*مرزوق الحلبي
خاص ( ثقافات )
نومي هذه الأيام
منخور بلحظات الصحو
من صخب الأرواح المثقوبة
بالرصاص والسكاكين
في هذه الأيام
أكثر من قابيل يطارد هابيل بفرح ظاهر
في هذه الأيام
لا تطير العصافير إلا ذُعرا
ولا تهتدي الفراشات إلى القناديل
فقد شوشت غريزتها رائحة الدم
في هذه الأيام
لا أكفّ عن الكتابة
درءً للموت
وما من موت جميل ـ كل موت بشع
في هذه الأيام
يموت الإنسان
على الهوية أو لغة الأم
أما التراجيديا فيزيّنها البعض بكلام
لا يصمد أكثر من ثانية أو ثانيتين في الهواء لأنه بدون أرجل
في هذه الأيام
لا تبلغ القصائد مبتغاها
فالأطفال الذين يكتبونها
لم تكتمل ملامح وجوههم بعد!
في هذه الأيام
يبدو الداعية والطاغية متفقيْن،
يُشعل الأول النار في الكلام
ويتستّر الثاني بالدخان
ليثقب الأعمار الصغيرة ويمتصّ نسغها
هذه الأيام
كل شيء إلى سقوط مدوٍ،
الوردةُ من يد البائعة
والقُبلةُ من ذروة الرغبةِ،
والإله عن رفّه
والأسماء الحُسنى كلها
من الإطار المعلّق فوق السرير
هذه الأيام!
لا أصدّق أحدا
لا الوطنيّ المُعجب بصورته
ولا الداعية الواقف على الجثث النضرة ليزفّ لنا بُشراه
ولا الخطيب على المنبر المهترئ من حدّة الكلام
ولا الملثّم الذي يطلّ من داخل العدسة
ولا شاربيْ المنظّر يرقصان في الشاشات
ولا الحزب الذي تعطّلت ساعة قلبه
ولا الشهيد الذي سقط الآن من يديّ الملائكة.
لا أصدق أحدا كان!
سوى أمي التي بكت أطفالا كان يُمكن ـ لو أنها أقلّ عُمرا ـ
أن يكونوا أبناءها!
في هذه الأيام،
لا تعيش القصيدة أكثر من يوم أو يومين
لأن جنود الطاغية الذين انتهوا من الأطفال
يطاردون إيقاعها
__________
*شاعر فلسطيني