ميلاد مجيد


*د. شهلا العجيلي


بصعوبة، اقتنع الأطفال أنّ عليهم أن يناموا، لأنّ الهدايا تختبئ تحت وسادات النائمين فحسب. غفوا، وبين جفونهم لُعب، وثياب، وألوان، وشجرة الميلاد في الغرفة المجاورة تبعث سعادة ودفئاً في أسرّتهم النظيفة، ونفوسهم النقيّة، وكانت مئات الأمنيات الصغيرة تدور مع كرات الثلج الذي لم ينقطع منذ ليلتين، تجوب المنازل، تحلّق حول كنيسة المهد على بعد أمتار منهم، ثمّ تعود لتطمئنّ في أحضانهم.

لم تفلح توسّلاتهم بإقناع الأمّ بأن يسهروا قليلاً ليشهدوا الألعاب الناريّة تفرقع في السماء، كان عليهم أن يناموا فقط، فـ”بابا نويل” سيفتح الباب بعد منتصف الليل، ويضع تحت وسادة كلّ منهم هديّة العيد التي صلّى من أجلها، وإن كانت الهديّة كبيرة الحجم، فسيضعها تحت السرير بهدوء، ثمّ سيخرج بسرعة قبل أن يُشعر به أحداً، فآلاف الأطفال ينتظرونه في أسرّتهم.
تلك الليلة كان نومهم قلقاً، كانت ضجّة وصخب شديدان، ومع ذلك لم يجرؤوا على فتح عيونهم خوفاً من أن يهرب “بابا نويل”.
أشعة الضوء الأولى بدأت تتسلّل من النافذة، وأيديهم الصغيرة تتسلّل بين الفينة والأخرى تحت الوسادة وتعود خاوية، تأخّر “بابا نويل”!
طلعت الشمس، وهم على خشية من فتح عيونهم، بدأ شعور بالفقدان يتسلّل إليهم، لكنّهم كانوا يطردونه بإصرار. صبيحة العيد كانت الأمّ تصطنع الفرح، قالت: ميلاد مجيد، والعبرات تخنقها! الأطفال حينما رأوها مرّوا بلحظة نضج، لم يبكوا، لم يبحثوا عن الهدايا، تسابقوا لتقبيلها ومعايدتها.
حينما خرجوا إلى الحارة ليلعبوا، عرف الأطفال أنّ “بابا نويل” لم يستطع الوصول إليهم، لأنّه قضى ليلته تحت جدار الفصل العنصريّ!
________
*عمّان.نت

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *