محمد أمين أبو العواتك*
خاص ( ثقافات )
بدعوة كريمة من الدكتور عبد القادر سالم تشرفت ومجموعه مقدرة من المهتمين بحضور اولى الفعاليات الثقافية لإتحاد المهن الموسيقية في دورته الجديدة بقيادة الموسيقار الدكتور محمد سيف الدين وكانت بحق بداية جيدة وعنوانا موفقا للمحاضرة ( التنوع والثراء في الأغنية التراثية لمنطقة كردفان ) التي أبدع في تقديمها الدكتور عبد القادر سالم وخاصة النماذج الفنيه والفلكلورية المصاحبة، والتي هي لوحدها ابلغ من كثير من الحروف والكلمات.
كتبت من قبل عن كردفان وتراثها وتنوعه وبالفعل أفاض الدكتور عبد القادر سالم في تبيان هذا التراث و هذا التنوع، وعبد القادر سالم بخلاف العلم، رجل متدفق العطاء وقبل ذلك الإنسانية في التألف الحميم مع محيطه ومجتمعه بل والعالم اجمع، لعب أدوارا مقدره في التعريف بالسودان وتراثه الاصيل الذي نشأنا عليه منذ أن لامست أقدامنا ترابه المخصب بالقيم والأخلاق والتعامل السمح ، واستطاع ان يفتح للعالم هذه النافذة المترعه بالقيم والاحاسيس النبيلة التي تتقطر جمالا وحنينا والفة، فأضحت معلما مفارقا لمشهد الحرب والمجاعات والنزوح والأهم بعض قبح ابنائه من الذين بشروا خلاف ذلك ، قولا وممارسة حتى صرنا وسالب الأشياء صنوان فشاهت صورتنا في كل الاصقاع.
– تحدث الأخ عبد القادر سالم عن (السوداناوية) وتفضيله لها كهوية دون الإنحياز لعرق اوجنس…وهو موضوع تحدث فيه البعض تنظيرا، لكنه هو الذي ظل يبشر به فعلا وجدانياً ويشارك في بناء اساسه منذ وقت طويل، بل هو معلم من معالمه ونموذج باهر له في مجاله وتخصصه بسعيه الدوؤب عبر السنوات في رفد أوردة الوطن ببلازما التعايش وأوكسجين التماذج الوجداني.
– قدمني الدكتور محمد سيف الدين رئيس الإتحاد في مداخله بعد المحاضرة وكانت مناسبة لتاكيد ماذكرته سابقاً في أن من لم يزر كردفان أو إستظل بسمائها فهو غير مكتمل في هويته السودانية، وليس ذلك إنحياز جهويا او نحو ذلك، فأنا من مواليد ( بحر أبيض ) وما ذلك الا أني قد عشت زمانا من صباي الباكر في كردفان بحكم عمل الوالد عليه رحمة الله ورضوانه، وأعلم ما تصبغه كردفان على شخصية الانسان وانها ما هي الا سودان مصغر يجسد المثال الأكمل عن السودان بكل تفصيلاته في توحد طوعي حميم ووشائج لم اجد لها نظيرا.
– حدثتهم عن (دراما) الحوار الوطني، داخلياً وخارجياً، موالاة ومعارضة، وأن ما شهدناه تلك الليلة من نماذج أداء فلكلورية حية من الفرقة المصاحبة تمثل (حواراً وجدانياً) لأنها القيم والعلائق الأصدق والأبقآ لأهل السودان، لما تمثله من رباط حقيقي لممسكات الهوية الوطنية السودانية، فلو نقبنا شمالاً وجنوباً ووسط وشرقاً وغرباً في وجدان أهلنا سنجد أن اصدق العلائق واوشجها في وجدان اهل السودان قد شارك في نسجها عبد القادر سالم واخوانه من مبدعي بلادي في مختلف المجالات الابداعيه الفنية فشكلت المزاج السوداني العام الموسوم بحسن الخلق الذي يمسك وحده في طواعية مع خلاوي الهجوع وحلقات الذكر النبوي الشريف بما تبقي من اطراف الوطن .
– تقفز وتزاح الحكومات ومنظوماتها السياسية عن السلطة في السودان عبر السنوات والعقود ويظل إتحاد الفنانين او إتحاد المهن الموسيقية في مكانه يؤدي هذه الأدوار الوجدانية العظيمة……ولو امعنا النظر لوجدنا ان أعظم الأدوار التي حفظت وتحفظ الهوية السودانية وممسكاتها الوجدانية يقوم بها هؤلاء الأماجد بمجهوداتهم الفردية الطوعية في ظل انعدام تام للمعينات والتي توجه في الغالب لمناشط يعتقد بأنها الافضل في جاذبية الوحدة ليتضح اخيرا بانها خصم على ممسكات التوحد الطوعي التي يعمل عليها …اتحاد المهن الوجدانية.
* إعلامي وكاتب من السودان