*سمر الزعبي
خاص ( ثقافات )
جمع أقلام الحبر ووضعها في علبة، ثمّ رفعها في مكان مرتفع، سألتُه عن قلمي، مدّ يده، ذك الطويل، وانتشل واحداً ذا لون أسود، وفيما كان يخفي أنيابه، قدّمه إلي.
لم أتصالح مع ذك القلم، ما جرت الكلمات إلا على سطر وعر، فاستبدلت به قلم رصاص، رسم أشجاراً خريفية، لم يدوّن ولم يعي ما ترويه أقلام الرصاص، ثمّ توقف عن الرسم، فتركت عينيّ يستهويهما أي منظر خريفيّ على حائط، أتابع ألوانه حيث تتدرج وتنسجم، أتلمّسُ البنيّ جسداً، والأصفر ظلاً له، ثمّ امتد الخريف خارج الاطار يكتسح كل ما حوله.
ضاقني هذا الخمول، فتربّصت مغادرة الطويل، ورحت أقفز إلى أعلى مسافة ضمن مسطاعي؛ خيّبني قِصَر قامتي، فوضعت كرسياً وصعدت، لم تثبت قدمي جيداً، فسقطت وابتسامةٌ حمقاء تلازمني، “ما بعد السقوط إلا الفرج”؛ قمت من موضعي أردد هذه العبارة.
كرّرت المحاولة باستخدام عصاً، فوقعت علبتي وتفرّقت الأقلام، جعلت ألملمها؛ أزرق، أحمر، أبيض، ثمّ قبّلت الشفّاف وضممته للآخرين، اثنان اختارا اللعب :الأخضر، وقلم قوس قزح، مددت يديّ إليهما بعطف.. فهربا، تشقلب الأخضر بالهواءِ وعاد مكانَه، وقوس قزحٍ قفزَ إلى جيب معطفٍ للطويل، معلقٌ على الشماعة.
أدخلت يدي وراءه، وبدل أن أعثر عليه، سحبني شيء ما داخل الجيب..
“عتمةٌ مطْبِقة”؛ هكذا تمتمت.
انقشعتْ رويداً رويداً، فاتضحتْ لي تلةٌ غير بعيدة، جلست على القمّة، أفكّر بقلمي المشاكس، أقتلع الأعشاب من حولي، أمارس عادة اكتسبتها منذ الصّغر. عمّا قليل أمطرت السماء، و قبل أن تلامسَ حباتُ المطرِ الأرضَ تجمّدتْ، والغيوم تبدّدت على عجل.
صارت مثل كرات زجاجية منثورة في الكون، آنذاك ظهر قلم قوس قزح، تأهّبتُ لالتقاطه، فنشر ألوانه، وتداخلت بحبيبات المطر.. تلوّنت الدنيا، وتوارى البنّي والأصفر في أوراق الخريف.
خرجتُ من الجيب وقوس قزح في يدي، ثم وقفت مقابل القلم الأخضر، رمقته نظرة جعلته يقفز إليّ عن خوف.
سطعت أشعة الشمس قويةً في أرجاء الغرفة، ورأيت الذي كان طويلاً قد دخل معها، ثمّ استكان أمامي كعقلة الاصبع، يرجوني أن أعيد الأقلام مكانها.. علا صوتي استنكاراً، فصغُر حجمه.. ظل صوتي يعلو حتى اختفى.
____
*قاصة من الأردن