*محمد قرنة
خاص- ( ثقافات )
هيام
يهيم بما يرى
شوقاً لما لا ينبغي ألا يراهُ
الساحة الخلفية اكتظت
وبعضُ العابرين حطام أفئدةٍ
وبعدُ العاشقين يفتشون عن الحقيقة في السرير
وكل ما يطغى عليه الحسُّ
حتى لا يرى ما لا يراهُ
ولا يفكر فيه
يصبح شِعره غزل البنات
ووجهُهُ الألحانَ
حين تقود عيناه التوجُّهَ
في التعانق والسكونِ
لكي يهيم بما يرى
شوقاً لما لا ينبغي ألا يراهُ
**
ما قالت الأرقام
يتوقف التاريخ عند متى
وكيف
وهل حقيقتنا استحقت أن تكونَ
وكيف كنا قبل هذا الكونِ
من بعث الإثارة في دمي
والحب
من أجرى المشاعر في شراييني
فأفسدتِ الكيانَ
*
الآن ننظر للتواريخ التي عبرت
وننسى الآنَ
تدهشنا التفاصيل الصغيرة في حواشي المفردات
وفي اندفاع اللفظ
يخبرنا المدى ما قالت الأرقام عن هذي العناصر
ثم لا ننسى التلفُّع بالغياب
كأي إلفين استراحا لارتكابِ البُعد
وانسجما سوياً في الذهاب إلى هناكَ
وفي التخلص من هنا
*
يتوقف التاريخ عند أنا
وتبتدئ الدوائر في الظهور اللانهائيّ
الحقيقةُ – حين تكتشفون –
سوف تطل بالوجه القبيح
وسوف ترتعشون من هول الوقائع
واختبار الله للدنيا
**
أمنية
وأريد موتاً هادئاً لأعيش فيهِ
أريد إحساساً أقلَّ
وحكمةً أعلى
وشوقاً للحضورِ
مُفسِّرًا سبب الغيابِ
وربما عشرين ألف مبشرٍ
يبنون لي ديناً جديداً في الوجودِ
أريد مرتبة الإله
ورهبة المخلوق
شوق الجاهلين لما سيصدمهم
وصمت العارفين حقيقة الأيامِ
*
لا أتنفس الفصحى
بقدر تنفسي للوقتِ
لا أجد الحروف ثقيلةً قدر الدقائق
والبلاغة والكناية والمجاز وسطوة الإيقاع
أبسط من محاولة انتظار صديقةٍ
لم تأت بعدُ
**
كشف
في لحظةٍ للبوح بالأشياءِ
حين بدتْ
تكثفَّتِ الحياة بلفظتيْنِ
اقرأ .. تجد
فاللوح مسطورٌ
وأنت حقيقةُ الأشياءِ
نلتَ ولايةَ الأسماءِ
فاستعليتَ بالإخفاء فوق مدارك المعنى
وأنت أنا
ولو كان الرداء مغايراً
لا شيء يستدعي انزعاجك منك
حتى لو جنيتَ عليكَ
أنت الواحد المنثور في الأعدادِ
نلتَ غواية الأضدادِ
واستعلمتها بالضادِ
كي يهتز عالمكم
وحين تكثفت تلك الحياة
خرجت من جسدي وإيماني
ولم يهتز فيّ سوى أنا
وقرأتُ
حتى كدتُ أن أجد الجحيم
فمسني ربي
وأخرجني هنالك من هناك
وبث في روعي:
“اجتباؤك واجبٌ”
فارتحتُ
ثم بكيتُ
ثم تقطَّعتْ مني الفواصل والحروف
وتهت خلف العالم المرقوم
والكتب القديمة
والصراط المستقيم
وموطني في الغيب
واستعداء من نظروا الإله بوحشةٍ
***
قصيدة هجاء في العالم
كلانا غيَّرَ مصيرَه
أنتِ عندما رأيتِهِ ولم يعجبْكِ
وأنا حين دعوتُ بعكس المكتوب
وكلانا يجلس الآن سائلاً ماذا بعدُ؟
*
سأكون رؤوفاً مع الله
وأتذكر أنني من طلب هذا منذ البداية
ومن سعى إليه سعيه
وسأكون ودوداً مع نفسي
وأنا أجلدني بكل أريحية
ثم أقدم ليَ الشاي والبسكويت
*
لا أحتاج نصائح من أحد
لا أحتاج أن أطلَّع على الغيب
ولا أؤمن أن هذا ممكنٌ أصلا ً
إنما هي صفحات من ألواح المحو والإثبات
لا تعرف ما سيبقى فيها
أو ما سيضاف إليها
لا أحتاج الزمن ليوضح لي أي شيء
حقاً
لا أحتاج أي شيء
ليس من مخلوق على أي حال
*
المصير
كلمةٌ فاقعٌ لونُها تسوء الناظرين
ربما هي من الأسماء الأولى التي علمها الله لآدم
تلك المفاهيم الأولية العملاقة
التي تندرج تحتها ملايين الملايين من التفاصيل المتغيرة باستمرار
والله وحده يعلم ما ستؤول إليه تلك التفاعلات الصغيرة كصورة كلية
المصير ليس صلباً
له حضور طاغٍ دائماً
وروابط غريبة لا تعرف كيف استحالت لما هي عليه
ولكنك تعرف أنك هو
وأن هو أنت
وهذا يكفي
*
في حياةٍ أخرى
سأصبح قصيدة هجاءٍ في العالم
وربما في هذه الحياة
من يدري
*
1 + 1 = 2 بالتأكيد
ولكن أيضا 1 + 1 = – 7
وتلك هي المشكلة كلها
*
كلانا لن يقرأ هذه القصيدة
مثل أن 1 و 1 لن يعرفا أنهما يساويان – 7
لن يعرفا هذا ظاهرياً على الأقل
وأنا لن أكتب هذا الهراء من الأساس!
*
سأجمع ما يفيض عن وعيي
وأطرحه مما استهلكه الجسد
ثم أضربه في حاجتي للحب والوصول
وأقسمه على صفر
*
كل العمليات الحسابية غير ممكنة
هنا حيث أشارف الاستواء
تتوقف الدائرة في نقطتها الأم
ويصبح الوجود كالعدم
ولا أشغل نفسي بحسابات الأرقام
أو بمحاولة الفهم
*
في النقطة التي انبثق منها كل شيء
لو دققت قليلاً
ستجدني
أحاول أن أكون شيئاً من الأشياء
رغم علمي أنني كل شيء
حريٌّ بنا
حريٌّ بنا .. أن نسامحنا الآنَ
ثم نعدُّ لنا الشايَ كالأصدقاءِ
ونحكي عن الحب
أو رغبة الروح في الطيرانِ
وعن ما يكابدُهُ الكلُّ من عدم الفهمِ
واللانهايةَ
*
أو قلْ
حريٌّ بنا أن نكف عن السعي
قبل الوصولِ
ونغرس خيمتنا
ونغني
كأن الطريق هو البيتُ
والعمرَ قنديلُ زيتٍ يشعُّ
بليل الحكاياتِ
*
في الليل نخلو بأنفسنا
نتأمل هيئاتنا في المراياتِ
ليس لأنَّ عيون المخاليق سوف تراقبنا
بل لنفهمَ
في الليل يكتمل اللغزُ حول الحياةِ
ويغدو حريًّا بنا أن نسامح تقصيرنا
ونسامحنا
ثم ننسى الإساءاتِ
لكن ذلك بالطبع لن يحدثَ