من أدب الرحلات/ باريس ..من الألف إلى السين


* محمود شقير





خاص ( ثقافات )
الرحلة الأولى
1
سافرت إلى باريس مساء الخميس (12/9/1996) في مهمة مزدوجة. 
ذهبت إلى مطار اللد قبل موعد إقلاع الطائرة بثلاث ساعات، تحسباً من إجراءات الأمن الإسرائيلي التي ابتليت بها حينما سافرت إلى هولندا قبل أسبوعين. كانت الإجراءات مخففة على غير العادة. إنها رحلتي الأولى إلى باريس، يشدني فضول زائد إلى الرحلة التي انتظرتها زمناً. زرت من قبل عدداً من مدن أوروبا، ولم أزر باريس. 
تحتشد في ذهني صور للمدينة أمدتني بها الكتب التي قرأتها والأفلام التي شاهدتها. ثمة صور أخرى قادمة مما تركه بعض المبعوثين العرب إلى باريس، منذ مطلع القرن، من سير أدبية وانطباعات، علاوة على بعض الوقائع التاريخية التي عرفتها منذ كنت تلميذاً في المدرسة. (الكومونة، الباستيل مثلاً) كانت لباريس مكانة مرموقة في نفسي، وكنت أنتظر زيارتها بلهفة. 
وصلت مطار باريس في الساعة العاشرة ليلاً. كان أحد العاملين في مهرجان صحيفة اللومانيتيه ينتظرني في المطار. (وجهت لي دعوة لحضور هذا المهرجان باعتباري رئيس تحرير صحيفة “الطليعة” المقدسية) نقلني في سيارته إلى المكان الذي سيقام فيه المهرجان. بدا الرجل غير ميال للكلام، ربما لأنه لا يجيد اللغة الانجليزية التي أستعين بها للتخاطب معه، وربما لأنه راغب في الصمت في مثل هذه الساعة من الليل. سارت السيارة في شوارع مكتظة بالسيارات. ثمة بنايات متراصة بعضها سابح في عتمة خفيفة، وبعضها الآخر مكشوف تحت الأضواء. تمنيت ألا تتوقف السيارة عن السير، لكي أستمر في تأمل المشهد المتصل. 
لكننا وصلنا المكان أخيراً. تناولت طعام العشاء مع عدد من النساء والرجال، أغلبهم من العاملين في الإدارة والتنظيم أو في إعداد البنية التحتية للمهرجان. بدوا وديين وهم يتحدثون معي بالفرنسية التي لا أفهمها، أجيبهم بالانجليزية، فلا يفهمون ما أقول، مع ذلك، شعرت أننا متفاهمون على نحو ما، خصوصاً أن لغة الإشارات لعبت دوراً مساعداً في ذلك، ثم إننا لم نكن بصدد الدخول في حوارات خطيرة ذات شأن. نقلني أحدهم في سيارته إلى مكان السكن. سارت السيارة بنا ساعة على وجه التقريب. 
أقمت في غرفة صغيرة في السكن التابع للمدرسة الوطنية للحزب الشيوعي الفرنسي، بجوارها غرفة أخرى صغيرة لا يشغلها أحد. (سيأتي في الليلة التالية رفيق من باراغواي، في الستين من العمر أو أكثر قليلاً، للإقامة فيها) الغرفتان تشتركان في مغسلة واحدة وحمام ومرحاض. لا يوجد في الغرفة هاتف، لا توجد أية كؤوس فارغة. إنه سكن للطلاب. إنها حالة من التقشف لم أتوقعها. 
نمت نوماً عميقاً بسبب التعب. في الصباح، ذهبت إلى باريس في سيارة أجرة. كان صباحاً طازجاً والمدينة بدت بعد الاستيقاظ من النوم بهية رائقة. اتجهت إلى السفارة الفلسطينية، التقيت السفيرة ليلى شهيد. كان هناك جاك، وليد، وسمر من وزارة الثقافة، وهم أعضاء الوفد الذي ترأستُه في اللقاء مع مسؤولين في وزارة الخارجية الفرنسية (دائرة الشؤون الثقافية) بخصوص الموسم الثقافي الفلسطيني في باريس. (كم أمقت هذه اللقاءات الرسمية!) اتفقنا على تفاصيل البرنامج ونحن على مائدة الغداء. في الساعة الثالثة بعد الظهر اجتمعنا مع المسؤولين في معهد العالم العربي في باريس، من أجل الإعداد للأنشطة الثقافية التي سوف تتم بالتنسيق مع المعهد. أنهيت المهمة من دون تعقيدات بيروقراطية. شعرت بالراحة وأنا أنتهي منها. كانت المدينة تشعرني بالغربة أمام اتساعها وكثرة التفاصيل فيها.
هاتفت الرفاق الفرنسيين لكي يأتوا لاصطحابي إلى المهرجان. جاء سائق لا يعرف الانجليزية. كان اللجوء إلى الصمت (كما فعلت من قبل) هو أفضل وسيلة لترك السائق منسجماً مع نفسه، ولإعفائه من تحمل أعباء طارئة. استغرقت الرحلة من فندق “لوتيس” الذي يقيم فيه وفد وزارة الثقافة، إلى مقر المهرجان أكثر من ساعة. (بسبب أزمة السير في المساء، حيث يغادر الموظفون العمل عائدين إلى بيوتهم) 
تجولت بعض الوقت في منطقة المهرجان. ثمة مطاعم متنوعة، أماكن للغناء، وأماكن أخرى لبيع التحف والمصنوعات الشعبية. تناولت طعام العشاء في مطعم لمنتسبي الحزب من منطقة شمال فرنسا، رحبوا بي، أكلت صحناً من المفتول الشبيه بمفتول تونس مع قطعة من لحم الدجاج. كان معي رفيق فرنسي، اسمه “كلود”، وزوجته التي قالت بصوت خافت إنها “لور”، وهما من المتطوعين لتأدية الخدمات في المهرجان. لا يعرفان إلا القليل من اللغة الانجليزية. (ثمة مشكلة بخصوص اللغة، فالفرنسيون كما يبدو، مكتفون بلغتهم)
التقيت بالصدفة، يوسف فرح، أحد العاملين في صحيفة الاتحاد الحيفاوية. تحدثنا معاً بعض الوقت، تحررت من الانحباس اللغوي. انسجمنا بسرعة لأن ثمة وفرة من الموضوعات التي يمكننا التحدث حولها، ثم عدنا في الحافلة إلى موقع السكن. (تذمرت بيني وبين نفسي من هذا السكن) تصفحت الدليل السياحي المصور الذي اشتريته للتعرف إلى المدينة. عرفت أن عدد سكانها مليونان من البشر، ومن حولها مدن عدة، تتشكل منها باريس الكبرى وفيها عشرة ملايين نسمة. عرفت أيضاً أن تكاليف المعيشة في مركز باريس، حيث المدينة القديمة، غالية جداً. الطقس هذه الأيام معتدل، لكن أمطاراً غزيرة هطلت هنا قبل أيام. أمضيت ليلة ثانية في غرفة كأنها زنزانة.
2
أوصلتنا الحافلة في العاشرة والنصف صباحاً إلى موقع المهرجان. وجدت “لور” وزوجها في انتظاري. (إنهما في الأربعينيات من العمر. منسجمان في حياتهما المشتركة كما يبدو. يظهر ذلك في الإيماءات الدافئة التي تصدر من أحدهما تجاه الآخر) قدمت لهما بعض الهدايا التذكارية من القدس. (منحوتات خشبية ذات مضمون مسيحي) تأملاها بإعجاب ثم أبديا امتنانهما لي. ذهبنا في جولة إلى بعض الأسواق التي تشكل جزءاً من عالم المهرجان. زرنا معرضاً للفن التشكيلي مكرساً لذكرى الحرب الأهلية الإسبانية. كانت هنالك لوحات فنية لفنانين فرنسيين وآخرين. (أعجبتني لوحة اسمها “أيقونة للوركا”) ثمة لوحات واقعية وأخرى تجريدية. ثمة لوحات مصممة بطريقة الكولاج وأخرى مرسومة على أقمشة وبطانيات. لوحة “الجورنيكا” لبيكاسو مثبتة في صدر المعرض، باعتبارها الأكثر تعبيراً عن جرائم الفاشيين أيام الحرب الأهلية. اشتريت قرصاً مدمجاً (سي. دي) يشتمل على أغان عن تلك الحرب التي شارك فيها متطوعون من جنسيات مختلفة، لدحر الفاشية.
تناولنا طعام الغداء في مطعم خاص بالمنطقة الحزبية الواقعة جنوب باريس. أكلنا قطعاً من لحم البقر المشوي، وانتهينا بتناول بعض أنواع الجبنة الفرنسية، ثم شربنا القهوة. كانت في المطعم فرقة موسيقية تعزف ألحاناً شعبية، وثمة فتاتان من الفرقة ترقصان معاً. بعد ذلك، أخذت شابات وشبان يرقصون في حيز ضيق. ثمة رغبة واضحة في كسر روتين الحياة اليومية. كان المشهد بهيجاً. غادرنا المطعم لحضور اجتماع يتحدث فيه قادة الحزب. 
كان ثمة جمع غفير من الناس، بينهم أعداد كبيرة من الشابات والشباب الذين جاءوا للاستماع إلى الموسيقى الصاخبة، فيما الراقصون يرقصون على أنغامها. قالت لي المرافقة: سوف يستمر الغناء والرقص حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً. حلّ الصمت حينما ألقت إحدى نشيطات الحزب خطاباً استغرق حوالي خمس عشرة دقيقة، تحدثتْ فيه عن الأوضاع الداخلية في فرنسا. الأمين العام للحزب وأعضاء اللجنة المركزية يقفون على خشبة المسرح الكبير على نحو يوحي بالمهابة. آلاف الناس من أعضاء الحزب وأنصاره يتجمهرون في الساحة الكبيرة ويتابعون الخطاب. تذكرت بيني وبين نفسي مسيرة هذا الحزب. المسيرة التي تراوحت بين النهوض اللافت للانتباه حيناً، والتراجع المفاجئ حيناً آخر. 
غادرنا الساحة إلى مقهى فسيح. (المطاعم والمقاهي والمكتبات والمعارض مبنية من مواد خفيفة يسهل فكّها ونقلها بعد المهرجان) هناك، سينعقد حوار حول القضية الفلسطينية، سأكون أنا المتحدث الرئيس فيه. سأتحدث عن مصاعب التسوية السلمية بعد مجيء حزب الليكود إلى السلطة في إسرائيل. سألاحظ وجود ندوات عديدة في مختلف مواقع المهرجان. إحدى هذه الندوات كانت مكرسة للدفاع عن الصحافي الأمريكي الأسود، موميا أبو جمال، الذي اتهم بقتل شرطي أمريكي العام 1981، ثم حكم عليه بالإعدام العام 1982. ثمة حملة تضامن تقوم بها منظمات سياسية وحقوقية عالمية، تطالب بإعادة محاكمته وباستبعاد عقوبة الإعدام، على اعتبار أن محاكمته الأولى شابتها خروقات تشجع على الطعن فيها. الرجل الذي يعيش في زنزانة الموت منذ سنوات طويلة، منتظراً تنفيذ حكم الإعدام فيه أو إبطاله، يواصل كتابة المقالات وتأليف الكتب. صدرت له ثلاثة كتب ترجمت إلى عدد من اللغات.
في السابعة والنصف مساء، كنا في حفل استقبال أقامه الحزب الشيوعي الفرنسي للضيوف الأجانب. الحفل مكرس للتعارف وتبادل الآراء. تحدثت مع عدد من الرفاق الفرنسيين، حول بعض جوانب معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال. استمعتُ إلى شاب كردي وفتاة، يتحدثان عن معاناة الشعب الكردي من عسف النظام العراقي. تعاطفت معهما وتلقيت منهما بعض المطبوعات التي تدافع عن حقوق الأكراد.
أخذنا الرفاق الفرنسيون في رحلة ليلية داخل باريس. مرت بنا الحافلة بالقرب من برج إيفل. كان البرج مضاء من كل جوانبه. سارت الحافلة في شارع جورج الخامس. ثمة أبنية وتماثيل كثيرة. من نافذة الحافلة أرى بناية اللوفر، التي كانت في زمن سابق قصراً للملك الفرنسي. أرى القبة المذهبة لمبنى الإنفاليدز، أرى كنيسة القلب المقدس، مبنى البرلمان. الحافلة تمضي متنقلة في قلب باريس. في قلبها أناس قادمون من بلدان شتى، في قلوبهم حلم بعدالة سوف تأتي ذات يوم. 
3
بعد انتهاء المهرجان، انتقلت إلى فندق لوتيس. وصلت إليه في العاشرة والنصف ليلاً. أوصلني “كلود” و “لور” في سيارتهما. دار بيننا حديث متقطع. افترقنا عند مدخل الفندق. كان جاك قد غادر إلى فيينا، وغادرت سمر مع وليد إلى روما. سلمني موظف الفندق مفتاح غرفة في الطابق الثاني. الغرفة صغيرة، لكنها أرحب من غرفة السكن التابع للمدرسة الوطنية. 
نمت نوماً مضطرباً. تناولت طعام الفطور، وأنا أفكر بالتوجه إلى شارع الشانزليزيه. هذا الشارع علق بذهني منذ ابتدأت أقرأ قبل سنوات طويلة لبعض الكتاب الفرنسيين. (سارتر مثلاً) ابتدأت بميدان الكونكورد. (هنا جزت المقصلة أعناق الكثيرين. لويس السادس عشر وزوجته ماري أنطوانيت. روبسبير أيضاً وآخرين) شاهدت في وسط الميدان المسلة الفرعونية القادمة من مصر. اقتربت من شارع الشانزليزيه، مشيت فيه بإحساس من يعيش داخل نص روائي. على جانبيه بنايات متصلة تشغلها شركات وبنوك ومصارف ومطاعم ومقاهٍ ومعارض للسيارات ومحلات لأحدث الأزياء. تبدو الأناقة واضحة في كل شيء هنا، والشخص المفضل هو الذي يملك المال الوفير. وصلت قوس النصر، صعدت إلى قمته وسط حشد من الناس. تفرجت على باريس من علو شاهق. تترامى المدينة على مدى النظر في ما يشبه الدائرة الضخمة، تقسمها الشوارع الطويلة المستقيمة إلى مثلثات تلتقي رؤوسها عند الساحة التي يقع فيها قوس النصر. 
منذ سنوات وأنا أسمع بمتحف اللوفر وأقرأ عنه، والآن أنا في اللوفر أمام الموناليزا بابتسامتها الغامضة. (أحد شخوص رواية “جوستين” للورانس داريل، يرى أن هذه الابتسامة الغامضة تذكره بأمه، فيما يرى سارد الرواية أنها ابتسامة امرأة قد أكلت وجبة الغداء لتوّها مع رجل آخر غير زوجها) وأمام أعمال فنية لبعض فناني فرنسا في القرن الثامن عشر، ولبعض فناني إيطاليا من القرن الثاني عشر حتى القرن الخامس عشر. رسوم القرن الثاني عشر مكرسة للمسيح ولموضوعات دينية أخرى، غير أنها تتسم بشيء من الواقعية بالمقارنة مع رسوم القرون اللاحقة، خصوصاً رسوم القرنين الخامس عشر والسادس عشر، حيث تظهر هنا الرغبة في المبالغة وفي تجميل صور القديسين، وإظهارها في هالة من المهابة والتبجيل. 
تجولت طويلاً في أنحاء المتحف، وكلما تعبت جلست على مقعد هنا أو هناك وسط حشود من البشر القادمين من شتى أنحاء الدنيا. توقفت عند لوحة أعادتني إلى ما يجري في بلادي: يظهر دافيد في اللوحة حاملاً المقلاع وبين يديه رأس جوليات بعد أن تمكن من قتله. توقفت عند لوحة أخرى كبيرة جداً عن عرس في قانا الجليل. ثمة لوحات دينية أثارت انتباهي عن القدس وبيت لحم. 
أسعى نحو أماكن أخرى انطبعت في ذهني من قراءة الكتب: كنيسة النوتردام. كنيسة انتهى بناؤها في القرن الخامس عشر، تتميز بنمط بنائها القوطي الذي يدفع الإنسان إلى الإحساس بفخامة المعمار. (تذكرت كنيسة سان فيتوس في براغ، ذات النمط القوطي الذي يتميز بالنوافذ الدائرية وبالسقوف العالية التي تطاول السماء) تجولت في أرجائها الفسيحة. (هنا تُوج نابليون امبراطوراً). غادرتها إلى الحي اللاتيني، بشوارعه الضيقة، ومقاهيه الكثيرة التي كانت مقراً لنخب من المثقفين والفنانين الطليعيين. شاهدت من مسافة ما مبنى جامعة السوربون. امتزجت في ذهني وقائع التاريخ بالسير الشخصية لأدباء وفلاسفة كانوا هنا، ولم يمضوا إلا بعد أن تركوا أثراً واضحاً على عصر بكامله.
عدت إلى الفندق.كان الطقس صيفياً مشمساً، وأهل باريس يعيشون يوماً حافلاً. (تخيلتهم سعداء لاهين! لكن من يدري؟ لكل إنسان همومه التي تؤرقه) أتصفح الدليل السياحي: في فرنسا البالغ عدد سكانها 60 مليوناً من البشر، ثمة 5 ملايين من الأقليات. أكبر الأقليات عدداً، هم العرب من شمال إفريقيا، (المغرب، الجزائر، وتونس) الذين يبلغ تعدادهم حوالي مليون ونصف المليون نسمة. أقرأ في الصحف أن ثمة تصعيداً للنزعة العنصرية ضد الأقليات، يقودها حزب لوبان اليميني المتطرف، الذي يعادي الأقليات ويعتبرها سبباً في تزايد الصعوبات الاقتصادية والبطالة، التي تعاني منها بعض قطاعات الشعب الفرنسي. (يلغي الصراع الطبقي ضد الرأسماليين لصالح الصراع الإثني ضد الأقليات)
في الصباح، ألقيت نظرة أخيرة على الغرفة التي أقمت فيها ليلتين. غرفة صغيرة ذات ستارة زرقاء، لم أحبها مثلما أحببت غرفاً أخرى في فنادق أخرى. غادرتها إلى صالة الفندق، في انتظار “لور” وزوجها اللذين سيقومان بإيصالي إلى محطة المترو، المترو الذي سيذهب بي إلى المطار، حيث الطائرة التي ستأخذني إلى الوطن.
_________
*روائي وقاص من فلسطين 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *