رماد فلاح قديم


*حمزة شباب


خاص ( ثقافات )
ساءل الفلاح بنات الرماد الليلي
في كوخ صغير استمطر أفكاره
أينا يحفر قبرا يودع فيه ناره ؟
ليزاول عادته اليومية في جمع النيران
يضع نطف الغراس في التربة
ليترنح بين حياته الأبدية
ليرتعش غده بردا
خوفا من جفاف أطفاله
يطير بمنجله الحصائدي بلا أغصان
تقبض أرواح ثماره متعة المعول
يتذكر الأوراق التي كتب اسمه عليها
هل بات الصباح مغبرا ببعض أفكاره
هل غادرت الطيور بيوت أحبائه
بعد جلسة عشاء
كان فيها متطرفا لا وسطيا
كان ركاما على مرآة عمره 
هو لا يدري ما تبقى من ثمره
غير بعض من بقاياه
حقائب سفره فارغة
و كؤوس شراب زعفراني
طرحت في الفرات
بعد أن تآكلتها جيوش التتار
أصبح شديد الاشتياق للنبات
التي لا تقيم له اعتبار
كان كجبال على القمر
يخلو من الأعلام
و من الصور التذكارية
كان محراثه كتنظيم عشوائي لا يقهر
فاكهة من الجواسيس عقله
يمتطي جوع الغرباء
مقسم بالديْن حقله
حتى نواه مقسمة اليدين
ترك معوله و تفحص رماده
وجده كالشمس خالية من كل عيب
كراحة فتاة في ريعانها
مكتنزة لحما من الأفكار
سألته فتيات ذلك الرماد
متى تعيش الجذور بعيدا عن المطر
قال صداه : لا يعرف حقلي الخوف
لكنه يقدس الحذر
أيها الماضي الذي يؤمله الفلاح
لتخضر وعود الربيع
من أسطورة قديمة
عندما كان يجتاح قلوب المزارعين
أمسي الرعوي يأكله القطيع
كمنهوم يستظل الحياء
يا رمادي القيصري تمهل
لا تغادر شفقي الأخير
فرمادي سريع الاشتعال
غيور على ملكه
ينشد النور في طلعته
كاشتياق الشتيتين للقاء
أيها الغد المستحيل
هل بات حقلي لعنة الأسواق
و ألحاني لغة عالمية
تعرف الأحداق
انتظار الفجر لا يغرينا
ما دام الرماد يولد شيئا فشيئا
فتلك أجسادنا تنبت تحت الأرض
كما ينبت الحديد من النار
يجثو على ركبتيه الهواء
ليلتهم خيمة موزعة الأوتاد
عله يجد فتاته في لهيب الدموع
رأى قبسا في علبة أشلائه
تضمر مذكراته
تظهر وشاحا أحمر حول عنقه
كان ابنا بارا للقوى الشعبية
فجرا على تغاريد القنابل
كتب على كوخه الصغير
بلون الرماد الداكن
أنا منجل فوق الأعاشيب
أزرع نارا
أحصد رمادا
أنا نعومة الرماد رغم حتفه
أنا فلاح كثير الرماد في كهفه
أنا كتاب رسول مزقت نفسي
ليقتصد من التورية الغرباء

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *