همج تحت الطلب


*محمد الأسعد

يذكّر مشهدُ الكتب المحترقة والتماثيل المحطّمة وهمهماتِ الهمج في أروقة متحف الموصل، بأحداثٍ روائية كما في روايةِ خمسينيات القرن الآفل، “451 فهرنهايت”، للأميركي برادبري، وبقصيدةِ “في انتظار البرابرة” لليوناني كافافيس، ولكن الأكثر أهمية ووخزاً أنها تذكّر بحريقِ مكتباتٍ وإحراق كتّابٍ وتحطيمِ آثارٍ في تاريخ بلادٍ تتحوّلُ إلى أمكنةٍ بلا أزمنة. هذه المنطقة تعج الآن بما يقارب 300 مليون إنسان، ولا تحرك مشاهدُ حرق المكتبات والبشر وتدميرالمتاحف، عصباً فيهم أو نواح مكلومٍ أو مصدوم. يقول بعضُ مَن نطقَ أنه لا يفهم لماذا يحرقُ الهمجُ المكتبات، ولماذا يدمّرون مقتنياتِ ذاكرةِ تاريخ حضاراتِ بلادٍ عريقة، بلاد ما بين النهرين، وبعضهم ينتهز الفرصة ليشيد بنهب آثار البلدان العربية على أيدي المستعمرين الغربيين وعرضها أو تكديسها في متاحفهم، ويأسف لأن هؤلاء الهمج، حَمَلة المطارق بلباسهم الأسود، هم من أهل هذه البلاد. كلا الناطقين يتجاهل أن هؤلاء الهمج، محليين كانوا أو مستوردين، هم أيضاً صناعة شركات؛ شركات أسلحة وطاقة، وأخرى تجنّد مرتزقة.. حسب الطلب.

_____
*العربي الجديد

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *