” تحت القبة شيخ ” يحلل الإنشاد الديني والتعاويذ والبكائيات


محمد الحمامصي


يهتم هذا الكتاب “تحت القبة شيخ .. حكايات الأولياء” للباحث د. إبراهيم عبدالعليم حنفي والصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بحكايات الأولياء ومدى ارتباطها بالنصوص الأدبية والأغنيات والحكايات الشعبية في مناطق محافظة الفيوم، حيث تتميز المحافظة بخصوبة نادرة في مجال الأدب الشعبي والفنون الشعبية بعامة، وقد حدد الكتاب العمل على ثمانية أولياء خمسة منهم في منطقة درب الطباخين، وواحد منهم في قريية فيدمين، وواحد في الفيوم وواحد في منطقة السواقي، وهم مقام سيدي على الروبي، مقام سيدي حابس الوحش، مقام سيدي أبوحمل، مقام سيدي جاد الحق، مقام الشيخ رجب، مقام أبوالحارس، مقام أبوخلف، مقام الشخة مريم، وقد لعب هؤلاء الأولياء دورا في حركة الوجود للإنسان واهتم الناس بهم واحتفلوا بموالدهم احتفالا حيا، وانقسمت الاحتفالات بموالدهم وكان ثلاثة منهم يحتفل بمولدهم يوم شم النسيم في التقويم الشمسي، وأربعة منهم ليلة النصف من شعبان، ومنهم أولياء يحتفلون بهم في التقويم القمري أو عيد الفطر السعيد أو عيد الأضحى ويوم عاشوراء.

