*د.راج برسود، ود. بيتر بورغن / ترجمة : آماليا داود
خاص ( ثقافات )
هل يستطيع علم النفس أن يتنبأ بالانتحار؟
ينتحر سنويا ما يقارب 800.000 إلى مليون إنسان؛ وفقًا لإحصاءات منظمة الصحة العالمية، والحقيقة أن الانتحار أكثر شيوعاً مما تتصور، وهي مشكلة محاطة بالخرافات والنمطية البعيدة عن الواقع الفعلي لهذه المشكلة .
على سبيل المثال قد تتفاجأ أن بحوث علم النفس أكدت وجود علاقة بين الانتحار والشهرة .
د.ديفيد ليستر أستاذ علم النفس في جامعة ستوكتون ريتشارد في ولاية نيوجرسي، قام بالعديد من الأبحاث لإنشاء هذا الرابط، حسب نتائج الدراسات الاستقصائية التي قام بها فإن نسبة انتحار المشاهير كانت 5% في القرن العشرين .
لماذا ينتحر المشاهير؟ ربما لأن الشهرة، تسبب الإرهاق .
لكن علماء النفس يفكرون بأسباب أخرى، قد تكون متعلقة بجانب من جوانب الشخصية الذي يدفع أناس معينين للشهرة، وهو نفس الجانب الذي يدفعهم للانتحار، ففي دراسة نفسية لشيري جونسون وكارلوس كرافر وايان كوتليب، أكدت النتائج أن الأشخاص المصابين باكتئاب ثنائي القطب لديهم ميل للشهرة ولديهم طموحات عالية، اكتئاب ثنائي القطب موجود بكثرة بين المبدعين والمشاهير، خاصة في الأوساط الفنية .
هذه الدراسة استخدمت مقياس ” الرغبة في تحقيق مجموعة من أهداف غير قابلة للمتابعة “، وتقيس رغبات عالية الطموح وغير قابلة للتحقيق، أهداف حياة مثل أن يجذب الشخص الانتباه اليه في الكتب والبرامج التلفزيونية، وأهداف مثل التقدير من قبل الناس، وأن يكون مليونيراً أو الحصول على النفوذ السياسي، هؤلاء الناس كانوا أكثر عرضه للإصابة باكتئاب ثنائي القطب، وهذه الطموحات صعبة التحقيق هي مرتفعه بين المصابين، وتقول الدراسة إن الرغبة في تحقيق طموحات صعبة ناتجة جزئياً من هذا التشخيص .
لكن هل يفسر هذا الميل إلى الانتحار؟
نشر الكاتب ستيفن فراي عن محاولة انتحاره والتي يمكن أن تشكل مفاجأة، إذ يؤكد :” كتبت قصائد طويلة، من أجل متعتي الخاصة “، وقد تستغرب كيفيه ربط نوع الكتابة مع الرغبة في الانتحار.
فقد تم العثور على معدلات مرتفعة للانتحار واكتئاب ثنائي القطب عند الشعراء، بعض الأطباء النفسيين يؤكدون أن كتابة الشعر ربما غير مفيدة للصحة النفسية، لا سيما اذا كنتَ تعاني من بعض نقاط ضعف النفسية.
في دراسة ” الكلمات المستخدمة في الشعر التي تقود إلى الانتحار والكلمات التي لا تقود إلى الانتحار “، وهذه الدراسة للطبيبة النفسية شانون ستيرمان وجايمس بينباركير، وقد بينت الدراسة أن بعض علماء النفس يعتقدون أن شعر سيلفيا بلاث قد قوض مهارات التأقلم، في مواجهة أحداث الحياة الضاغطة، وربما ساهمت في وفاتها منتحرة .
رغم ذلك، تعتبر الكتابة وخاصة الشعر في بعض الأحيان كنوع من أنواع ” التحرر ” ولذلك تعتبر علاجية.
لكن هذه الدراسة حللت الكلمات التي استخدمها الشعراء المنتحرون، للتحقق من نظرية أنه قد يكون من الممكن التنبؤ بالشعراء الذين سوف ينتحرون، من الكلمات التي يستخدمونها في شعرهم، وقد تم تحليل 156 قصيدة لشعراء انتحروا، وقورنت هذه القصائد بنظرائهم من الشعراء الذين لم يتنحروا .
وعموماً استخدم المنتحرون من الشعراء، تقنية لسان الشخص الأول المفرد ( أنا، نفسي، لي ) أكثر مما فعل بقية الشعراء، واستخدموا ايضاً كلمات ( نحن، وضمائر الملكية مثل لنا ) في بداية مسيرتهم المهنية، وانخفضت النسبة بشكل أقل بكثير خلال المراحل المتأخرة من حياتهم ( أي قبل الانتحار بقليل).
الانشغال بالذات يمكن أن يكون على قدر الهوس الذاتي، والانشغال بالذات يقود الشخص إلى التفكير بالشهرة، النتائج تؤكد أن التمركز حول الذات ليس جيداً لك، إذ تم ربطه مع النزعة الانتحارية .على كل حال، نتائج الدراسة تؤكد أن ” البصمة الانتحارية ” تبدو واضحة منذ البدايات الأولى للشعراء، بعبارة أخرى: الانتحار والشهرة يمكن أن يكونا مرتبطين من خلال الخصائص الشخصية منذ البداية .
احدث الأدلة تؤكد أن الاضطراب النفسي قد يدفع الرغبة بالشهرة، وهذا يفسر ارتفاع معدلات الانتحار عند المشاهير .
الكاتب ستيفن فراي أقدم على عدة محاولات انتحار، مع أنه مشهور وناجح في جوانب متعددة من الحياة ويعتبر ” ثروة وطنية “، لكن كيف يمكن لشخص مشهور، غني، مشغول وناجح، أن يشعر بفقدان الأمل واليأس؟.
فكرة الانتحار محاطة بالكثير من الأساطير والأفكار الخاطئة، وتهدف الكثير من النشاطات؛ مثل اليوم العالمي لمكافحة الانتحار، لتغيير تلك الصورة النمطية التي ما تزال تعيق التفاهم والتعاطف مع تلك المأساة الشائعة جدًا.
____________
المصدر Huffington Post