*أحمد ثامر جهاد
خاص ( ثقافات )
يواصل (مهرجان دبي السينمائي الدولي) في دورته الثانية عشرة المنعقدة من 9 إلى 16 ديسمبر، تقديم عروضه السينمائية ضمن أقسام المسابقات المتنوعة المعلن عنها والتي تضم باقة مختارة من الأفلام، بعضها تشاهد في عرضها العالمي الأول.
الأفلام المشاركة في مسابقة «المهر الطويل» للأفلام الروائية وغير الروائية، والتي بلغ مجموعها 18 فيلماً، تعكس بمجملها واقع الحياة بمختلف صورها وهمومها وأزماتها. وهو ما أوجزه مسعود أمرالله آل علي، المدير الفني لـ”مهرجان دبي السينمائي الدولي” بالقول: منذ انطلاقة المهرجان، ومهمته الأساسية تقديم المواهب المميزة في المنطقة. حيث توفر مسابقة المهر الطويل منصة مثالية للمواهب المبدعة، والاتجاهات الثقافية الفريدة، التي يعمل المخرجون في المنطقة على تقديمها. لقد وقع اختيارنا على بعض أهم المخرجين وصانعي الأفلام في مسابقة هذا العام، وأنا على ثقة أن الجمهور سيجد المتعة بما سيقدمه هؤلاء المخرجون لعشاق السينما”.
شاهد الجمهور في ثالث أيام المهرجان العرض العالمي الأول لفيلم (كلاسيكو) للمخرج العراقي الكردي هالكوت مصطفى، والذي تلقى دعم صندوق «إنجاز» لعمليات ما بعد الإنتاج، من “مهرجان دبي السينمائي” ويعالج الفيلم حكاية ذات بعد إنساني حول شقيقين من قصار القامة مهووسين بتشجيع أيقونتي الكرة الإسبانية: ريال مدريد وبرشلونة، أسوة بجمهور القرية الكردية المنقسمين حول ما يعشقونه من أبطال الكرة والمنشغلين بمتابعة مباريات الناديين الأشهر عالميا، بما يشبه حالة مؤقتة من التعافي من هموم الواقع الحياتي الأشد صعوبة.
الأحداث تنمو بفعل حكاية حب عاطفية له بعد ميلودرامي تجمع بين شاب وفتاة تقف الصعوبات حائلا دون زواجهما. إلا أن مسار الفيلم الذي يسرق عواطف المشاهدين هو تحديدا ولع الأخ الأصغر “الان” بنجم الريال كريستيانو رونالدو والذي يدفعه مع أخيه “شروان” إلى محاولة القيام برحلة طويلة محفوفة بالمخاطر للوصول إلى اسبانيا بهدف تقديم هدية بسيطة إلى النجم رونالدو عبارة عن حذاء رياضي مصنوع محليا من شأنه أن يلفت انتباه نجم الكرة العالمي إلى مصائر محبيه.
قد تبدو الحكاية فتنازية بعض الشيء، إلا أنها تحافظ بحسها الطريف على نسق سردي مشغول بجماليات في الآداء والتصوير وبناء الشخصيات التي امتلكت تأثير الوجداني الناجز.
كما تتضمن العروض الأخرى للمهر الطويل، فيلم المخرج المغربي هشام العسري الموسوم “جوّع كلبك” الذي سبق أن شارك في “مهرجان تورنتو السينمائي الدولي”. وتدور أحداث الفيلم في الدار البيضاء، حول اعتراف سياسي سابق في ستوديو مهجور بجرائمه بعد خروجه من مخبئه، بما يحقق رغبة مخرجة سينمائية معتزلة تعتزم العودة إلى الأضواء مجددا من خلال هذه المقابلة التي تسفر عن مفارقات غير متوقعة.
وفيلم المخرجة اللبنانية نورا كيفوركيان”23 كيلومتر” الحاصلة على دعم صندوق “إنجاز” والذي يتناول حكاية رجل أرمني مسن يعاني من مرض «الرعاش» ويقوم برحلته الأخيرة على طريق دمشق في وادي البقاع اللبناني، في إطار سرد صوري يمزج الواقعي بالمجازي؛ الارتحال بين الماضي والمستقبل الذي يوجز مأساة بلد أنهكه الانقسام الطائفي.
كما تعود المخرجة مي المصري إلى “مهرجان دبي السينمائي الدولي بفيلم “3000 ليلة” الذي يعد الفيلم الأول لها بعد تاريخ حافل بالأفلام الوثائقية المميزة الحاصلة على عدد من الجوائز، والفيلم حصل أيضا على دعم صندوق “إنجاز”، ومستوحى من قصص حقيقية لأطفال ولدوا في السجون الإسرائيلية، ولفتيات يكبرن خلف القضبان.
ومن الجزائر يتقدم سالم الإبراهيمي فيلمه «حكاية الليالي السود» الذي يدور حول أزمة سياسية مستوحاة من صراع الجزائر مع الشيوعية الأصولية، ويتناول الخسائر الكبيرة التي تخلفها الفوضى السياسية، حتى ضمن البيت الواحد.
فيما تقدم المخرجة اللبنانية “دانييل عربيد” فيلمها الجديد «باريسية» الذي تدور أحداثه في تسعينات القرن الماضي، حول محاولة فتاة شابة تدعى لينا تهرب من جحيم الحرب الأهلية في لبنان إلى باريس، فتاة تشبه الآخرين في كونها محبطة وتنشد الحرية المفقودة في مناخ مرير يضعها بمواجعة العزلة والضياع والخوف.
كما يقدم المخرج الجزائري عبدالله بادس فيلمه “عطر البيوت” في عرضٍ عالمي أول ويسرد الفيلم قصة الارتباط القوي بين رجل ووطنه الأم.
أما المخرج حكيم بلعباس الذي سبق أن حصد جائزة أفضل سيناريو في مسابقة «المهر الطويل» في دورة العام 2011 عن فيلمه “شي غادي وشي جاي” ، فيقدم فيلمه الجديد “ثقل الظل” في عرضه الأول، والذي يعالج قصة أب وأم متقدمين في العمر، يواصلان حياتهما على أمل معرفة مصير ابنهما الذي اختُطف قبل 35 سنة، في ظروف عصيبة.
_______
*كاتب وناقد سينمائي