من قصائد المعري



أَيا شَجَرَ العُرا أوسِعـتِ رِيّـاً
فَقَد جَفَّ العِضاهُ وَلَم تَجُفّـي
وَما يَبقـى إِذا فَتَّشـتَ حَـيٌّ
تَخَيُّـرُهُ الحَـوادِثُ أَو تُنَفّـي
لِكافورٍ غَـدا الكافـورُ زاداً
وَجَفَّت أَبحُرٌ مِـن آلِ جُـفِّ
وَهَل فاتَ الحتوفَ أَخو هُذَيلٍ
كَأَنَّ مُلاءَتَيهِ عَلـى هِجـفِّ
أَو العادي السُلَيكُ وَصاحِبـاهُ
أَو الأَسَدِيُّ كَالصَعلِ الهِـزَفِّ
تَجُمُّ جُيوشُها فَيَضِـلُّ فيهـا
فَتىً يَجتابُ صَفّاً بَعـدَ صَـفِ
تَكَلَّفتَ الوَفـاءَ وَحُـمَّ يَـومٌ
أَراحَ مِـنَ التَوافـي بِالتَوَفّـي
وَدَهري بِالمُغارِ أَغـارَ صَبـري
وَعَلَّمَنـي التَعَفُّـفَ بِالتَعَفّـي
أَما شُغِلَ الأَنامُ عَـنِ التَقافـي
بِما وَعَدَ الزَمانُ مِـنَ التَقَفّـي
وَقَد صَدَقَت ظُنونٌ مِن رِجالٍ 
تَخَفّوا ما تَـوارى بِالتَخَفّـي
رَأوا مُتَسَتِّـراً عَنهُـم بِسُـدٍّ
لِيَأجـوجَ كَمُستَتِـرٍ بِشَـفِّ
لَقَد عَجَبَ القَضاءُ لِرَكبِ مَوجٍ
يُقابِـلُـهُ بِـمِـزمـارٍ وَدُفِّ
وَلَو نالَت عُقابُ اللـوحِ لُبّـاً
عَداها عَن تَكَفُّئِهـا التَكَفّـي
وَقَد يُغني المُسِفَّ إِلـى الدَنايـا
تَعَيُّشُهُ مِنَ الخـوصِ المُسَـفِّ
وَوَطءُ السُفِّ يَحمي الرِجلَ مِنهُ
بَكورُ يَدٍ عَلـى ذُرَةٍ بِسَـفِّ
وَكَم بُسِطَ البَنانُ فَعادَ صِفـراً
وَزارَ الجودُ كَفّـاً ذاتَ كَـفِّ
وَما رَفُّ الكِعابِ سِوى عَنـاء
وَإِن عُنِيَت لِمَسـواكٍ بِـرَفِّ
وَكَم زُفَّت إِلى جَدَثٍ عَـروسٌ
وَقَد هَمَّت إِلى عُـرُسٍ بِـزَفِّ
أَرى دُنياكَ خالَطَهـا قَذاهـا
وَأَعيَت أَن يُهَذِّبَهـا مُصَفّـي
بَنوها مِثلُهـا فَحَلِلـتَ مِنهـا
بِوَهدٍ أَو بِهَضـبٍ أَو بِقُـفِّ
تَهيجُ صَغائِرُ الأَشيـاءِ خَطبـاً
جَليلاً ما سَنـاهُ بِمُستَشَـفِّ
وَإِنَّ القَتلَ فـي أُحُـدٍ وَبَـدرٍ
جَنى القَتلَينِ في نَهـرٍ وَطَـفِّ
وَإِن لَذَّ القَبيـحَ غُـواةُ قَـومٍ
فَإِنَّ الفَضلَ يُعـرَفُ لِلأَعَـفِّ
وَلَيسَ عَلَيَّ غَيرُ بُلوغُ جُهدي
وَضَيفي قانِـعٌ مِنّـي بِضَـفِّ
إِذا اِستَثقَلتُ أَثوابـي وَنَعلـي
فَثِقلي في التَجَـرُّدِ وَالتَحَفّـي
لَعَـلَّ مَطيَّـةً مِنّـي قَريـبٌ
فَيَحمِلُ سَيرُها قَدَمـاً بِخُـفِّ
وَمـا سَـلُّ المُهَنَّـدِ لِلتَوَقّـي
كَسَـلِّ المَشرِفيَّـةِ لِلتَشَفّـي
وَلَيسَ الخَمسُ ضارِبَةً بِسَيـفٍ
نَظيرَ الخِمسِ ضارِبَـةً بِـدُفِّ
أَباغي حَظِّـهِ بِقَنـاً وَخَيـلٍ
كَباغيـهِ بِمُنـوالٍ وَحَــفِّ
وَما الجَبَلُ الوَقـورُ لِجاذِبيـهِ
عَلى العِلّاتِ كَالجُزءِ الأَخَـفِّ
وَجِسمي شَمعَةٌ وَالنَفسُ نـارٌ
إِذا حانَ الرَدى خَمَدَت بِـأُفِّ
أَعَيَّرتِ النِعـامَ أولاتُ فَـرعٍ
خُلُوَّ الهامِ مِـن ريـشٍ وَزِفِّ
لَعَـلَّ النَبـعَ تَثنيـهِ اللَيالـي
أَخـا وَرَقٍ وَنَـورٍ مُستَكِـفِّ
إِذا ما القائِلُ الكِنـديُّ ذَلَّـت
لَهُ الأَوزانُ فَاِعتَرِفـي بِشِـفِّ
فَإِنَّ عُطارِداً فـي الجَـوِّ أَولـى
بِأَن يَزِنَ الكَـلامَ وَأَن يُقَفّـي
وَأَقصي عَن مَآرِبِـكَ البَرايـا
وَلا يَغـرُركَ خِـلٌّ بِالتَحَفّـي
وَفَـذٌّ فـي مَقاصِـدِهِ بَليـغٌ
أَحَبُّ إِلَيَّ مِـن إِلـفٍ أَلَـفِّ
لَعَمرُ أَبيكَ ما خالـي بِخـالٍ
لِشائِمِهِ وَلا شُهـدي بِهَـفِّ
فَإِن أُعطِ القَليلَ يَكُـن هَنيئـاً
يَجيءُ المُستَميحَ بِغَيـرِ شَـفِّ
إِذا وَرَدَ الفَقيرُ عَلى اِحتِياجـي
أَغَثـتُ لَهيفَـهُ بِالمُسـتَـدَفِّ
وَلَو كانَ الكَثيرُ لَقَلَّ عِنـدي
وَأَهوَنَ بِالطَفيـفِ المُستَطَـفِّ

شاهد أيضاً

كتاب “في حديقة الملك، سيرة مكان”: سيرة مكان؟… سيرة وطن!

(ثقافات) كتاب “في حديقة الملك، سيرة مكان”: سيرة مكان؟… سيرة وطن!   * د. خالد …

ابن عربي الحائر بين الفتوحات والمنقولات – فيديو

(ثقافات) ننشر تالياً المحاضرة الكاملة للباحث والروائي الأردني يحيى القيسي عن “ابن عربي الحائر بين …

حوار مع الباحث والروائي يحيى القيسي حول تجربته الوجودية

الباحث والروائي يحيى القيسي حول تجربته الوجودية: رواياتي تشكل خُماسيّة عِرفانيّة ومَعرفيّة… وتطرح الأسئلة الكبرى  …

في ظلال المئوية “تل الذّخيرة” ملحمة تستحق مكانة عالية في الذاكرة الشعبية والمخيال الحكائي للأردنيين

مجدي دعيبس مع حلول المئوية الأولى للدّولة الأردنيّة تتنازعنا أفكار ومواضيع شتّى للحديث عنها في …

في مئوية الدولة: الثقافة مرتكز أساسي للتأسيس والنهضة

( ثقافات ) مجدي التل  فكرة بداية مأسسة الحالة الثقافية والابداعية في الدولة الاردنية الحديثة؛ …

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *