نصوص من اجاريت..


فيصل خرتش*


يبيّن كتاب “نصوص من اجاريت”، لمؤلفه الدكتور علي أبو عساف، أن العلماء انكبوا على دراسة النصوص الأوجاريتية، فوجدوا أنها دينية، أدبية وشعرية، كنعانية الأصل والمنشأ. واختلفوا في تفسير الكثير من معانيها ومفرداتها، وفي تحديد صيغتها الصرفية، والآن، وبعد مرور أكثر من خمسين عاماً، لا نزال، كما يوضح الكاتب، بحاجة إلى المزيد من البحث في معاني الكثير من مفرداتها وجملها. لذلك اعتمد في هذه الدراسة، حسب ما يشير، على النصوص الأصلية، ليقدّم لنا دراسة تساعد على إجلاء معنى كثير من المفردات.

يلفت المؤلف بداية، إلى أنه تقع مدينة أوجاريت قرب شاطئ البحر المتوسط، شمال مدينة اللاذقية، وكانت إحدى كبريات مدن المشرق العربي في العصور القديمة. وكانت لها صلات وثيقة مع المصريين، تدلّ على علاقات صداقة بين حكام أجاريت وحكام مصر، وعلاقتها بالدول الكنعانية في الداخل لا تزال سرّاً مجهولاً.

وقدّمت إلينا محفوظات ماري، وثائق تحوي معلومات بسيطة، تعود إلى النصف الأوّل من القرن الثامن عشر ق.م، ويستدل منها أنّ صلات تجارية وثيقة كانت قائمة بين أجاريت وحلب وماري. وشملت صلات أجاريت التجارية أيضاً، العالم الأيجي وقبرص.

يمتد العصر الذهبي لأجاريت من 1400 1200 ق.م. تقريباً، وشهد عدّة ملوك، كان أوّلهم “عم ثتمر”، الذي أقام علاقات ودّية مع الحثيين والمصريين، وكان على خلاف مع العموريين في الجنوب. وقبيل منتصف القرن الرابع عشر ق.م، خلفه ولده “نقم أدو”. وحكم “نقم هدد” فترة طويلة، وكان مهتماً بالأدب والثقافة كاهتمامه بالسياسة. وجاء بعده، ابنه “أر خلبا”. ثم اعتلى العرش أخوه “نقم عفا”.. فـ”نقم عفا”.

تسلم الحكم بعد وفاة “عم تثمر الثاني”، ولده “أبي رانو”. ثم وصل إلى العرش بعده “عمورافي”، آخر ملك حكم في اجاريت عند نهاية القرن الثالث عشر ق.م، قبيل غزو شعوب البحر لها وإحراقها، وفرار سكانها إلى الأبد.

ويشير أبو عساف إلى أنه انفردت اجاريت باستعمال الأبجدية في الكتابة، وتتألف من ثلاثين حرفاً، أي بزيادة حرفين على الأبجدية العربية، وثمانية على الأبجدية الآرامية والكنعانية المتأخرة. ويتصدّر حرف الألف المفتوح الأبجدية الاوجاريتية، وتنتهي بحرفي: الألف (المجرور والمضموم)، حرف السين. وكانت توجد في اجاريت مدارس لتعليم الكتابة والقراءة، بدليل عثور البعثة على الرقم التي كان يتمرن عليها التلاميذ. وعثر فيها على محفوظات هامّة، مكتوبة بالخط المسماري، والأوغاريتي والحثي..

وكتبت أهم الآثار الفكرية والروحية بالحروف الأبجدية. وعثر في مكتبة كبير الكهنة على عشرين رقيماً، سطرت عليها النصوص التي نطلق عليها اسم “أساطير” وقصص، وتتألف المجموعة من خمسة مؤلفات، وهي:

دورة بعل (تصف الحكاية صراع بعل وموت)، مولد الفجر والغروب (مولد الآلهة)، أنشودة ننكال: (أعراس القمر)، وفي هذه الأسطورة يتقابل القمر وننكال عند الغروب، ويتزاوجان، وفيها تجسيد للزواج وتصوير لإجراءاته بواسطة الأرباب، دنال وأقهات، قصة كرت.

المؤلف في سطور

ولد الدكتور علي أبو عساف في عتيل، السويداء، عام 1932. عمل مديراً للآثار والمتاحف في سوريا. وهو عضو جمعية البحوث والدراسات. لديه كتب عديدة، منها: آثار الممالك القديمة في سوريا، الآراميون تاريخاً ولغة.

الكتاب: نصوص من اجاريت

تأليف: الدكتور علي أبو عساف

الناشر: وزارة الثقافة دمشق 2011

الصفحات: 192 صفحة

القطع: المتوسط

( البيان – الإمارات )
* كاتب من سوريا

شاهد أيضاً

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي منال رضوان     المثنوى المعنوى، وديوان شمس لمولانا جلال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *