نوفمبر سجان القلم


علي عبيدات


خاص ( ثقافات )

اشتغل الرأي العام العربي في الشهور الأخيرة بمعتقلي الرأي في مختلف دول المنطقة، رغم تفشي عدوى المطالبة بالحريات منذ سنوات طمعاً بالمزيد من حرية الرأي، وشهد شهر نوفمبر أخباراً مؤلمة عن اعتقالات تحدث في السعودية وإيران وتركيا ومصر. 

مرّ نوفمبر ثقيلاً على العديد من سجناء الرأي وذويهم، ففي هذا الشهر جاءت أحكام إعدام وجلد وسجن وتوقيف على ذمة التحقيق بعد اقتحام البيوت، وكان من الناشطين والحقوقيين أن ثاروا على مواقع التواصل الاجتماعي مندِّدين بهذه الاعتقالات، على هامش ندوات ووقفات احتجاجية في البلدان العربية وغيرها.

ورصدت ثقافات أهم معتقلي الرأي ممن أوقفوا في نوفمبر وغيرهم ممن أخذوا أحكاماً في هذا الشهر الصعب على المعتقلين وذويهم بالدرجة الأولى وعلى سائر المثقفين والصحفيين العرب بالدرجة الثانية.
أشرف فياض (فلسطيني)

غضب عارم قاده المثقفون العرب بعد حكم القضاء السعودي بالإعدام على الشاعر الفلسطيني أشرف فياض الذي يغيب عن أهله من عام بعد أن اعتقلته عناصر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية بينما كان يجلس في أحد مقاهي مدينة أبْها السعودية دون إبلاغ أهله ومعرفته بالتهمة المنسوبة إليه.

وتبيّن بعد الاعتقال بأيام أن التهمة الموجهة لأشرف فياض هي “الإساءة للذات الإلهية والترويج لأفكار إلحادية” ضمن ديوانه الشعري “التعليمات بالداخل” الذي صدر عام 2008. وكان نوفمبر شهر إصدار حكم الإعدام.

حُكم على أشرف حكماً مبدئياً بقضاء أربع سنوات في السجن مع 800 جلدة، وذلك لإقامة علاقات غير لائقة مع الجنس الآخر، بعد أن وجدوا صوراً في هاتفه يظهر فيها واقفاً مع نساء في معرض فني، وقاد استئناف من النيابة العامة للحكم إلى إصدار حكم جديد بالإدانة مع فرض عقوبة الإعدام التي تنفذها السعودية بقطع الرأس.
يذكر أن أشرف فياض ابن عائلة فلسطينية تعيش في المملكة منذ 50 عاماً. وسبق أن مثل المملكة العربية السعودية في بينالي البندقية بصفته الأمين المساعد للجناح السعودي في المعرض، وله نشاطات فنية منها معرض تشكيلي في المملكة افتتح بمشاركة جهات رسمية، وقد تضامن معه كتاب وشعراء وفنانون سعوديون ونشطاء حقوق إنسان على مستوى الوطن العربي وبعض الجمعيات الحقوقية العالمية.

وفي حالة سابقة، حكم القضاء السعودي بألف جلدة والسجن عشر سنوات وغرامة مالية على رائف بدوي مؤسس “الشبكة الليبرالية السعودية”، وهي مجموعة ناشطة في مجال حقوق الإنسان، بتهمة الاساءة إلى الإسلام، وضج الرأي العام العربي والعالمي بقضية رائف بدوي.
إسماعيل الإسكندراني (مصري)

أثار اعتقال الصحفي المصري إسماعيل الإسكندراني؛ موجة كبيرة من الاستياء في مصر، حيث أعرب سياسيون ونشطاء وإعلاميون عن تضامنهم معه، وطالبوا بإطلاق سراحه فوراً، فيما تداول نشطاء أن اعتقاله جاء بناء على تقارير من السفارة المصرية في برلين، حيث رصدت السفارة ندوات تحدث فيها عن أبحاثه المنشورة، بالصوت والصورة، لترسل “مذكرة” إلى أمن الدولة في مصر.

وكانت أجهزة الأمن المصرية قد ألقت القبض على إسماعيل يوم الأحد في مطار الغردقة، فور وصوله من ألمانيا لزيارة والدته المريضة، ولم تفصح وزارة الداخلية عن أسباب القبض عليه أو التهم الموجهة إليه، واكتفت بالإشارة إلى أنه خضع للتحقيق داخل المطار قبل أن تتم إحالته للنيابة العامة، ولم يمر شهر نوفمبر إلا وكان الإسكندراني معتقلاً.

جان دوندار (تركي)
اعتقل الأمن التركي رئيس تحرير صحيفة “جمهوريت” التركية جان دوندار بدعوى نشره أخباراً تكشف عن قيام شاحنات تابعة لجهاز المخابرات التركية بنقل أسلحة إلى منظمة إرهابية، بعد تهديدات معلنة لدوندار من قبل أهم المسؤولين الأتراك في الحكومة، لينظم دوندار بهذا إلى ركب معتقلي نوفمبر.

واحتشد الآلاف من القراء والناشطين والصحفيين والسياسيين أمام مقر صحيفة “جمهوريت” مروراً بالشوارع المحيطة في إسطنبول، استهجاناً على ما وصفوه بالانقلاب في تاريخ الصحافة التركية، وأشار المحتشدون إلى آخر اعتقال قام به الأمن التركي بحق المدير العام لقناة “سامان يولو” التركية “هدايت كاراجا”. 

يغما گلرویی (إيراني)

اعتقل رجال الأمن الإيراني الشاعر والمطرب الإيراني یغما گلرویی، بعد اقتحام بيته بشكل مفاجئ دون تحديد الجهة التي اعتقلته والمكان الذي نقل إليه.
وكتبت زوجة یغما گلرویی السيدة أتنا حبيبي على حساباتها الخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي أن رجال الأمن اقتحموا البيت وأخذوا زوجها دون توجيه أي تهمة له، و”لا نعرف حتى الآن أين ذهبوا به”.
وأكدت نبأ الاعتقال وكالة إيلنا للأنباء التي نقلت خوف العائلة على ابنها بعد اعتقاله دون سابق إنذار، وأن العائلة لا تعرف شيئاً عن مكان وسلامة ابنها المعتقل لأسباب مجهولة.

ونقلت وكالة إیسنا للأنباء تصريحات الناطق باسم وزارة الثقافة والإرشاد الإيرانية حسین نوش ‌آبادي، جاء فيها أن السلطات المعنية حذرت یغما قبل الاعتقال، وأنه يخالف النظام السياسي ويناهض القانون بأغانيه وقصائده.

ويعد يغما من أشهر مطربي إيران الثائرين على نظام القمع والاستبداد، وهو من الأصوات التي تنادي بحرية المرأة الإيرانية المكبلة بأغانيه وأشعاره المشهورة.

وقبل اعتقال يغما أصدرت محكمة الثورة في الجمهورية الإسلامية في إيران، الثلاثاء 13 أكتوبر 2015، أحكاماً قاسية ضد نشطاء إصلاحيين متهمين بالإساءة لرموز النظام، ومن أبرز الأسماء الشاعرة فاطمة اختصاري التي حكم عليها بالسجن 11 عاماً ونصف و99 جلدة وزوجها الشاعر مهدي موسوي الذي حكم عليه بالسجن 9 أعوام و99 جلدة، بعد أن كتبا وسجلا قصائد انتقدا فيها نظام الحكم وسياسة تكميم الأفواه، كما حكمت على الناشط الليبرالي كيوان كريمي بالسجن 6 سنوات بالإضافة إلى 223 جلدة، وهي أحكام نهائية غير قابلة للاستئناف.

تطوى صفحة نوفمبر وضحاياه خلف القضبان، وفي الزمن الذي ينتفض فيه العالم من أجل حقوق الإنسان وحرية التعبير عن الرأي يجابه الشاعر والصحافي والرسام والمطرب والناشط أهوال السجون وسطوة الأجهزة الأمنية، رغم نداءات ومناشدات الأنظمة السياسية المسؤولة عن هذه الاعتقالات، وكذلك حال الجمعيات الحقوقية على مستوى العالم، لفك قيودهم وعتق رقاب بعضهم.

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *