( ثقافات )
غيّب الموت، صباح يوم الأحد، الثامن من نوفمبر / تشرين الثاني، الشاعر العراقي الكبير عبد الرزاق عبد الواحد، عن عمر ناهز 85 عاما في أحد مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس التي نقل إليها من العاصمة الأردنية عمّان، قبل أسبوعين، بعد تدهور حالته الصحية.
حياته:
ولد الشاعر العراقي عام 1930 في ميسان – جنوب العراق، وتخرج في دار المعلمين العالية عام 1952، وعمل مدرسًا للغة العربية في المدارس الثانوية، ومعاونا للعميد في أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد.
في عام 1970 انتقل “عبد الرزاق” إلى وزارة الثقافة والإعلام، فعمل فيها سكرتيرا لتحرير مجلة “الأقلام”، ثم رئيسا لتحريرها، ومديرا للمركز الفولكلوري ، ومديرا لمعهد الدراسات الموسيقية، فعميدا لمعهد الوثائقيين العرب، وحصل على درجة مستشار خاصة في عام 1980، وعين مديرا عاما للمكتبة الوطنية ، ثم مديرا عاما لثقافة الأطفال، فمستشارًا ثقافيًا لوزارة الثقافة والإعلام.
كان خلال الفترة (1970- 1990) بالإضافة إلى وظيفته :عضو هيئة رئاسة المجلس الوطني للسلم والتضامن في العراق، ورئيس الهيئة الإدارية لنادي التعارف الثقافي في بغداد وعضو مجلس إدارة آفاق عربية وعضو اللجنة الوطنية العراقية للموسيقى وعضو اللجنة المركزية لتعضيد النشر في وزارة الثقافة والإعلام، وهو من المؤسسين الأوائل لاتحاد الأدباء في العراق.
وطالما أثار الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد الجدل بعد عام 2003 ، حيث غادر بغداد ليقيم في عمّان، وواصل تأييد نظام صدام حسين، وكتابة قصائد المديح ومن ثم الرثاء عنه.
دعته الحكومة العراقية عام 2008 الى العودة، لكنه رفض الدعوة، وهجا عراق ما بعد 2003 بعدة قصائد، مبدياً فيها حنينه إلى زمن المظام السابق.
الراحل الكبير متزوج ، وله ابنة اسمها رغد، وثلاثة أولاد، هم؛ خالد وماجد وسلام.
أعماله:
نشر أول مجموعة شعرية له عام 1950، و صدرت له 42 مجموعة شعرية؛ منها عشر مجموعات شعرية للأطفال، ومسرحيتان شعريتان، كما ترجم الكتاب المقدس للصابئة المندائيين (الكنزاربا) إلى اللغة العربية.
حظيت تجربته بالتكريم، وحصل على وسام بوشكين في مهرجان الشعر العالمي ( بطرسبرج )1976، ودرع جامعة كامبردح وشهادة الاستحقاق منها 1979 ، وميدالية “القصيدة الذهبية” في مهرجان ستروكا الشعري العالمي في يوغوسلافيا عام 1986، وجائزة صدام للآداب في بغداد 1987 ، ونوطي”الاستحقاق العالي” من رئاسة الجمهورية العراقية 1990 والجائزة الأولى في مهرجان الشعر العالمي في يوغوسلافيا 1999، ووسام “الآس” وهو أعلى وسام تمنحه طائفة الصابئة المندائيين للمتميزين من أبنائها 2001، وجرى تكريمه ومنحه درع دمشق في 2008.
ترجم شعره إلى عدة لغات: فقد نشرت له جامعة كولومبيا في نيويورك مجموعة ” قصائد مختارة” قامت بترجمتها الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي ، والدكتورة لينا الجيوسي ، والشاعرة الأمريكية ديانا هوفاسيان .
وترجمت له أربعة آلاف بيت من الشعر إلى اليوغوسلافية عام 1989، وترجم البروفيسور جاك برك مجموعة من قصائده ، والقسمين الأول والثاني من ملحمته ” الصوت” إلى اللغة الفرنسية، ونشرت له مجموعة قصائد مختارة في هلسنكي بعد ترجمتها إلى الفنلندية.
كما صدرت له عن دار المأمون للترجمة والنشر في بغداد مجموعة ” قصائد مختارة” قام بترجمتها إلى الإنكليزية محمد درويش واختارها وكتب مقدمتها علي جعفر العلاق.
وترجمت أشعاره إلى الروسية والرومانية والألمانية، وكتب عنه وعن شعره عدد من رسائل الماجستير والدكتوراة، كما ظهر اسمه في موسوعة “Men and Women of Distinction ” كامبردج / لندن 1979، وموسوعة ” Dictionary of International Biography ” لندن / 1979،و موسوعة ” MEN OF ACHIEVEMENT “كامبردج ـ لندن / 1980 ، و موسوعة ” WHO IS WHO ” كامبردج ـ لندن / 1981.
من دواوينه الشعرية: ” قصائد كانت ممنوعة”، و”أوراق على رصيف الذاكرة”، و”الخيمة الثانية”، و”في لهيب القادسية”، و” أنسكلوبيديا الحب” ، و” قمر في شواطي العمارة”، و” في مواسم التعب “، و” 120 قصيدة حب”، وملحمة ” الصوت “، و” الحر الرياحي ” مسرحية شعرية ، و” ديوان القصائد “، و” زبيبة والملك ” عمل شعري بين الرواية والمسرح / دمشق عام 2009.
الوصية:
يذكر أن الشاعر العراقي المعروف عبد الرزاق عبد الواحد كان يعاني من مرض عضال، وكانت وصيته أن يدفن في الأردن، ولكن بعض أقاربه طلبوا دفنه في باريس، حسب المصدر المقرب من أسرته.
وحسب “شبكة البصرة”، فإن الشاعر الراحل كان قد أودع وصيته أمانة بالصوت والصورة عند الأستاذ كفاح قصاب باشي، وحمَّله مسؤولية تنفيذ ما ورد فيها.
“أبو فادي الوصية، أحمِّلها لك، ذمة أحملها لك ومسؤولية أحمِّلها لك، قالوا سافر إلى أميركا، أولادك هناك، أنا غير مستعد أن أموت في أميركا، ويقولون عبدالرزاق عبدالواحد مات بأميركا ودفن في أميركا، انا أبقى هنا، الأردن هو العراق الآن بالنسبة لي.
إذا أراد الله وتحرر العراق وأنا حي، أخرج من هنا، وأسكن بالموصل، أسكن بالموصل معك، وإذا شاء لي الله أن اموت قبل أن يتحرر العراق، أدفن هنا، وأنت موصى في يوم تحرير العراق أن تهيء لنقل جثماني من الأردن إلى العراق، إلى المكان الذي ترى أنه مناسب أن ادفن فيه، وعندما تصير أي ذكرى لعبدالرزاق يأتون يحتفلون أمام قبره، ببيته”.
.