ردود روسية على «نوبل» الكسييفيتش الأدب أم الأيديولوجيا




فؤاد خشيش


تحت عنوان «ضربة نوبل»، نشرت صحيفة «غازيتا. رو» (الجريدة) عدداً من الردود على نيل الكاتبة سفيتلانا الكسييفيتش جائزة نوبل للآداب. وتساءلت الصحيفة: «لماذا نيل الجائزة لم يُفرح الكثيرين من الكتّاب الروس أو العالم الروسي»؟

فقد أثار منح الجائزة الكثير من اللغط في الأوساط الروسية بين اعتبار الكاتبة «مواطنتنا» أو «ليست منا»، من حيث الولادة والسكن والموقف السياسي. وأشارت الصحيفة في سياق كلامها إلى كل من «المعادين للاتحاد السوفياتي السابق»: ألكسندر سولجينيستين وجوزف برودسكي اللذين نالا الجائزة وهما «خارج البلاد». 
وأضافت الصحيفة «إلى أن الكسييفتش عاشت في أوروبا وهي اليوم تعيش في بيلاروسسيا، وهي دائمة التردد تجاه روسيا» على الرغم من طباعتها كتبها فيها وحيث تلتقي بقرائها.
في أي حال، كانت الردود الروسية على الجائزة متضاربة إلى حدّ التناقض، إذ شبّه أحدهم الجائزة بملصق يُوضع على حائط ليأتي بعده شخص ثان ويضع فوقه ملصقا آخر. فقد اعتبر ديمتري بيسكوف الناطق باسم الرئيس الروسي «أن ما قالته الكسييفيتش لم يكن منصفاً بالنسبة إلى موقفها ممّا يحصل في أوكرانيا أو أنها لا تعرف حقيقة ما يحصل هناك»، وأضاف: «ربما تجاهلت الأمر وهذا ليس ايجابياً». 
وانتقد ما قالته حول أنها «مع العالم الروسي الإنساني، وليس مع العالم الروسي السياسي»، بمعنى أنها مع الانسان الروسي ولا تؤيد السياسة الروسية او السياسيين الروس. إذ كانت الكسييفيتش أشارت سابقاً إلى أنها تحب الأدب الروسي والباليه وبحيرة البجع، لكنها لا تحب القائد السوفياتي ستالين، ولا وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ولا الرئيس الروسي بوتين، «هذا ليس عالمي». كما أنها لا تحب الـ 84 في المئة من الشعب الروسي الذي يدعو إلى محاربة أوكرانيا».
وأشار الكاتب الروسي زخار بريليبن في حديث إلى صحيفة « دني . رو» (الأيام)، نشرته على موقعها الالكتروني، إلى أن منح الجائزة «اعتراف بالحياة السياسية لروسيا على الصعيد العالمي، فلجنة جائزة نوبل ولاسباب سياسية كانت تراقب وتمتثل في النهاية، وهناك أمثلة كثيرة على عدم حصول الأدباء مكسيم غوركي، الكسي تولوستوي، سرغي يسينين، فلاديمير مايكوفسكي، اندري بلاطونوف، الكسندر تفاردوفسكي، فالنتين راسبوتين، وغيرهم من الكتّاب العظماء على الجائزة بسبب مواقفهم السياسية. ولكن المفارقة أن معظم الذين يحصلون عليها هم من الكتاب الذين يعيشون في المهجر». ويشير بريليبين إلى أن لجنة نوبل لا يمكنها أن تتغاضى عن الأدب في الاتحاد السوفياتي، والمفارقة أيضا أن الذين يحصلون على الجائزة هم دائما من المعارضين لسياسات بلدهم او لهم وجهة نظر سياسية مختلفة. وبكل الاحوال، الجائزة اعتراف بالأدب الروسي مهما تنكروا لذلك أو حاولوا الهروب من الواقع الا وهو الاعتراف باللغة الروسية والادب الروسي الرفيع سواء كان في بيلاروسيا أو روسيا».
من جهة أخرى، اتهمت الكاتبة السويسرية ألين ريشار فافر الكسييفتش بالكذب المتعمد وتحريف المعلومات في ما خص الأحداث في شرق أوكرانيا وتحديداً «منطقة الدونباس»، وذلك في رسالة نشرتها على موقع «رودوس» الروسي الالكتروني، بعد المؤتمر الصحافي الذي عقدته الكسييفتش في العاصمة البيلاروسية مينسك حيث أعلنت الكاتبة عن مجموعة من المواقف السياسية الداعمة لكييف في حربها ضد المناطق الشرقية. إذ قالت فافر: «كيف لها أن تقول في المؤتمر الصحافي أن 86 في المئة من الشعب الروسي يريدون قتل الشعب الاوكراني ومن أين مصدر معلوماتها؟. والجدير بالذكر أن الكاتبة السويسرية تجيد اللغة الروسية وتزور روسيا بشكل دائم، وهي مُدرسة جامعية، وتشير وسائل الإعلام الغربية إلى أنها خبيرة في العلاقات الروسية الأوكرانية.
من جهته، اعتبر رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الدوما الروسي الكسي بوشكوف أن منح الجائزة انتقل من عالم السياسة إلى الأدب ثم الأيديولوجيا. وتساءل الكسندر دوكوف على مدونته: «هل يحمل منح الجائزة إلى الكسييفيتش طابعاً سياسياً؟ أكيد، حيث أن منح الجائزة كان على الدوام يحمل طابعاً سياسياً. الكتب التي نشرتها الكسييفتش لم تعكس بعداً أدبيا جديداً، بل هي اعتمدت على الذاكرة الشفوية والمشاهدات.
أما ميخائيل خودوركوفسكي الملياردير السابق الذي سجن في روسيا بسبب الاختلاسات المالية الكبيرة وقضى عشر سنوات في السجن، قال بعد 28 سنة تم منح الجائزة إلى كاتب روسي. وأضاف أن الكسييفتش كتبت كثيراً عن الحرب وهذا ما هو مهم اليوم.
——-
السفير

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *