مجلة “التشكيلي العربي” القطرية.. عدد مزدوج وسنة أخرى


عبدالحق ميفراني

خاص ( ثقافات )

الفن التشكيلي المعاصر، الأيديولوجي والسياسي، تحولات نقد الصورة وضمير الثورة ناجي العلي
نافذة مفتوحة ومشرعة على مختلف أوجه الفنون البصرية

صدر العدد الجديد، مزدوج 7/8، من مجلة “التشكيلي العربي” والتي يصدرها نادي الجسرة الثقافي بقطر ويديرها الدكتور غازي إنعيم، حافلاً بالدراسات والبحوث التي تستقصي أسئلة الفن التشكيلي المعاصر وقضايا الصورة وعلاقة الايديولوجي والسياسي. كما أفرز العدد صفحات لاستعادة العديد من التجارب الرائدة والتي أثرت تاريخ الفن المعاصر، إذ يأخذنا العدد الجديد إلى تجربة هنري ماتيس، وضمير الثورة ناجي العلي واسماعيل الرفاعي والفنانة فاطمة عبدالله لوتاه والتشكيلية علا الأيوبي ووجوه وتجارب رائدة تقدم سمات عامة للمشهد الفني المعاصر وحراكه.

يشير مشرف العام التحرير الدكتور غازي إنعيم، في افتتاحية العدد، إلى أن العدد المزدوج من مجلة التشكيلي العربي (السابع والثامن)، يشكل خطوة وسنة ثانية من عمر المجلة والتي تفردت في المطبوعات العربية عبر تخصصها في التشكيل المعاصر. وقد حافظت المجلة على توازنها رغم الهزات والتحولات المتسارعة التي شهدها العالم العربي، بل وظلت نافذة مفتوحة ومشرعة على مختلف أوجه الفنون البصرية. وعبرت المجلة على امتداد مسارها على إرادة نادي الجسرة الثقافي والذي ظل يحمل رسالة الدفاع عن حرية الفن والإبداع، وهو ما فتح آفاق المجلة على منجزات الإبداع العربي في شموليته وحظيت بثقة قرائها. 

ويكتب الناقد د. محمود شاهين عن “الفن التشكيلي المعاصر: بين قومية المحتوى وإنسانية الشكل”، إيمانا منه بضرورة تحليل وتوثيق وتأريخ الثقافة البصرية العربية المعاصرة وفي مقدمتها الفنون التشكيلية. وعن “ضرورة الأيديولوجيا وهفوة السياسي” يكتب الناقد التونسي فاتح بن عامر عن “الفن والالتزام” محاولا الجواب على سؤال أوجه الالتزام في الفن وكيف يكون الالتزام مجالا من مجالات الفن. وبين “الشعر والرسم خيط رفيع” وهو ما يرصده الناقد حبيب بيدة “من ما قبل النص إلى النص”، كي يخلص إلى أن الفنان استوحى رؤاه واستبطن رؤاه الذاتية إلى العالم بعيدا عن التمثيل السطحي لمقولة المطابقة الرسم بالكلمات. ويستقصي الشاعر والتشكيلي المغربي عزيز أزغاي رحلة هنري ماتيس “في ضيافة طنجة”، أو “الوحش الذي روضته شمس المغرب” في مرحلة اعتبرت مرحلة فارقة في تاريخ الفن المعاصر الحديث لا سيما في جانبها المرتبط بتفعيل عدد من النظريات المرتبطة بالفكر الجمالي. ويكتب محمد بن محمود، الناقد التونسي، عن تجربة اسماعيل الرفاعي حيث “البورتريه محورا في ضوء خيار التمسك بالجوارية وبالقرب” فبورتريهات إسماعيل الرفاعي لم تبدع “لوحات بقدر ما أبدعت الاستعداد الذي تنشأ عنه الحاجة للوحاته”. 

في ظل تطور المنظومة الإعلامية والاتصالية، ترصد الناقد التونسية كريمة بن سعد جزء من “تحولات نقد الصورة” في ظل تحولات الصورة وتمظهراتها المتنوعة، في وقت ازدادت فيه أزمة النقد في ظل اختلاط الفنون في ما بينها. وحول ديداكتيكية التعليم بالصورة، يكتب الناقد المغربي عبدالحق ميفراني عن “التربية على الصورة” محاولا استقصاء حضور الصورة اليوم في الجانب البيداغوجي، وغياب الحس الفني عن منظورات التعليم. وقدمت الكاتبة التونسية مكية الشرمي تجربة الفنانة الإماراتية فاطمة عبدالله لوتاه، خصوصا “التواصل التفاعلي ما بين التصوير الفوتوغرافي وتقنيات التعبير الفني” في تجربتها الفنية، وتعتبر نتاجات فاطمة لوتاه من أهم أعمال التصوير الفوتوغرافي ومن تم الرقمي في تاريخ الفن الإماراتي. الناقد التونسي محمد فارس يتأمل علاقة الفن المعاصر والفضاء المعماري: أية علاقة وأي رهان؟ خصوصا في ظل ظهور أشكال تعبيرية جديدة اليوم، ويرسم الفنان والناقد الفني بنيونس عميروش من المغرب بوتريها خاصا ل”التراب مع الشعب” الفنان المصري حسن فتحي، المهندس الذي كرس حياته للتنقيب عن الوسائل والتقنيات الكفيلة بحل مشاكل السكن المتعلقة بشريحة الفقراء، وحاورت المصرية سماح عبدالسلام الفنان والنحات المصري أدم حنين عن “فن النحت: الأب الروحي لكل الفنون”، وعن “الحجر” الذي يشكل له نواة ملهمة، ويصنع نوع من الوحدة حيث يفرض عليك قوانينه. وعن الرسام الراحل محمد مهر الدين يكتب الناقد العراقي خالد خضير الصالحي عن “تراكم الأثر والمخططات الغائرة” في تجربته والتي تتميز بالموقف والأسلوب والتقنية.

ويستعيد الناقد والتشكيلي الأردني غازي إنعيم أحد رواد الفن الكاريكاتور العربي وضمير الثورة الفنان ناجي العلي، كأحد أقرب الفنانين الذين ارتبطوا بالناس وهمومهم، وفي هذا المقال الاستعادي بعد 27 سنة من استشهاده تأكيد على أن ناجي العلي لازال حيا يقظا في الوجدان العربي. الفنان والناقد الأردني محمد العامري يستضيف الفنانة التشكيلية السورية علا الأيوبي، مقيمة في أمريكا، في كاتالوغ العدد، بينما تقربنا الناقدة المصرية إيناس حسني من متحف الخزف الإسلامي بالقاهرة والعصور الإسلامية المختلفة، كما تكشف عبر جولة في زواياه عن تحفه النفيسة المعروضة. راما خليل، المترجمة الفلسطينية، تقدم مقالا عن أكثر البورتريهات في العالم طرافة وغرابة وفي باب مراجعات يقدم الناقد المغربي أحمد لطف الله، كتاب الناقد بنيونس عميروش “قراءات في التصوير المغربي المعاصر”. 

ويختتم العدد المزدوج الجديد من مجلة التشكيلي العربي، بـ”غيرنيكا وثيقة تدين الحروب”، إذ تعتبر هذه الجدارية من أشهر أعمال بيكاسو والذي استوحاها من القصف الوحشي من قبل الطائرات الألمانية والإيطالية لقوات القوميين الإسبان (1937)، وفي استعادتها اليوم إدانة لما يحدث في عالمنا من ويلات الحروب المدمرة للإنسان وللفن.

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *