ترجمة: علي عبيدات*
خاص ( ثقافات )
يحاول الإنسان منذ بدء الخليقة أن يبتكر نظرية تُعنى بمضمون وماهية وآلية ومعاني الأحلام التي يراها، ومنذ عهد أرسطو وأفلاطون والأرضية الفلسفية التي أسَّسَاها وحتى القرن التاسع عشر والقرن والعشرين وعمل علماء النفس الغربيين في باب الأحلام قائم على الرغبة، وأن الأحلام البشرية منسوبة إلى الأرواح.
وترى فرضية جديدة أن الأحلام تقوم بإبراز رغبات الإنسان في اللاوعي بطريقة سرية وخيالية من خلال الحلم، لذا فهذه الرغبات لا تتحقق في الدنيا ولا يمكن قبولها، فربما ستكون غير قانونية إذا تحققت. وحتى اليوم ونحن في القرن الحادي والعشرين ما زال العلماء لا يعرفون لماذا نرى الأحلام.
وفي عام 1953 توصل طالبان في جامعة شيكاغو إلى اكتشاف مرحلة نوم حركة العين السريعة (Rapid eye movement sleep: REM/REMS) واكتشفا أن الأحلام تقع في هذه الفترة من النوم، عندما تكون حركة العين مضطربة بعض الشيء والنوم عميق وكذلك بينما يواظب الدماغ على القيام بعمله رغم أن أغلب العلماء كانوا على يقين تام بأن الدماغ يتوقف عن العمل عند النوم قبل هذا الاكتشاف الذي أثبت أن الدماغ يواصل عمله أثناء النوم، وأصبح هذا الاكتشاف أرضية صلبة للأبحاث المختصة بالنوم وأمراضه التي زادت عن الثمانين.
وبعد سنوات من هذا الاكتشاف، توصل الدكتور ميشيل زووت من جامعة ليون الفرنسية إلى أن استمرارية عمل الدماغ في مرحلة نوم حركة العين السريعة (REM) لا يختلف عن عمله في اليقظة، وهو يسمي هذه المرحلة بـ “النوم المضاد”، وانتقى هذا الاسم لأن حركة الجنين على سبيل المثال مرتبطة بحركات عضلات الجسد، وينام نوماً هادئاً لا يمر بمرحلة (REM) لا سيما أن حركة جسده قليلة في تلك الفترة. وفي الستينيات اندلقت البحوث حول نوم صحي، لكن لم يُجِبْ أي باحث من القائمين على هذه البحوث على السؤال الرئيس “ما هو منبع الأحلام ولماذا نرها؟”.
يرى بعض العلماء أن الحلم يأتي لأسباب روحانية تتكامل في الإنسان، وجماعة أخرى ترى إرهاق الدماغ سبب رؤية الأحلام خصوصاً في مرحلة (REM). ومن الممكن أن تكون حصيلة الحلم دون معنى لما يترتب على انفعالات الدماغ، ونظرية أخرى مفادها أن الحلم اختلاط آلي للهواجس وحل المشكلات والتأقلم مع الكوامن النفسية، وتعتبر هذه الفرضية ضرورية لحماية العقل والسلام الروحي للإنسان.
هل تحلم الحيوانات؟
قال الباحث في علم النفس التجريبي من جامعة لندن هوغو سبيرز لملجلة “ناشونال جيوغرافيك” ، إن لأمر لم يفصل بعد بأحلام الحيوانات، لكن من المحتمل أن تكون كثيرة ويضيف هوغو هو وفريق الباحثين الخاص به :”أنهم وضعوا في مختبر الفئران رسومات طعام قبل النوم، وعندما نامت الفئران بدأت ترسم خططاً للحصول على الطعام في أحلامها، وعلى هذا يمكننا القول ان أدمغة الفئران حلمت بطريق الوصول إلى الطعام”.
تأتي أحلام الإنسان في مرحلة (REM) وتقريباً هذا حال كل الثديات التي ترى الأحلام في نفس الفترة، وقد أجريت التجربة على القطط أيضاً التي كانت ترى صور الطعام في فترة النوم وتعكس هذا بردات فعلها أثناء النوم. ومع كل هذه الجهود لا يمكننا أن نجيب عن هذه الظاهرة المحيرة فحتى الآن لا نعلم لماذا نحلم ولعل دراسة النوم هي الطريقة الوحيدة للإجابة، وحتى الآن لا يمكننا أن نجيب قطعاً فيما يخص أحلام الحيوانات.
وحول هذه الآراء يلتف الباحثون، فالإنسان يحلم كل يوم سواء تذكر حلمه أم لا، ويقول الدكتور جيم باغل مدير مركز أبحاث النوم في ولاية كولورادو الأمريكية: “إذا عرفنا فائدة النوم للجسد بوسعنا أن نفهم لماذا يمضي الإنسان ثلث حياته في النوم”.
_________
*المصدر: .radiofarda.com