ما التبس من قصيدة الماء


*طلال حماد


خاص ( ثقافات )
لم يعرف القارئ البريء
ما رمى 
إليه المؤلّف الفصيح
وهو يصيح
كأنّه يُناطِحُ الريح
في قصيدة الماء
ليس الحريق الذي
شبَّ في أشلائِهِ المُبَعْثَرة
في دفاتر الشعراء
ولا قنابلَ الغُزاة
من الغاز المُسمَّم
في حنجرة السلام
سلامٌ سلامٌ
سلامٌ
سلام
هذه روايَةٌ أخرى
لعقد المصالحة
بين القاتِلِ..
والقتيل
والسارِق المارِقِ
واليتيم
وذا المُتَشَنِّجِ الأبَدِيِّ
والسيِّد المسيح
فكيفَ لا
أصيحُ 
أصيحُ
أصيح؟
هل نُفَسِّرُ الدِماءَ بالماءِ
في قصيدة الماءْ
ماءٌ 
وماءٌ
وماءٌ
أماءٌ
كلّ هذه الدِماءْ؟
الماءُ أصلُ الحياةِ
بلى
بلى 
بلى
لكنّ الدماءَ
هِيَ الدماءْ
هل يُمكِنُ للقلبِ
أنْ يَنْبِضَ
بِسَيْلٍ ولو جارِفٍ
من الماءْ؟
ولماذا إذنْ
تجري الدِماءُ في عُروقِنا
ولا 
يَجري الماءْ؟
يحتاجُ الجِسْمُ البَشَريُّ
إلى الماءِ
بلى
بلى 
بلى
لكنْ تحتاجُ التضحيَةُ
إلى الدَمْ
دَمْ
دَمْ
هذه ليست قراءَة أخرى
لاتّفاق السلامْ
أنا لسْتُ ضدّ السلامْ
لكنّ الكلامْ
أكْبَرُ من كلِّ ادِّعاءْ
فالقارئ الباحثُ عن معنى
لمْ يُدْرِك 
ما رمى إليه المؤلِّفُ الفصيحْ
وما لم يقله الناقد النصوحْ
في مقالِهِ المُدبَّجِ بالنياشينِ
والبنكنوتِ
ثمناً
لما جاءَ بين السُطورِ
من مديحْ
ولا ما تضمّنَهُ
من كلامٍ قابلٍ للتأويل
خطابُ راعي السلام الفضيحْ
من مقعده المُريحْ
في خيمة الأعداءْ
وقد جاءْ
ثمَّ راحْ 
ريحاً إثرَ ريحْ
فكيفَ لا نَصيحْ
ونحْنُ هُنا
في مهبِّ الريحْ
على أرضٍ
لم تهبها لنا السماءُ
في لعبة يانصيبْ
قد تُصيبُ
وقد لا تُصيبْ
لا…
لا…
لا…
هذه الأرضُ
لو لم تَكُنْ
هل كُنّا
وهل كان الزمان؟
لا…
هذه الأرضُ
لو لم تَكُنْ
تَحْتَنا
هل كانَ يطْمَعُ
فينا الغُزاةُ الطُغاة؟
لا…
هذه الأرضُ
لو لم نَكُنْ
عَلَيْها
لاخْتَرَعَتْنا 
كيْ نَكونْ
هذه الأرضُ
تُرابُها
مِنْ لَحْمِنا
ومِلْحُها
مِنْ مِلْحِنا
في طينِها ـ كَيْفَ أخْطِئُ المَعْنى. ـ
ماءْ
لا تُخْطِئوا مَعْنى الكَلامْ
بَيْنَ ماءٍ وماءْ
فَوْقَ هذه الأرْضِ
وفي عُروقِها
كُلُّ هذه الدِماءْ
لِكُلِّ هذا الفَيْضِ
مِنَ الشُهَداءْ
لا تُخْطِئوا ـ أيُّها القُرّاءُ الكِرامْ ـ
فَهْمَ الكَلامْ
في لُغاتِ السَلامْ
بَيْنَ ماءِ ودِماءْ
أنا لَسْتُ ضِدَّ السَلامِ
ولكنّي
ضِدَّ أنْ نُضامْ
وضِدَّ أنْ تُفَسَّرَ الدِماءُ
بالماءْ!!
من هنا تبدأ الأرض
من آخر الصحراء
ومن أوّل الماء
فما الذي تمنحه 
لنا
خرائط السلام
سوى قطعة من ورق
لا تمسح كلّ هذا الفيض 
من الدماء؟
من هنا تبدأ الأرض
ومن هنا 
يبدأ السلام
لكننا 
سننتهي
على الورق
إذا ما تحوّل السلام
إلى ضابط للأمن
ومركزٍ للاعتقال
فلا مجال
بعدُ 
للكلامْ
سلامْ
سلامٌ 
سلامٌ
لا سلامْ
أنا لَسْتُ ضِدَّ السَلامِ
ولكنّي
ضِدَّ أنْ نُضامْ
وضِدَّ أنْ تُفَسَّرَ الدِماءُ
بالماءْ!!

شاهد أيضاً

حداد النوارس

(ثقافات) حداد النوارس مالكة حبرشيد كل الرفاق ماتوا … قبل أن يكملوا أداء النشيد الوطني …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *