“العاشر من كانون الأول” لجورج ساوندر.. يجعلك تحب الناس مجدّداً



يقول جورج ساوندر، في المرة الاولى التي أنهيت فيها قراءة “العاشر من كانون الاول”، كنت في مقهى في نوتينغ هيل، اتناول فيها إفطاراً اعتيادياً، وبكيت في حينها. وكانت تلك المرة الاولى التي افعل ذلك الشيء، فيما عدا حالات الطفولة، وعلاقات مرحلة الشباب الاولى – وايضا في هذه المرّة، بعد قراءة قصة قصيرة في (30) صفحة، وجلست إثرها، غافلاً عن إفطاري، وعينان باكيتان وبدأت افكر في الناس ان القصص العشر في كتاب “العاشر من كانون الاول”، تأليف جورج ساوندر (تدور حول الناس – وبلا اهتمام في منزل من الطبقة الوسطى، حيث ان اهتماماً كبيراً لبعض الامور الصغيرة، يعتبر ضرورياً). 
وقصص ساوندرز بأجمعها تدور حول الناس والمشاعر الانسانية والمعاني التي نجدها في بعض اللحظات الصغيرة او الحركات إنه يرسم بألم لوحات مؤلمة للحالات الانسانية، ولعوائل، او الموت، ومن الممكن وصفها بسعادة بائسة، وكل قصة مليئة بحقائق صغيرة والتي تجعلنا مستمتعين وايضاً بعدم الاحساس بالراحة، وكل قصة منها.وفي كل مرة اقرأ فيها القصص، اجد ان الاولى منها او الاخيرة، هي الاقوى والقصة الاولى في المجموعة بعنوان يحكيها ثلاثة اشخاص، والفتاة نجدها تتجول حول البيت وحدها في ظهيرة هادئة، اما الرجل الذي لا إسم له، فيفكر في ما يفعله وهو يراقب اما قصة “العاشر من كانون الاول” وهي الاخيرة، وعنوانها “العاشر من كانون الاول” وتأتي في النهاية فهي تلاحق رجلاً مسناً يعاني من سرطان لاعلاج له، يتابع صبياً غبياً، يمثل وحيداً مغامراته في حديقة تتساقط الثلوج فيها فقط. وكان في تلك اللحظة في حالة جنونية ، وقد توجه الى الحديقة ليدع البرد يقتله. وهذه القصة تقع في (30 صفحة)، ولكن المشهد الاخير، وكثافة المشهد الأخير، يدفع المرء للبكاء – حتى إن كان في مكان عام، حتى وان كان في مقهى لندن، المعروف بكثافة الحاضرين فيها.
والكاتب ساوندرز هو سيد لكتابة التفاصيل عن شخصية واحدة بقوله: “كان مثل سرير في حفلة، حيث يكدّسون المعاطف، الواحد بعد الآخر، او وصفه لرجل قد أنهى معركة مع زوجته”. تلك المشاعر التي تساور المرء ان تم قبوله ثانية ومرة اخرى. او في وصفه دواءً يُثير الشهوة ويكتب: “كنا جميعاً الواحد فوق الآخر، بطريقة الاصدقاء الحميمين يلتقون للمرة الاولى، او زوجين يلتقيان للمرة الاولى بعد معاناة احدهما من مرض قاتل”. وفي مقالة له يقول: “كم هي قوة عظيمة ان تعرف ان رغبات الشخص نفسه تنتقل الى شخص آخر غريب”. ان هذا الاحساس يدفع المرء الى الكتابة وتبرز جمل عديدة امامه في القصص، ومنها على سبيل المثال، قول المرء لنفسه “قد افعل ذلك الأمر، او قد فكرت به”.وإن وجدت ذهنك يدور في امور شتى وإن لم تفكر فيها، فستجد نفسك تقوم من مكانك وتبدأ آنذاك في التفكير بأنفسنا، وكيف نجد انفسنا، في خضم جماعات لا وجوه لها، واننا نجوم على شاشة تلفازنا. ونشعر يضاً، ان لا احد يقدر ان يفكر مثله، وان لا يفعل ذلك احد مثلي.والصورة التي يرسمها ساوندر عن الانسانية هي واحدة، متلازمة مع الاحاسيس التي تجول في داخله.إن “العاشر من كانون الاول” هي نقطة مدهشة ضد القراءات التي يقبل عليها المرء خلال أعياد الكريسمس.
________
 عن: التلغراف/ المدى العراقية.

شاهد أيضاً

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي منال رضوان     المثنوى المعنوى، وديوان شمس لمولانا جلال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *