زيارة باريسية لإنعاش الحياة الزوجية!



مهند النابلسي*


خاص ( ثقافات )

يتحدث هذا الشريط الشيق (ضمن فاعليات أسبوع الفيلم البريطاني بعمان-2-) عن قيام زوجين بزيارة باريس لإنعاش وتجديد حياتهما الزوجية البائسة، حيث يلتقيان بالصدفة صديقاً إيجابي..
 يخترق الشريط معظم خصوصيات الزواج ويتطرق لمشاكل الخيانة ومعضلات العلاقة الجنسية بمنتصف العمر والوضع المالي المتردي ومشاكل الأبناء وحتى غزو الجرذان للمنازل!
 وقد انغمس الفيلم بالكثير من التفاصيل الحياتية لأستاذ الفلسفة المتقاعد “نيك بورز” وهوسه المتزايد بزوجته الجميلة التي تعمل كمعلمة، وحيث تعمل الجغرافيا هنا وهي مدينة باريس الساحرة دوراً محفزاً لإطلاق كل الهواجس والمكبوتات واستعراض خفايا علاقتهما الزوجية المتأزمة، وتصل حتى للخوف من الزهايمر وسرطانات الجلد والمعدة! كما نلاحظ اندفاع الزوجة ورغبتها بترك عملها وتعلم الإيطالية والموسيقى ورقصة التانغو، فيما تلوم زوجها العاجز بشدة لإهمالها رعاية مواهبه المتعددة، كما أنها تعرف أن زوجها مغرم بها لحد العبادة:

 ستندم لأنك لم تحبني بما فيه الكفاية! أما الزوج فيشعر بالإحباط لفقدان وظيفته لسبب عنصري سخيف، ويشعر أن الحياة لم تمنحه ما يستحق، فمدخراته بالكاد تكفي لأن “يبلط” حمامه القديم بلندن، ولكن بذخ الرحلة غير المدروس يبدد كل المدخرات بواسطة مصروفات بطاقة الائتمان وتكاليف الأوتيل الباذخ بباريس حتى يتم حجز جواز سفره ويمنعونه وزوجته من العودة للغرفة، ولا ينقذهم هنا بالصدفة إلا صديق قديم يعيش منذ مدة بباريس (حيث يؤلف كتاباً جامعاً لمقالاته القديمة يحقق له بعض المردود)، ويستعرض مع نيك ذكرياتهما الدراسية بالجامعة، كما يحاول هذا الصديق أن يبدو “اجتماعياً-محبوباً” كما يقول ابنه المراهق المدمن لأنه “يكره أن يكرهه أحد”! تبدو الزوجة طوال الفيلم وكأنها تشعر أنها تستحق حياة أفضل مع شخص آخر أكثر نجاحاً وشباباً، كما يبدو الزوج منجذباً لها بإخلاص نادر طبقاً لمقولة بيكيت: هل تقصد الحب حين تأتي على ذكره؟ ثم تكتشف حب زوجها الشديد لها، ولا تتخيل حياتها بدونه… 

الفيلم يستعرض جماليات باريس وخاصة برج إيفيل الشهير، كما أنه بدلاً من الزيارة التقليدية للمتاحف الشهيرة وأروقة الفنون والشوارع والميادين الشهيرة، ينقلنا لمقبرة المفكرين والأدباء والفلاسفة حيث لا يوجد إلا بقايا الذكريات والعظام والغبار! يتحفنا هذا الفيلم الممتع بموسيقى تصويرية وأغاني الستينيات الشهيرة والجاز، وينتهي الفيلم بقيام الزوجين وصديقهما الكاتب بالرقص في مقهى تقليدي على أنغام أغنية قديمة (كما بفيلم زوربا الشهير)… وكأنهما يحتفلان بفشلهما وبانطلاق مبادرة جديدة لحب الحياة والاستمتاع بالبهجة والبدء من جديد!

شاهد أيضاً

العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية

(ثقافات) “طربوش أبو عزمي العلي”:   العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية زياد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *