اقترن اسم النمساوي روبرت موزيل (1880-1942) بـ “الإنسان الذي لا خصال له”، الرواية التي تصور زوال إحدى الحضارات، رغم أن موزيل ليس كاتب رواية يتيمة ولا مجرد رسام لانهيار إمبراطورية النمسا المجر، فروايته تلك كانت تحمل أكثر من نقد لأفكار تلك المرحلة، لأن مؤلفها كان يريد الاقتراب من إمكانات كثيرة يعلم أنها متوافرة للإنسان كي يحقق ذاته. فهو طوباوي، على طريقته. عن حياته وأدبه وفكره، صدرت بيوغرافيا جديدة بعنوان “روبرت موزيل، إعادة خلق كل شيء” وهي من وضع الفرنسي فريديريك جولي الذي ترجم لعدد كبير من الكتاب والمفكرين الألماني اللسان مثل فالتر بنيامين وجورج زيمل. في هذه السيرة يرسم الكاتب صورة رجل مذهل يتفانى في صياغة أدبه، ويرصد عملية إبداعه مؤلفاته المناهضة لكل شيء وكل شخص كائنا من يكون، في فترة تعاقبت فيها الكوارث، ليستخلص أن موزيل بما له من نظرة نافذة ووعي بالتحولات التاريخية الكبرى حداثي، لا يزال أدبه يخاطبنا ويحدثنا عن واقع عصرنا.
◄ لابو تانسي في عشرينيته
سوني لابو تانسي هو مسرحي وروائي وشاعر من كونغو برازافيل، ترك ست روايات وجملة من الدواوين الشعرية والمسرحيات. اشتهر بإدانته “الحال المخزية” للعالم والتراجيديا المعاصرة للخانعين في إفريقيا وسواها. صدر له أخيرا كتاب بعنوان “حبر وعرق وريق ودم” ويحتوي على مقالات دوّنها وخطب ارتجلها ما بين عامي 1973 و1995، سنة وفاته عن سن تناهز الخمسين، جمعتها وقدمت لها الباحثة غريتا رودريغيث أنطونيوتي المتخصصة في أدبه احتفاء بعشرينية رحيله. هذه المقالات – التي لم يسبق نشرها – لم تفقد راهنيتها، فالمواضيع التي تطرق إليها لا تزال حاضرة بزخمها وسخونتها وتراجيديتها، كحديثه عن حال كوكبنا الذي أصبح “مستودع بارود”، أو إدانته لما سماه “السوق الكبرى للبؤس والعري” مع ما ينجر عنها من صنع “خزان للإرهابيين واليائسين”. وكان لابو تانسي، بسبب مواقفه الحاسمة ونصوصها الجارحة، يعتبر نفسه “محظورا أيديولوجيا”، لكونه عاش واقفا لا ينثني وحرا لا يهادن ولا يساوم.
◄ الشعراء المقاتلون
موريسيو سيرا كاتب ودبلوماسي إيطالي متخصص في كتب السيرة. بعد كتاب “مالابارتي، حيوات وأساطير” و”إيطالو زفيفو المناهض للحياة” صدر له كتاب جديد بعنوان “جيل ضائع، الشعراء المقاتلون في أوروبا الثلاثينات”. هؤلاء الشعراء هم روني كروفيل وكلاوس مان وآودن وستيفن سبندر ولاورو دي بوسيس، وكان يمكن أن يكونوا أبناء مقاتلين آخرين – مثل دانونسيو وبارّيس وإرنست يونغر وتي إس لورنس – انقادوا طوعا أو كرها إلى الجبهة، فهم شبان يتقدون حيوية ويتوقون إلى الفعل، ويؤمنون بالطوباوية وبالموت الجميل، من أجل قضية عادلة. ولم يكونوا في السن التي تسمح لهم بخوض غمار الحرب الكبرى (1914-1918) لذلك أحسوا أنهم ضيعوا فرصة، وراموا أن تكون لهم حياة فريدة، فوجدوا في صعود الأنظمة الكليانية فرصتهم، ولكن لم يجمعهم خندق واحد، ولا إيديولوجيا واحدة، فمنهم الماركسي ومنهم الفاشي، وقضوا نحبهم كل في معسكره، دون أن يوحدهم سوى القطع مع عالم الآباء وثورة الحواس وغواية المطلق.
◄ اللون والذاكرة
ماذا يتبقى من الطفولة غير الألوان؟ كيف تستقر الألوان في الذاكرة؟ وكيف تستثير الذاكرة أو تحوّلها؟ وأسئلة أخرى يجيب عنها الفرنسي ميشيل باستورو في كتاب طريف صدر مؤخرا عن منشورات سوي، عنوانه “ألوان الذكريات”، وهو عبارة عن يوميات صبغية بالأساس تمسح ستينا عاما، من 1950 إلى 2010، تشمل ذكريات شخصية وملاحظات حية، وتعليقات ساخرة، واستطرادات علمية.
كتاب يعكف على مختلف المجالات التي يكون للون فيها حضور
سواء في وجهه المادي كالألبسة والرايات والأزياء الرياضية وأشياء الحياة العادية في البيت والشارع والمكتب، أو في وجهه الاستعاري كاللغة والتشابيه. أي أنه يجمع بين المتعة والشعر والحنين ليقيم الدليل على أن اللون مكان للذاكرة، ومصدر للذائذ ودعوة إلى الحلم.
◄ الدين والسياسة
“التوحيد والسلطة والحرب” عنوان كتاب للباحث اللبناني إبراهيم تابت، يتناول العلاقة بين السلطة وديانات التوحيد الكبرى، وخاصة المسيحية والإسلام، منذ تنصر الإمبراطور قسطنطين إلى الحركات الجهادية الإسلامية في عصرنا الحاضر، ليس بغرض استعراضها كرونولوجيا بل بهدف تحليل رهاناتها، والوقوف على ملامح تطور الفكر السياسي حول المسألة الدينية، والحروب التي اندلعت بين طوائف الدين الواحد، كما هي الحال في الصراع بين الكاثوليك والبروتستانت لدى المسيحيين، وبين الشيعة والسنة عند المسلمين. وقد استوحى الكاتب ثيمة كتابه من الواقع العربي الراهن الذي يشهد تصدعا كبيرا بتفجر حروب أهلية طائفية في سوريا والعراق، كانت في رأيه نتيجة مباشرة لما يسميه “الحرب الصليبية” الأمريكية على العراق وأفغانستان، بدعوى محاربة الإرهاب الإسلامي، عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر. ويركز الكاتب على الآثار المنحرفة لـ “عودة الديني” إلى المجال السياسي منذ أواخر القرن الماضي.
◄ كاتب أخطأته جائزة نوبل
من الكتاب الكبار الذين امتزج في حياتهم الأدب والشعر وروح المغامرة الكولومبي الراحل ألفارو موتيس، الذي يتفق صديقاه غابريال غارثيا ماركيز وأكتافيو باث على اعتباره جديرا بجائزة نوبل للآداب. وهو كاتب عصامي انقطع عن الدراسة في وقت مبكر واشتغل بالصحافة، قبل أن يضطر إلى المنفى. كتب الشعر ثم القصة والمقالة وأعد عدة أنطولوجيات، كما ألف عدة روايات بطلها “غابرول الشراعي”، وهو بحار على حافة البؤس يجوب بحار العالم. وقد توّج بجوائز عديدة في كولمبيا والمكسيك وفرنسا، وخاصة إسبانيا التي منحته جائزة ثربانتس نوبل الآداب الناطقة بالإسبانية. صدر له أخيرا كتاب بعنوان “دفاتر القصر الأسود” وهو عبارة عن يومياته في السجن حينما اتهم ظلما عام 1959 وسجن لمدة خمسة عشر شهرا في لوكمبيري. هذه الدفاتر هي غير اليوميات التي كان يرسلها من سجنه بانتظام إلى إيلينا بونياتوفسكا. فهو وإن كتبها في الفترة نفسها، فقد أعاد صياغتها بعد خروجه من السجن بأعوام.
_____
*المصدر: العرب اللندنية