بلا هوادة. الأمواج وصلت إلى أعلى البنيان. بعد أيام؛ وحين توغّل المسعفون بين الانقاض وجدوا طفلا منقلبا على ظهره من شدة الضحك.
6* اللذة
لم تكن زوجته على مقدار من الجمال، ولهذا السبب لم يكن يحبها، ولا يكرهها. ولكن حين يمتلئ جسده باللذة يتهيأ له أن أنثاه من حور العين وانهما من أهل الجنة.
7* حليب المرأة
توقفت المرأة عن المجيء من قريتها لتبيعنا الحليب الطازج كل صباح. ولما تحرّيْنا عن السبب؛ قيل لنا: أن المرأة لم ترث من زوجها الا بقرة حلوب، راحت تبيع حليبها لتنفق على أطفالها الثلاث، وفي ذلك اليوم وعلى غفلة من المرأة رفست البقرة أحد الصغار وقتلته.
8* شمس امي
حدث مؤخرا انني أُصبت بنزلة برد راحت معها أسناني تصطك ببعضها، وأقام الأرق فيَّ عرسا. شفقت عليّ أمي وأدخلتني إلى أحضانها الشاسعة. بعد قليل شعرت بالدفء يسري في جسدي، حتى إكتسحني تماما. خرجت وكلّي يقين بأن الشمس حين تغرب وتختفي من السماء تأتي وتختبئ في أهداب أمي.
9* حياةأخرى
سمع الطفل والده يقول لوالدته: إن الحياة بيننا باتت مستحيلة.
فوجد نفسه كالمعتوه يركض في الشوارع يبحث عن حياة أخرى.
10* قذيفة بول
وقف الجنود مزهوّين على الأنقاض بعدما أمّنوا احتلالهم للمدينة. كانت جثث ألأهالي ما زالت ملقاة تحت الشمس بين ركام الأبنية، حين فجأة ظهر طفل من بين الركام يشهر حمامته بوجه الجنود.
كتبت الصحف العبرية الليبرالية في اليوم التالي: أن بول الطفل لم يصب فقط وجوه الجنود في الميدان، بل تطاير بعيدا ليصيب وجه الدولة الديمقراطية.
ـــــــــــــــــــــــ
كاتب فلسطيني