وكان للأساطير دور بارز الأهمية، أفصحت عنها النصوص وكشفت عن نقابها الأغاني الشعبية من خلال الطقوس التي تظهر نصوصا مختلفة وأغاني متنوعة الأداء مثل أغاني الزار والإنشاد الديني وأغاني الزواج وأغاني العمل والبكائيات، والتي تؤدي من خلال طقوس وشعائر اعتاد المجتمع ممارستها بمقامات الأولياء في زمن مقدس خاص بكل ولي.
يتطرق الكتاب لعلاقة مجتمع البحث ـ محافظة الفيوم ـ بالأولياء وحكاياتهم في كل منطقة، كما اهتم بقداسة الزمان والمكان، والطقوس والشعائر الأسبوعية والموسمية التي تؤدى لقضاء حاجة الجماعة إلى العدل والإنصاف من الأولياء، أو لقضاء حاجتها النفسية والاجتماعية إلى غير ذلك.
ثم تطرق إلى تصنيف الأغنية المرتبطة بالأولياء وقسمها إلى قسمين الأول يضم الأغاني التي تؤدى بمقامات الأولياء، والثاني يحتوي على الأغاني التي تؤدى بعيدا عن مقامات الأولياء، كما أولى الكتاب الاهتمام بالتشكيل الفني للأغنية وخصائصها الفنية، وأفرد جزءا خاصا للزار وعلاقته بحكايات ومراحل أدائه الأربع هي التدحرج والكشف والاستمالة والحكم بخروج الجان من الأجسام، واعتنى بالأداء والمؤدين وعلاقة المؤدين بالنصوص والجمهور وأنواع الجمهور وعلاقته بالنصوص.
وقد قسم المؤلف الكتاب إلى مدخل وستة فصول وملحق للنصوص المجموعة من إنشاد ديني وتعاويذ وبكائيات وحكايات سردية لكل ولي من أولياء البحث، وقد اشتغل الفصل الأول على قدسية الزمان والمكان والزمان فيه ينقسم إلى ثلاثة أزمنة الأول زمن متكرر وهو الزمن الذي يمارس فيه المجتمع طقوسه أسبوعيا مرة أو مرتين، ثانيا زمان يأتي مرة واحدة كل عام يتبع التقويم الشمسي أو التقويم القمري، يتبع التقويم الشمسي ـ يوم شم النسيم ـ ويحتفل فيه بموائد الأولياء، أو بخلف أبو قرعة، وأبو الحارس، والشيخة مريم. أما التقويم القمري فيتبعه ليلة النصف من شعبان ويحتفل فيه بمولد الولي سيدي على الروبي. ثالثا العيدان: عيد الفطر، وعيد الأضحى ويحتفل فيهما بمولد أبوالحمل، وجاد الحق.
أما قداسة المكان فيتعرض لها البحث بشكل عام مبينا محاولات الإنسان الدائمة العيش في مكان مقدس رغبة منه في تحقيق وجوده الروحي، لذا تتعدد الأماكن المقدسة مثل البرية وبها مقام الولي حابس الوحش، وموطن الماء أو سيل الماء بها مقام الشيخ رجب أو بركة الشيخ رجب، والشيخة مريم أو مكان المقابر ولها مقام الولي أبوالحمل وجاد الحق، كما يوضح البحث علاقة المجتمع بالمقدس.
ويهتم الفصل الثاني بالشعائر والطقوس ويقسم الطقوس من حيث أدائها إلى قسمين أسبوعية وموسمية، ويشير المؤلف إلى أن الطقوس الأولى تحمل في نسيجها علاقة المجتمع بالولي الذي يمثل له العدل، والطقوس الثانية تؤدى للولي الذي يمثل قضاء الحاجة، ومن الطقوس التي تؤدي رغبة في العدل (كنس مقام الولي، وتخضيب مقدمة المقام بالحناء، والاستحمام بماء البركة المقدسة والمظلمة، وثقب الأذن والربط بسعفات النخيل الثلاثة، والاستحمام بالماء والملح، والتدحرج، وقراءة الكف) .
ومن الطقوس التي تمارس لقضاء الحاجة طقس شرب الخمر، والضرب بالبرسيم والطواف بالمقام والمشاركة في حلقات الذكر، وعيش مريم، المرماح، تنصيب الصوفي إلى درجة خليفة، وطقس عاشوراء.
ويخصص المؤلف الفصلين الثالث والرابع للأغنية المرتبطة بحكايات الأولياء، حيث الأغاني التي تنشد بمقامات الأولياء (الإنشاد الديني والتعاويذ وأغاني السبوع)، والأغاني التي تنشد بعيدا عن المقامات مثل أغاني الزواج والعمل والبكائيات، ثم يتناول التشكيل الفني للأغنية وما تحتويه من صور فنية ورمزية وإشارات صوتية وموسيقى وكذلك التشكيل الفني للموال وأنواعه والآلات الموسيقية التي تستخدم في الإنشاد.
أما الزار وعلاقته بحكايات الأولياء فتناوله الفصل الخامس حيث رصد وحلل لمراحل أدائه التي تنقسم إلى أربع مراحل وهي التدحرج، والكشف، والاستمالة والحكم على الجان بالخروج من جسم المريض أو المؤدي لطقس الزار.
وأخيرا تناول الفصل السادس الأداء والمؤدين فرفع الستار عن كيفية الأداء وعلاقة المؤدين بالجمهور، وأنواع الجمهور الذي ينقسم إلى قسمين، الأول جمهور متكلم، والثاني جمهور صامت يظهر بكثرة في أداء الإنشاد الديني، كما يعتني الفصل بعلاقة شيخ الطريقة الصوفية بالجمهور والمريدين باعتباره مشاركا في شكل الأداء الفعلي للإنشاد.
أما عند أداء البكائيات فيمثل أداؤها مثلثا رأسه تجمع النساء حول منزل المتوفي ومشاركتهن في إنشاد البكائيات مع الندابة، وضلعه الدوران حول المنطقة “المتوفى” وقاعدته “باب الوداع” هو المكان الذي يودع النساء فيه فقيدهن وهو المدخل الرئيسي للمقابر. ولم يغب تناول أداء الحكاية في قالب غنائي فيظهر من خلالها كرامات الولي وحكايته.
واختتم الكتاب بملحق عبارة عن نصوص مجموعة متمثلة في الإنشاد الديني وأغاني العمل وأغاني الزواج وأغاني السبوع والتعاويذ، والبكائيات وأغاني الزار والحكايات السردية.
ميدل ايست أونلاين

شاهد أيضاً

العهدُ الآتي كتاب جديد لمحمد سناجلة يستشرف مستقبل الحياة والموت في ظل الثورة الصناعية الرابعة

(ثقافات) مستقبل الموت والطب والمرض والوظائف والغذاء والإنترنت والرواية والأدب عام 2070 العهدُ الآتي كتاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *