
*آسيا رحاحليه
خاص ( ثقافات )
يجلدني بعنف و دون رحمة ..
خيانة ، و خطيئة ، و معصية ..
لا تبحث عن لفظة أخرى .. 
هي خيانة يا سيّد الكلمات و مروّض اللغة الجموح ..
يمكنك أن تكذب في نصوصك ، أن تزيّف الحقائق و تخدع البشر..
أن تجعل الفاسق يبدو في ثوب قدّيس مثلا ، لكنك لا تخدعني ..
أنا الوحيد الذي يراك بوضوح .
أخبرني ، هل يمكن تسمية الأمور بغير أسمائها ؟
هل يصبح الليل نهارا لو يّتفق الكون على تسميته نهارا ..؟
لا يصبح الليل نهارا مهما خلعنا عليه من ألقاب..
و لا الوهم حقيقة ، و لا الجنون تعقّلا ..
و لا الافتراض واقعا ..
–	اخرس .. أنا أحبها .
–	أنت واهم ..
أشيح بوجهي ..أنظر يمنة و يسرى ..أحاول الانشغال بمراقبة روّاد الحديقة في هذه الأمسية الربيعية الجميلة .. 
تتواصل التكتكة المستمرة المزعجة ، وخز حاد في العمق كمن يدقّ مسمارا في وسط رأسك . 
كمن يرمي بحجر في بركة وعيك الراكدة و كلّما ركدت البركة يعيد الكرّة من جديد ..دون هوادة . 
أدرك ألاعيبه . طريقته في الالتفاف حول رأسي و نفث سمومه في أفكاري .
لا يهدأ ، لا يأخذ استراحة .. لا يغفل كأن لا شغل له إلاّي . 
لعلّ لا شغل له إلاي فعلا ..
أحاول صرف تفكيري عنه..
أفكٍّر فيها .. حبيبتي ، فاتنتي ، قصيدتي الأبهى ، أنثاي الأشهى .
دقائق و تكون هنا ، معي .
المشاعر الفيّاضة الملتهبة حبا و شوقا و حنينا و التي جمعتنا افتراضيا لمدّة طويلة لا يمكن أن تضيع ..
منطقيٌّ أن ينتهي الأمر بلقائنا فوق سطح الواقع.. 
أن يتوّج امتزاج روحينا بانصهار الجسدين ..
مجرّد التفكير في لقائي بها و مكان يجمعنا معا ، بمفردنا ، يحيل كياني إلى كرة من نار ..
يبعث في أدقّ شراييني تيارات الحب و الرغبة ..يغلق كل أبواب عقلي ..
أحاول صرف تفكيري عنه.. عبثا أفعل .
–	تفكّر ؟.. تبحث في عقلك الباطن عن تبرير للخيانة ؟
–	أعشق تفاصيلها ، دوّختني أنوثتها . 
–	حرير الوهم ..
–	أحيت قلبا قتله الملل و الروتين .
–	أحابيل الخيال .
–	أدخلتني مدن العشق و الجنون ، اكتشفت بأني لم أعش قبلها ..
–	كأنّي سمعتها هذه الكلمات منذ سنوات تقولها عن زوجتك .
نعم .. زوجتي . أحسست برجفة في صدري و أنا أحمل حقيبتي الصغيرة و أغادر بعد أن أخبرتها أني ذاهب في مهمة عمل تدوم يومين ..
أوّل كذبة . أوّل نقطة حبر على نافذة زواجنا الذي يدخل هذه السنة عامه الحادي عشر ..
–	ما بها زوجتي ؟ أعطيها حقوقها و أكثر .. من حقّ قلبي أن يخفق من جديد ، لست غبيا لكي أصمّ أذنيّ عن نداء الحب .. 
–	أنت تهضم أهم حقوقها .. حقها في الوفاء ..
–	لكني أحب حبيبتي ..حدّ الجنون . أحبّها ..
–	دغدغة الرغبة المجنونة .
–	أعشقها ..
–	يتهيّأ لك ..
–	مثيرة ورائعة ..
–	فخ الخطيئة الأولى ..
–	مختلفة و استثنائية ..
–	خدعة اللذة المحرّمة ..
أغرب عن وجهي ..أغرب عن وجهي .. 
نظرت في ساعتي . عشر دقائق و تكون هنا .
–	سمير .. قلت لك ألا تلعب بالكرة هنا !!
في نفس اللحظة التي وصلت سمعي هذه العبارة كانت الكرة تضرب حقيبتي بعنف.
التقطها الصبي . اعتذر بأدب . و راح يجري لحضن والدته .
الوالد و الوالدة يتبادلان الحديث و الضحكات و الابن ممسكا بالكرة يحاذيهما سيرا .
و دون أن أفكّر وقفت . حملت حلمي المهشّم في الحقيبة و غادرت الحديقة ..
سرت بضع خطوات ثم اتصلت بزوجتي : ” لقد ألغوا المهمة ..أنا راجع إلى البيت ..
و ضّبي نفسك سنخرج في نزهة مع الأولاد ” .
عند انعطاف الزقاق ، التفتّ ..و رأيتها ، بكامل فتنتها ، تدخل الحديقة ..
و رأيتُني ، فارسا يمتطي جوادا منكّس الهامة ، يغادر ساحة الحب قبل بدء المواجهة ..
كان في ركابي طيفٌ يلعنني بصمت ..
و في رأسي صوت يتمطّى بارتياح .
_______
*أديبة من الجزائر
					
									 ثقافات موقع عربي لنشر الآداب والفنون والفكر يهتم بالتوجه نحو ثقافة إيجابية تنويرية جديدة ..!
ثقافات موقع عربي لنشر الآداب والفنون والفكر يهتم بالتوجه نحو ثقافة إيجابية تنويرية جديدة ..!
				 
			